Culture Magazine Thursday  30/05/2013 G Issue 408
فضاءات
الخميس 20 ,رجب 1434   العدد  408
 
مداخلات لغوية
مـُختَصّ ومتخصّص وأخصّائيّ
أبو أوس إبراهيم الشمسان

 

هذه ثلاثة أوصاف يطلقها الناس على من انفرد بعلم أو أمر وعرف به، فيقال هو مختَصّ ومتخصّص وأخصّائي، وليست هذه الأوصاف سواء في دلالتها وصحتها، فالوصفان الأولان صحيحان وأما الثالث فمتوقف فيه، وإن أجازه مجمع اللغة العربية.

أما الوصف (مختَصّ) فهو من المشترك اللفظي؛ إذ هو بصورته الظاهرة يستعمل للدلالة على اسم الفاعل من الفعل (اختصّ) وعلى اسم المفعول منه أيضًا، تقول خصصت زيدًا بعنايتي فأنا خاصّ، وزيد مخصوص بالعناية، وتقول اختصصتُ زيدًا بعنايتي فأنا مُختصٌ زيدًا بعنايتي، وأصله قبل الإدغام (مُختصِص)، ثمّ حذفت الكسرة بالإدغام (مُختَصّ)، وكذلك خُصَّ زيدٌ بعنايتي فهو مُختصّ بها، مثل مخصوص بها، وأصله قبل الإدغام (مُختصَص)، ثم حذفت الكسرة بالإدغام (مُختَصّ)، وهكذا صارت مُختصّ اسم فاعل واسم مفعول. ويستعمل الفعل (اختصّ) لازمًا حين يدل على ما يسمى عند الصرفيين بالمطاوعة، تقول: خصصته بالأمر فاختصّ به، وهو ما يدل على الانعكاسية عند المحدثين، أي فعل الفاعل بنفسه، فمعنى اختصّ زيدٌ بالأمر أي خصّ نفسَه به، أو اختصّ نفسَه به أيضًا، ومثله (تخصّص) أيّ خصّص نفسَه بالشيء أو للشيء على نحو من المبالغة، جاء في لسان العرب «وَيُقَالُ: اخْتصّ فلانٌ بالأَمر وتخصّصَ لَهُ إِذا انْفَرَدَ». واسم الفاعل من (تخصّص) هو مُتَخَصِّص أي عارف بهذا العلم أو الشيء خاصة، واستعمال هذا الوصف أولى عندي لسلامته من الاشتراك اللفظي الذي ذكرته في مُختَصّ.

أمّا قولهم (إخْصائي) أو (إخصّائي) أو (أخصّائي)، فأجاز مجمع اللغة العربية في القاهرة استعمال ذلك، جاء في (من القرارات المجمعية) أنّ كلمتي إخْصائي - وأخِصَّائي لم تردا في مأثور اللغة، وذلك يثير الشك في صوابهما و»اللجنة ترى إجازة استعمال الكلمتين على أن تكون كلمة إخصائي نسبة إلى إخْصاء على وزن (إنشاء) من الفعل (أخصى) بمعنى تعلم علمًا واحدًا، كما جاء في (القاموس المحيط) أو أن تكون الكلمة (إخْصائي) محولة عن الفعل (أخْصى) بفك الإدغام، وحذف أحد الحرفين المتماثلين، وتعويض الألف عنه. وأما كلمة «أخِصَّائي» فهي نسبة إلى الأخِصَّاء على وزن أخِلَّاء وأشِدَّاء، وهو الرجل المنسوب إلى الإخصاء المضاف إلى جملتهم، والأخصاء جمع (خصيص) بوزن خليل وشديد»(1). وقد ردّ مصطفى جواد هذا وأوصى بأن يقال «طبيب متخصّص وأطباء متخصّصون» وذهب إلى أن واضع المصطلح ظن أن الإخصاء للمدح والتنبيه والتنويه ووصف هذا النسب بأنه مخالف للذوق(2).

وليس ما ذهبت إليه لجنة المجمع بصواب عندي، فالهمزة من المنسوب همزة وصل لا قطع وهذا يبعدها من أن تكون من أخصى أو جمع خصيص المهمل؛ ولعلّ (اخْصائيّ واِخِصّائيّ واَخِصّائي) محولّة على غير قياس من اخْتِصاصيّ بالنسب إلى المصدر (اخْتِصاص)، وإنما صار إلى (اِخِصّائي) بقلب مكانيّ بين التاء وكسرتها، فسكنت التاء فأدغمت في الصاد (اِخِتْصاصيّ> اِخِصّاصيّ) وأبدلت الصاد همزة تجنبًا للمتماثلات (اِخِصّائيّ)، ثم منهم من فتح همزة الوصل (اَخِصّائيّ)، ومنهم من خفّف اللفظ فسكن الخاء وحذف إحدى الصادين المدغمتين.

وأرى أربعة الألفاظ (مُختصّ، ومتخصّص، واختصاصيّ، واِخِصّائيّ) جائزة الاستعمال، أوضحها مُتخصِّص، وأسهلها في السبك الاصطلاحيّ (أخِصّائيّ) بتركيب إضافي، نحو (اِخِصّائيّ الجراحة).

(1) محمد شوقي أمين وإبراهيم الترزي، القرارات المجمعية في الألفاظ والأساليب، ص244.

(2) مصطفى جواد، قل ولا تقل، 68.

الرياض
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7987 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة