Saturday 30/11/2013 Issue 419 السبت 26 ,محرم 1435 العدد

مساقات

يا ما لِلشَام!

جَوَّالُكِ ، (شَامُ) ، بِقَلْبِيْ بلْبَالُ

يا لَيْتَ القَلْبَ لَدَيْكِ جَوَّالُ!

يَصْحُوْ مَحمولًا، يَغْفُوْ مَنقولًا،

كالطِّفْلِ لَهُ وِيَدَيْكِ أَحوالُ

غَنَّتْ نَغماتُكِ أم حَزَنًا أَنَّتْ

فلقد أَسْرَى بِسُراها التَّسْآلُ:

في أَيِّ سَماواتِ النَّجوَى هذا الرَّ

قْمُ المَلَكِيُّ بأُنْثَى يَخْتَالُ؟!

وبِأَيَّةِ ما شامِيَّةِ نَعناعٍ

راحتْ تَهْمِيْ بِيَدَيْها الأَوْشالُ؟!

***

نادَتْ مُقَلُ الأطفالِ بنا .. ناجَتْ

مِنْ قاعِ الدُّنيا .. نَحْنُ الأَطفالُ!

يا فاتِنَةً بمَواسِمِها اشتَعَلَتْ،

وبِشَهْقَةِ وَصْلٍ تَحْيَا الأَوصالُ!

عَسَلُ الشَّمسِ الأُولَى في كَفَّْيها

وبِعَيْنَيْها خَطِّيٌّ عَسَّالُ

رَجْوَاكِ ، لنا رِقِّي ، تَرَفَ الأُنثَى!

رَفَّتْ وُرْقًا بِدِمانا الأَجْيَالُ!

***

أتأمَّل وَجْهَكِ في عَيْنَي (شَمسيْ

السَّوداءِ).. ومِلْءُ شُعاعِكِ تَرحالُ

مِنْ أينَ أَتَيْتِ إلى زَمني؟ ومتَى؟

يَتَضاحكُ حِيْنَ أُسائلُكِ الشَّالُ!

أَتْعَبْتَ سُؤالَكَ فِيْها .. لا أملٌ

يَفْتَضُّ بِكَارةَ فِيْها.. لا مَالُ

فاشْرَبْ غَيْمَ الكَلِماتِ ، ولن تَرْوَى!

أَنَّى يُرْوِيْكَ جَحِيْمٌ سَلْسَالُ؟!

***

أَجَّجْتِ رَمادَ جَناحِيْ الفِيْنِيْقِيِّ

بِخَفْقِ مَدَاهُ تَحُوْمُ الأَجْبَالُ

أَتَوَلَّدُ مِنْ أَمسيْ في نارِ غَدِيْ

فأَرِفُّ وتُنْشِزُ رِيْشِيْ الآمالُ

وأقولُ : إليكِ سَكَبْتُ صباحاتي

ولِعَرشِ ضُحاكِ تَسِيْلُ الآصالُ!

***

بِحَريرِ يَدَيْكِ أُصافِحُ أُغْنِيَتيْ

وكَجَمْرِ عَبِيْرهِما بِيْ مَوَّالُ

تَهْفُوْ لِشَذَى (فِنجانِكِ) مَوْسَقَتِيْ

فَيَغِيْمُ بأَوتاري مِنْكِ الهَالُ!

وتَسِيْلُ أَصابِعُ شِعْرِكِ في كأسِيْ

فعِظامِيْ ، رُغْمَ رُفاتِيَ ، جِرْيَالُ!

مِغناطيسُ الهَمَسَاتِ يُبَوْصِلُني

لِخُطُوْطِ رُخامِكِ ، هَمِّيْ : إِيْغَالُ

يَتَجاذبُ أرضي مِنْ أرضيْ أَبَدًا

فإليكِ ، إِلَيَّ أنا ، بِكِ رَحَّالُ!

***

«يا ما لِلشَّامِ» تُشاغِبُ ذاكِرَتِيْ

وتُضِيْئُكِ غاسِقَ عِطْرٍ يَنْثَالُ

كالدَّمْعَةِ تَهْطِلُ مِن عَيْنَيْ نَجْمٍ

طَفِئَتْ ، وطَوَتْها رُوْحٌ غِربالُ

كالنَّهْرِ الأَعْشَى يَجريْ أَعوامًا

كَرَعَتْها نَخْلُ حُرُوْفيْ الآجَالُ!

أَتَأَمَّلُ وَجَهَكِ في عَيْنَيْ أَمْسِيْ

وبمَوجِهِما بِي تَطْفُو الأَهْوَالُ

أ مُلُوْكُ حَضارتِنا نَحَتُوكِ لنا؟

لكأنَّكِ للتَّاريخِ التِّمثالُ!

فِيْنا يَصْحُوْ (قَيْسًا) (بِجْمَالْيُوْنُ)

وبِفِيْكِ يُجَنُّ بِحُلْمٍ (نِرْفَالُ)!

***

يا أنتِ ، أيا مَعْنَى المَعْنَى : انْكَتِبِيْ!

لأَراكِ ، ضُحَى لُغَةٍ ؛ لُغَتِيْ آلُ!

بِمَرايا عَيْنَيْكِ الهَرِمَاتِ أَرَى

وَجْهيْ ، وتُغَادِرُ عَيْنيْ الأَوْحَالُ

وأَرَى فِيْكِ (المُتَنَبِّئَ) في حَلَبٍ،

و(رَهِيْنَ مَحابسِنا) : كَيْفَ الحَالُ؟

قالا : (زَنُّوبِيَّا) جَيْشٌ حُرٌّ

مِنْ (تَدْمُرَ) حتَّى يَرْضَى الأَبطالُ!

رِئْبالُ الشَّعْبِ إذا ما هَبَّ ، فلا

أَرْضٌ يَرضاها الشَّعْبُ الرِّئْبالُ!

***

هاكِ ، يا كُلَّ كَواكِبِ أفلاكي،

لأنالَ غَدًا وَطَنًا لا يُنْتَالُ

وَطَنًا .. شَرْنَقْتِ خَرائطَهُ بِدَمِيْ

سيَشِيْدُ (القُدْسَ) ويَغْشَى الزِّلْزَالُ

شَعْبَ اللهِ المُخْتَارَ بِضَيْعَتِنا

وأساطيرُ التَّلْمُودِ ستَنْهَالُ

فَلْيَعْلُوْ (حَرْمُوْنٌ) في نَهْدَيْكِ

لِتَلِيْقَ بشَمْسِ يَدَيْهِ الأَوْعَالُ!

***

آهِ ، لو أدري في أَيِّ الدُّنْيا

أَلقاكِ ، لَبَشَّ بِرَمْلِيْ الأَطْلالُ!

ولخُضْتُ بُحُوْرَ سَمائكِ أُوْدِيْسًا

عَلِّيْ أُلقِيْكِ (بإيثاكا)... قالوا:

راحتْ تَشْريْ بالًا أَصْفَى مِنْها،

غامَتْ ، لا عادَتْ ، أو جادَ البَالُ!

كَذَبُوا.. كَذَبُوا.. ها أنتِ هُنا ، وهُنا؛

فَلْيَمْحُونا مِنَّا ولْيَحْتَالُوا!

لكنْ ..- وا وَيْلَا مِن «لكنْ» هذي!-

.. وتَهُبُّ بجَمْرِ حُرُوْفِي الأَغْوَالُ

خَطَّتْ- خَجْلَى مِنْ عَيْنِيْ-المِيْمُوْزَا:

«وَرَقِيْ جَفَّتْ بِلَماها الأَقوالُ!»

***

كَرَزُ الكَلِماتِ يُوَسْوِسُ ليْ: أنْ لي

سَ يُهندسُ هذا المُعْجَمَ صَلْصَالُ!

ما كُنْتِ بِشَهْدِكِ مِنْ بَشَرٍ ، كَلَّا،

شَفَتِيْ الظَّمأَى أنتِ والشَّلَّالُ

ما أَنتِ سِواكِ أنا ، يا سيِّدَتي،

أُفُقٌ مِن كُلِّ سُطُوْرِيْ سَيَّالُ

فَرَسًا دارتْ بِدَمِيْ ، رَسَمَتْ قَلَمِيْ،

ولَهُ مِنْ جُرْحِ سَمائيْ تَصْهَالُ!

أَسْرِيْ بجَناحَيْه أَبَدَ الرُّؤْيَا؛

كبُرَاقيْ الشِّعْرُ .. كقَلْبيْ الخَيَّالُ!

** ** **

- جاءت القصيدة امتدادًا لوزن (الخَبب)، لكنها تخرج عن قالبه الخليلي، بحيث يتكوَّن كلّ شطرٍ من خمس تفعيلات، لا أربع تفعيلات فقط.

شِعر/ أ.د. عبدالله بن أحمد الفَيْفي p.alfaify@gmail.com **** http://khayma.com/faify