Culture Magazine Saturday  28/09/2013 G Issue 413
حوار
السبت 22 ,ذو القعدة 1434   العدد  413
 
«مسرح كيف» خدمة نوعية للمجتمع
مدخلي: وجود المسرح في مؤتمر الأدباء مؤشر استحواذ

 

كاتب وباحث مسرحي، شارك في العديد من المسرحيات كممثل ومؤلف ومخرج ودراماتورج عمل لسنوات على التجارب المسرحية البحثية وشارك في تأسيس عدد من التنظيمات المسرحية الدولية منها: الجمعية العربية لنقاد المسرح، وأسس محترف وفرقة كيف للفنون المسرحية، وأنتج أبحاثاً أكاديمية في مجال علم الاجتماع الثقافي منها (المسرح والمجتمع بين الأهمية والأثر)، (أزمة المسرح السعودي)، (الجملة الدرامية في المسرحية السعودية). وشارك كعضو في تحكيم عدد من المهرجانات وقدّم الدورات التدريبية والورش الفنية المسرحية في مجالات الكتابة والتمثيل والإدارة المسرحية وتقنيات السينوغرافيا. شارك في العديد من المهرجانات والملتقيات وكتب عدداً من الدراسات المسرحية. تعرفنا على ياسر مدخلي عن قرب وتبادلنا معه هذا الحوار.

***

لست مخرجاً

* كيف تفسر علاقتك كمخرج مع كاتب مسرحي؟

- أولاً لست مخرجاً، بل ممارس للإخراج على منهج بحثي يستند إلى أسس وخطط علمية نستند فيها على التجربة، وهذا كلّه يسير في مرحلية تخدم البحث العلمي الذي أقوم به منذ سنوات للوصول إلى معايير ومحددات لمسرح تكتمل فيه الصنعة بين التمثيل والتأليف والإخراج بمعية باقي الفنون، والمخرج الرصين يبدأ مع النص من حيث انتهى، حيث يقوده النص إلى آفاق أوسع ولا يقود هو النص إلى نصوص أخرى، أي أن المستوى الذي يصل إليه المخرج (أعمق) وأجزل ومتى تحوّل المخرج إلى نص آخر كمتمرد ثائر، فإنه يلغيه، وفي النهاية لا نقيس أسلوباً بأنه صحيح وننعت الآخر بالخطأ ولكن الصورة النهائية سواء رضي بها المؤلف أو لم يرض فهي تجير لحساب المخرج أولاً سواء أكانت جيدة أم رديئة؟

الرؤية سر «كيف»

*من أين يستمد محترَف كيف طاقته للتواصل في العمل والتجريب، بينما تقف أكثر الفرق والمؤسسات المسرحية الرسمية في المملكة عند حد العرضين سنوياً كما هو منصوص عليه في الخطة السنوية لجمعية الثقافة والفنون؟

- نحن لا نقاس على غيرنا ولا يقاس غيرنا علينا، نحن حالة مختلفة عن بقية الفرق والجمعيات، فنحن نعتقد أننا لا نتوقف عن العقبات لأنها ببساطة تأخذنا إلى مذاهب التغيير والإبداع، ونحن لا ننتظر ميزانيات أو اعتماد خطط، نحن مستقلون تماماً لا يقيدنا شيء ضمن نظام الوزارة ولائحة الجمعية في كل ما نعمل، وأعتقد أن الرؤية المشتركة بين الأعضاء في كيف هي سر الاستمرار للكيان وإن تخلف أحد الأعضاء أو اعتذر أو انتقل، فمحترَف كيف للفنون المسرحية يركن منذ تأسيسه إلى نظام أساسي متجدد يعتمد على الاستدامة والحزم ووضوح الأهداف ولاسيما أننا أوجدنا لوائح تنفيذية تخدم الوضوح الإجرائي لجميع النواحي الإدارية والفنية ليصبح العمل واضحاً معروفاً تقل فيه نسبة الخلاف والخطأ.

نتطلع للدعم

*على ماذا تراهن أنت ورفاقك وأنتم تبذرون مسرحاً تذروه الرياح؟

- مسرحنا مؤرخ ومسجل وأعمالنا تم تقديرها من جهات مهمة مثل الهيئة العربية للمسرح والهيئة الدولية للمسرح التابعة لليونيسكو والندوة العالمية للشباب الإسلامي، جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، إمارة منطقة مكة المكرمة، بيت الشباب بجدة، جمعية المسرحيين السعوديين، وجمعية الثقافة والفنون، وأمانة جدة، ومكتبة جدة العامة، وأمانة العاصمة المقدسة، وشركة أفيردا العالمية، ومركز الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب وغيرها من الجهات التي ساندت المحترف وعلى رأسها وزارة الثقافة والإعلام متمثلة في وكالة الوزارة للشئون الثقافية وهو دعم نعتبره بالنسبة لنا مهماً ورئيسياً. فكيف لمسرحنا أن تذروه الرياح وهذه الجهات وغيرها من الأسماء المسرحية الكبيرة التفتت إلينا وساندت ما نقوم به ولا زلنا نتطلع للدعم على مستوى المال والبنى التحتية.

تجارب المحترف

* صف لنا تجاربك في مسرح كيف؟

- قدَّم المحترف أولى تجاربه (الموازنة بين الجماهيرية والنخبوية) حيث نجح العرض في الإرضاء برغم شكله المختلف الذي صدم الجمهور بتجربة أخرى تم زرعها فيه، حيث امتلأ العمل المسرحي (خطيرين) بتعدد المواضيع والنقاشات في قضاياه الراهنة – آنذاك- وبإطار كوميدي واللهجة المحكية ولكن الإخراج جاء ليزوج النص الاجتماعي الواقعي بتقشف مال للرمزية في الديكور والأزياء.

ولحقته تجربة نصية في مسرحية (عزف اليمام) وهي تجربة (التكثيف) التي قال عنها الناقد صباح الأنباري «فإنه من دواعي الفخر أن نقول: إنه نص استقراء الظرف العربي بوجه عام، والعراقي بوجه خاص، واقترح ما ستؤول إليه الأمور في قادم الأيام فضلاً عن اشتغاله على التجريبية كمرتكز أساسي من مرتكزات النص المسرحي المحدث».

وجاءت بعد ذلك تجربة «مجانين» التي كانت حول (تعميم) الزمان والمكان والشخصيات مما عزز لدينا النتائج البحثية بأن هذه العناصر الدرامية ليست ذات قيمة متى أتقن العمل من حيث حبكة الحكاية وارتباطها الشديد بالهم الإنساني. وتلته مسرحية «ظلا» التي كانت (تجربة بحثية استقرائية) لمدى جودة النتائج التي تم التوصل إليها سابقاً مما جعلها نموذجاً لمسرحية طبقت كبحث تجريبي على عينتين ونجحت في الوصول إلى نتائج متشابهة.

لقد استفاد المحترف من جميع تجاربه للوصول على معايير الصنعة المسرحية النوعية التي تناسب أكبر قدر من الجماهير وذلك لأن المحترف والقائمين عليه يهدفون إلى تأسيس منهج مسرحي مبتكر خصوصاً وأن الحراك المسرحي في السعودية لازال محدود التأثير وضعيف الجذب ولم يصل لمستوى المأمول كوسيط للتنشئة الاجتماعية أو على الأقل كجنس فني ترفيهي مفيد.

وهناك مسرحيات أخرى قدمناها كانت تصمم باعتبار نتائج سبق الوصول إليها ونجاحها دفعنا للاستمرار كمسرحية « أشباح» و «Green land» ومسرحية «كلنا واحد» ومسرحية “friends of the Earth” و»التاج بين أوديب وهاملت» «البرمائي». وأخيرا مسرحية «عميان» التي تجيء كثمرة أولى لمسرح كيف بمنهجه العام في تدريب الممثلين وصياغة النص وإخراجه ليعطي المحترف جمهوره الذي رافقه في تجاربه السابقة أولى أعماله الممهنجة والقائمة على النتائج السابقة ليقول للجميع: إن مشروع مسرح كيف يسعى ليقدم مسرحاً جديداً كنوع بُنِيَ على محددات توصلنا إليها بالتجربة الحقيقية وليس بالتنظير، فلازالت الاستبانات موجودة والتسجيلات وكثير من الرؤى الصحفية والتقارير التلفزيونية واللقاءات الإذاعية، ولازال العمل أمامنا في تصميم هذا المنهج.

مبادرات استراتيجية

* تقوم «كيف» بعدد من المبادرات من أين توفرون الدعم لهذه المبادرات؟

- لدينا عدد من المبادرات التي تعتمد على صندوق المحترف المالي، فالدعم الذاتي من خلال ما يستقطعه الصندوق من الإيراد الذي يدخل للمحترف وأعماله من العضوية والعروض المسرحية، وأيضاً نعتمد على تطوع المشاركين في اللجان العاملة للتنظيم والعلاقات واللجان الفنية، وبفضل الله اعتمد المحترف تقديم فعاليات سنوية مثل ملتقى إستراتيجية المسرح بجدة ومهرجان أثمون جدة المسرحي بالإضافة إلى مبادراتنا في مرصد المسرح السعودي والبث المباشر وغيرها من المبادرات التي نتبناها في برمجة فعالياتنا السنوية والفضل يعود بعد الله لأعضاء المحترف وللمسرحيين والإعلاميين المتعاونين معنا.

جمعية المسرحيين فقيرة

* كيف تقيم جمعية المسرحيين السعوديين بكل أمانة وصدق؟

- بالرغم من أن جمعية المسرحيين السعوديين فقيرة مالياً وإجرائياً، لكنني أعتقد أن الجمعية قدمت منجزاً مهماً في بدايتها على مستوى المناسبات والتنظيم ولكن التخطيط في نظري لم يؤخذ على محمل الجد فالتأسيس كان هزيلاً بعض الشيء وفي نظري الجمعية اليوم بحاجة إلى خطة إنقاذ لن تنجح إلا حين تتلاءم الجمعية مع السياسة الإعلامية والثقافية في الوطن وتنتمي بالضرورة إلى التنمية الشاملة في البلاد بدعم من وكالة الوزارة للشئون الثقافية والوكالة مهتمة جداً بإعادة الجمعية إلى نصابها الصحيح ولكني أعتقد أنها بحاجة لوقت كافٍ.

التجريب والجماهيرية

* السائد أن العروض المسرحية التجريبية لا تحظى بالقبول الجماهيري الذي تعود على نوعية مختلفة من المسرح، ألا تضعون الجمهور في اعتباركم كشريك في الصياغة النهائية للعرض خاصة أنكم لا تلتقون مع المسرح الذي يفهمه هذا الجمهور؟

- ربما تقصد المسرح النخبوي، لأن النخبوي يكون في نطاق ضيق جماهيرياً.. إن هدفنا منذ السنوات الأولى للمحترف / الفرقة، هو العمل البحثي الذي يخضع للتجربة وكان المتلقي (الجمهور) أحد أطراف التجربة وعينات البحث، والمسرح التجريبي لا يتعارض مع المسرح الجماهيري، وقد توصلنا في مسرح كيف إلى نموذج مسرحية يزاوج بين الجماهيرية والنخبوية من خلال التجربة التي نعمل عليها منذ سنوات. والمنتجون اليوم أصبحوا يبحثون عن مسرحنا ويؤيدون توجهه لأنه يضمن المهنية والصنعة المتألفة مع وجدان الجمهور في مسرح كيف، حيث أني طلبت كمخرج ومؤلف والزملاء الأعضاء في أعمال مسرحية وتلفزيونية كان لكيف أثر كبير في تكوين شخصيتنا الفنية والثقافية التي جعلت مستوى الكفاءة مميزاً.

التأليف مهارة

* كثير من النصوص المسرحية العربية هي نصوص أدبية تحتاج إلى إعداد قبل نقلها على الخشبة، بينما تكتب نصوصاً جاهزة للعرض على الخشبة، كيف توازن بين البعد الأدبي والفني للنص المسرحي من نظرة إخراجية؟

- النص الأدبي المسرحي يتميز بالدراماتيكية التي تجعله مؤهلاً للتنفيذ (العرض) والنص الأدبي البحت تغلب عليه السردية، والنصوص المسرحية ليست أحادية البعد أي أنها تحتوي على البعد الدرامي، هذا إذا تكلمنا بعيداً عن المسرح الذهني، ولكن في كتاباتي أعمد إلى كتابة الأحداث مستنداً إلى نتائج تجاربي السابقة حيث أربط الحوار بالقضية وما يمكن أن يسقط فيه من قضايا مرتبطة، وللتناص حرفية مهمة والدلالات مهارة تساعد المؤلف في اختصار الحوار بالحركة والإيماء والديكور المتخيل، وأنا قاسٍ جداً على نصوصي عندما أخرجها على خشبة المسرح، حيث أني أعيد كتابتها بعد الإجابة على تساؤلات جديدة وكشف المتعلقات وما وراء النص وصناعة سينوغرافيا العرض لتكوين مشهدية متكاملة النص فيها يقود العرض لمخرَج مختلف.

المسرحيون ليسوا أطفالاً

*يتهمك البعض بأنك من تحرض المسرحيين ضد جمعية الثقافة والفنون بجدة لأنهم لم يختاروك رئيساً لفرقتها؟ هل هذا صحيح؟ وما حجتك؟

- أضحكتني، المسرحيون ليسوا أطفالاً حتى يقودهم صاحب مصلحة شخصية، ولست مؤهلاً للتغرير بالآخرين لأنهم أكبر مني سناً وعطاءً، وجمعية الثقافة الفنون بجدة لا تحتاج لمن يحرض عليها، وعليها أن تلجم من تتهمهم بالمحرضين بالتخطيط السليم والإنتاج الرصين، وعن رغبتي في رئاسة لجنة المسرح فهذا أمر غريب لا يدعيه إلا من يجهل من هو ياسر مدخلي؟ ويعرف كم مرة رفضت أن أرشح لهذا الموقع؟ لأني أملك كياناً مسرحياً بارزاً ولا ينبغي لي أن أترأس كياناً مسرحياً آخر لأن هذا يخالف المهنية في نظري. و ليس من تطلعاتي التي استهدفها والواقع يؤكد أن المشكلة ليست مع ياسر بذاته، المشكلة مع (المسرح والثقافة) وهناك من يزعم أنه صالح للمكان ويحاول أن يخدع المثقفين والفنانين للتمسك به وهو لا يستطيع أن يتحمل أعباءه بل يهمه أن يحارب الآخرين من خلاله أو تنفيذ أجندة فكرية خاصة حتى لو كانت مخالفة لتوجه الكيان الذي يخدم الوطن وأبناءه.

لجنة استشارية

* هل هناك مشكلة مع اللجنة الإعلامية بفنون جدة ورئيسها؟ بكل صراحة ووضوح وكيف تقيمها؟

- لا أريد فتح باب لمسألة أقنعت نفسي بأنها تافهة وهامشية لأني أركز في العمل والإنتاج وليس في فتح الجبهات وممارسة الكلام هنا وهناك ولكن أتمنى من السيد مدير الجمعية التسريع والبت في مقترحات المثقفين والفنانين التي تلوناها عليه في اللقاء الوحيد الذي جمعنا به منذ أكثر من عامين، ليحقق مطالبهم ويصل بهم إلى تطلعاتهم محققاً لأهداف الجمعية كوسيط ثقافي، وقد تبرعنا نحن مجموعة من المسرحيين لتكوين لجنة تطوعية استشارية وبحسب إفادة ريان ثقة عضو اللجنة أنها على طاولة مدير الفرع حتى الآن وها هي الفرق الخاصة ترفض المشاركة في المهرجان المسرحي والجمعية لا تهتم.

طريقة تفكير

* كيف ترى مستقبل المسرح السعودي في ظل التغيّرات التي تطرأ على مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون؟

- أعتقد أن مستقبل المسرح السعودي ليس في يد المسئول وحده، بل في يد المسرحيين أنفسهم، لأنهم متى استشعروا النقص سيعملون على سد حاجتهم بالكفاح لتحقيق المسرح كحراك وثقافة وليس كعروض محدودة، فجمعية المسرحيين شبه متوقفة لولا أن الرئيس يقوم بأعمالها كآخر عنصر في مجلس الإدارة المستقيل، وجمعية الثقافة والفنون تنظر للمسرح نظرة محاسبية فيتم تقسيم الميزانية على 16 فرعاً وكل فرع يقسم ميزانيته على 6 أقسام ولجان فتكون النتيجة!! وكل طلب يوجه لمدير عام الجمعية من أي فرع يبدأ بالتفكير فيه باستحضار الفروع الباقية واللجان الأخرى، فهل هذه النظرة صحيحة؟ لذلك تحولت مسئولية الحراك المسرحي إلى المسرحيين وخشبتهم بعيداً عن الكراسي والمكاتب التي يسير تفكيرها بطريقة لا تتلاءم مع الواقع من وجهة نظري. ووجود رجل كالأستاذ سلطان البازعي في صدر مجلس إدارة الجمعية نعتقد أنه سيغيّر الكثير ولكننا لم نر شيئاً حتى الآن لكننا مصرون على أن وجوده سيكوِّن نقلة لحراك الثقافة والفنون استناداً على نجاحاته البراقة في سيرته المعروفة.

مؤتمر الأدباء

* كيف وجدت مشاركتك كمسرحي في مؤتمر الأدباء الرابع؟

- إن وجود المسرح في هذا المؤتمر مؤشر يدل على استحواذ المسرح لمساحة جيدة على مستوى الحركة الثقافية يتعاطى همومه وإشكالاته عدد كبير ومهم وقد ناقشنا الإشكالات وأهم القضايا وخلصنا إلى أن المشكلة مركبة ومعقدة ولكنها لا تحل إلا بعمل المسرحيين على خطط واستراتيجية واضحة على مستوى الفرق والمؤسسات، وقد حان الوقت لنبذ الشخصنة سعياً لتقديم إنتاج أفضل وأجود.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة