Saturday 01/11/2014 Issue 449 السبت 8 ,محرم 1436 العدد
01/11/2014

هي الأُولى وهو الأَوْلى

لفظان متطابقان من حيث الرسم الإملائي سوى أنّ أحدهما مضموم الهمزة (الأُولى) وأما الآخر فمفتوح الهمزة ساكن الواو (الأَوْلى)، وكلاهما اسم تفضيل على بناء (الفُعْلى/ الأفْعَل) وهما مختلفان معنى وتصريفًا؛ فالأُولى مؤنث الأوّل، وجذوره (و/و/ل)، غير أن الواو في المؤنث أبدلت بها همزة (الوولى)الأُولى)، ولذلك تجد الهمزة في (الأوّل) زائدة والهمزة في (الأُولى) مبدلة من فاء الكلمة. قال تعالى {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ}[الحديد-3 ]، {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ}[القصص-70].

وأما (الأَوْلى) فجذوره (و/ل/ي)، تقول: ولي يلي ولاية، واسم الفاعل والٍ [والي]، واسم المفعول مَوْلِيّ [مولوي]، أدغمت الواو في الياء (مَوْلُوي) مولِيّ)، مثل: رعى يرعى فهو راعٍ ومَرعِيّ.

واسم المكان مَوْلى، قال لبيد:

فَغَدَتْ كلا الفَرجَينِ تَحْسَبُ أنَّهُ

مَولى المخافة خلفُها وأمامُها

ولذا استعير للفاعل والمفعول، جاء في (الصحاح) «والمَوْلى: الْمُعْتِقُ، والْمُعْتَقُ». والصفة المشبهة باسم الفاعل (وليّ)، قال تعالى {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ}[البقرة-257]، وأما اسم التفضيل فهو (أَوْلى) أي أقرب، تقول: هذا المكان أولى من ذلك المكان. قال تعالى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}[الأحزاب-6]، والمثنى (الأَوْلَيان)، قال تعالى {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ}[المائدة-107]، وجمع التكسير الأوالي وجمع السلامة (الأَوْلَون/ الأولَين)، جاء في لسان العرب «وفلان أَولى بكذا أَي أَحْرى به وأَجْدَرُ. يقال: هو الأَولى وهم الأَوالي والأَوْلَوْنَ على مثال الأَعلى والأَعالي والأَعْلَوْنَ».

وأما المؤنث من (الأَوْلى) فهو (الوُليا)، جاء في لسان العرب «وتقول في المرأَة: هي الوُلْيا، وهما الوُلْيَيانِ، وهُنَّ الوُلَى، وإِن شئت الوُلْيَياتُ، مثل الكُبْرى والكُبْرَيانِ والكُبَرُ والكُبْرَيات». وذكر ابن مالك أنَّ جمع التكسير منه قد تبدل واوه همزة (الوُلى) الأُلى) قال في (إكمال الإعلام بتثليث الكلام، ص52) «و[الأُلى] جمع الوُلْيا مؤنث الأَوْلى، مبدل الواو همزة».

وما نجده عن مؤنث (الأَولى) وهو (الوليا) في كتب اللغة مبنيّ على القياس؛ إذ لا نجد في حدود علمنا الضيق أنه استعمل في اللغة ولا نجد له مثنى ولا جمعًا، فهل يفهم من هذا أن لنا أن نشتق المؤنث من كل اسم تفضيل؟ هذا هو الأمر المنطقي، ولكن اللغة ليست عقلًا حسب تعبير أحمد حاطوم، ولذا نجد نزوع لغة المحدثين إلى تعميم استعمال اسم التفضيل المذكر، وإن حُلّي بأل، فيقولون: المدينة الأبعد، والقضية الأهم، والحجة الأقوى، لأنهم لا يستسيغون أن يقولوا: البُعدى والْهُمّى، والْقُوّى. وما يفعله المحدثون معاند لقانون المطابقة بين النعت والمنعوت؛ فهم ينعتون المؤنث بالمذكر، ولذا دعا ابننا الأستاذ عبدالعزيز المقحم في بحثه (المطابقة في اسم التفضيل) إلى اعتماد هذا الاشتقاق على الرغم من الغرابة، قال «مطابقة اسم التفضيل المحلى بـ(أل) لازمة، في جميع صوره (المفرد المذكر والمثنى والجمع، والمفرد المؤنث والمثنى والجمع)، وفي وصف الجمع نلجأ لجمع السلامة إن لم يكن الجمع على (الأفَاعِل) غير مستعمل». وأرى أن التعود كفيل بجعل تلك الألفاظ مألوفة، وهي ليست بأغرب من كثير من الألفاظ الأعجمية التي يتبادلها المتحدثون غير منكرين لها ولا تعافها أسماعهم.

- الرياض