Saturday 30/11/2013 Issue 419 السبت 26 ,محرم 1435 العدد
30/11/2013

الحضارة .. والتجديد العلمي

تتمثَّل اللغة العربية بما تتمثَّل به غيرها من سائر اللغات، وإنما مرد هذا كله إلى إيصال المعنى المراد للمخاطب لكن هناك البون الشاسع بين لغة ولغة أخرى ويكون هذا الفرق أول ما يكون في حقيقة استيفاء كافة المعنى بقلة اللفظ وقلة الألفاظ وفيما جاء القرآن الكريم شمخت (اللغة العربية) شموخا ًسيداً وتعالت بواقعية الإضافة وحقيقة الإضافات.

والعرب ذوو ملكة وسليقة يعرفون بهما الغث من السمين، الحسن من السيئ، الرديء من الجيد.

كيف وهم مرجع القول وأساسه في اللغة ودلالتها على المعاني.

لكن حينما تعالت اللغة وسمت اللغة وظهرت على حال لم تكن عليها من قبل أوصل هذا العرب إلى حيز ناهض مبين جيد، كان له الأثر البالغ البيّن في تأثير هذا الدين على حضارة فارس والروم والهند، ومن قبل كان العرب هم من يقلّد هذه الحضارات بحلوها ومرها، بجميلها وقبيحها، بخيرها وشرها، الأمر الذي جعل كثيراً من العجم يجوسون خلال الديار ليصلوا إلى العلم وأصله واللغة وأصلها والنحو وأصله والبلاغة وأصلها، بل زاد الأمر إلى أن استفادوا سياسياً وإدارياً وطبياً واقتصادياً واجتماعياً استفادوا ونقلوا فكان تأثير الإرث العلمي الإسلامي ظاهراً في كثير من علوم وتراث الحضارة الفارسية والرومية والهندية وذلك كان إلى حدود القرن (السابع.. هـ).

فهذا البخاري يبوّب في صحيحه (كتاب: الطب) ومثله فعل مسلم في: صحيحه، (كتاب الطب)، وهكذا جاء كثير من القوم من كل فج عميق ينشدون أصول العلم وأسس الحضارة ليأخذوا بها تطبيقاً حرفياً لتنهض بعد ذلك الحضارات أخذاً من علو كعب تأصيل وتقعيد الحياة تلك التي جاء بها (القرآن) وجاءت به السنة الصحيحة.

ولقد كان يعجبني كثيراً كثيراً محاولة، بل محاولات متنوِّعة تقوم بين حين وحين وذلك حول: اللغة وحول: التصنيف وحول تجديد سياسة الإدارة والاجتماع والاقتصاد، ومحاولة جادة مركَّزة نحو: نهوض العلم وإيجاد المجتهد الحذق النحرير كل ذلك يعجبني جداً، وتلك علاقة حسنة على محاولة ومحاولة وثالثة لبلوغ ما بلغه الترمذي مثلاً أو الدار قطني أو ما بلغه أبو يوسف ومحمد الشيباني أو ما بلغه ابن قتيبة أو الدنيوري، أو ما بلغه سيبويه أو ابن جني أو السيرافي أو ما بلغه ابن عقيل أو ابن هشام.

لكني أنحو باللائمة كثيراً على كثرة الندوات واللقاءات وبعض المؤتمرات وما يكون فيها من تكرار ومعاودة لنفس القول من قبل.

وهذا ليس جيداً تماماً وإن كان ينبي عن خير وحرص وشعور بالمسؤولية ذلك أن المراد هنا هو: التجديد وتحريك العقل العلمي الموهوب بدفعه نحو: سبق جيد وتأسيس جيد واجتهاد جيد.

هذا هو المراد بتمام حسن كريم من كمال التجرد والبذل والعطاء ومحاولة طرح التكرار وطرح إنشاء العمل هكذا دون توصيات حارة مرة كريمة يكون منها ولا بد شيء قد سبق ما كان من قبل، وهذا ليس بعسير إذا تم توظيف القدرات على حال سطرها من سطرها من الخالدين عبر القرون كفعل ابن فرحون والقرافي والآمدي والسرخسي وابن خلدون وأجمل ذلك (وليتنا نستفيد منه) الذهبي في خالدته: (سير أعلام النبلاء).

- الرياض