Saturday 04/01/2014 Issue 424 السبت 3 ,ربيع الاول 1435 العدد

سعيد الدحية الزهراني

بين الرفاعي والزهراني .. موت الأندية الأدبية يمتد

04/01/2014

لكيلا تموت قضية «الأندية الأدبية الميتة» تحت ركام الكلام «1-2»

هذا الرد من فقرتين؛ الأولى تعرض لب القضية، والثانية تمضي في ردم المزيد من أكوام الكلام التي نستعرض عبرها - أخي خالد الرفاعي وأنا - شكلاً من أشكال فروسية الكتابة!!

***

الفقرة الأولى:

لكيلا تموت قضية «الأندية الأدبية تحت ركام الكلام.. أخي خالد الرفاعي يعارض فكرة إلغاء الأندية الأدبية.. وأنا أقول: يجب أن يُعلن موت الأندية الأدبية وتحل محلها المراكز الثقافية.. وأنت أيها القارئ الكريم تملك حتماً من الوعي بهاتين الرؤيتين ما يخولك لتقرير الرؤية الصائبة التي تراها.

هذا مختصر الجدل الذي يثبت عربيتنا بامتياز.. فـ «ما لكم بالطويلة» أما من يرى أنه بحاجة إلى «كومة كلام» فأهلاً به إلى مائدتنا الكلامية المشتركة أخي خالد الرفاعي وأنا.

***

الفقرة الثانية:

الفهم والإفهام.. بؤس التّذاكي أم نشوة ممارسة الحراسة!!

يطيب لأخي الصديق الأثير خالد الرفاعي.. نقد الناس وتقييمهم ومقايسة أطوال عقولهم.. يجمع ما يراه إساءة منهم إليه.. في المقابل لا ترى عينه فيما يكتب هو الخطأ.. كأن أخي خالد يريد أن يفصل لنا ثياب نقده لنرتديها كما لو كنا طلاب مدرسة ثانوية يدرس تلاميذها أخطاء النحو!!

أخي خالد - وأنت الذي في عروق القلب نخلة لا تموت ولن تموت - عُدْ إلى أثر رقصة الانتشاء التي أدتها أناملك على كيبورد كتاب الإلكترون فيما سبق نشره من أكوام الكلام.. ثم أجب: كم مرة أعملت خنجر حرفك في ظهر الكتابة لا صدرها حين تلمح تارة بأنك صاحب الفهم السليم القويم الأوحد.. فيما غيرك يعاني من سقم الكتابة المستمد من سقم الفهم على هذا النحو: «وربما توسّع فاعتمد على الوهم والفهم السقيم».. وتصرح تارة أخرى بما أسميته (الانتحار الثقافي) الذي لا أعلم ماهيته أو كنهه.. وأظن أنه جاء على الطريقة المجانية التي جعلتني عبرها القائل الأوحد الوحيد بموت الأندية الأدبية!! وما بين سقم الفهم والانتحار الثقافي وما بعدهما تتوالى سهامك التي وجهتها إلى أخيك وتقبلها بصدر رحب.. إيماناً منه بأن ميدان الكتابة وهوية طقسها الذي حددته أنت سيكون الحكم والفيصل.. لا كما ابتدأت تعقيبك على ردي متباكياً على ما قمت بتجميعه وتصدير مقالك به من إساءات تراها صدرت مني إليك.. في حين تناسيت إساءاتك إليَّ التي تجاهلتها أنا..

ومع هذا أخي خالد ستجد لروحك في أرواح محبيك باحة من رياحين وكادي.. حين تيقن الجميع - وأنا آخرهم - من طهر روحك ونقائها.. أما حرفك فلن يقابله إلا حرف من جنسه ولونه وطعمه.. لذلك فتشْ عما بداخل قلمك وستجد إجابات الأسئلة القلقة المقلقة..

وعوداً بائساً إلى ذي عنوان: نشوة ممارسة الحراسة وإفهام الناس ما يعتسفه أخي الرفاعي ليدعم به موقفه مورداً تفكيكاً - وما أكثر المفكات هذه الفترة - لنماذج ومصادر أنسبها إلى أصحابها وأوردها بكامل معناها الواضح دون أن أُمارس فذلكة التذاكي على القراء الأعزاء.. ليأتي أخي الرفاعي ليرينا - القراء الكرام وأنا - ما يراه هو.. وإليكم التفصيل:

الأول: استشهادي بمقال الدكتور إبراهيم التركي حول التحول إلى الصالونات الخاصة المتخصصة.. يقول عنه الرفاعي: هذا استشهاد في غير محلة بل ويدعم الموقف المضاد لما أراه.. حسناً حسناً: إن كان هذا الاستشهاد الذي يمس الفعل المنبري الذي بات أول الأعضاء موتاً في جسد الأندية الأدبية الميتة لا يدعم القضية.. فلماذا خصصت الحلقة الثانية من ردك أخي خالد للحديث عن سوءة الفشل المنبري.. شكراً يا صديقي وليتك كل النقّاد مثلك يرسلون النقد ومعه الرد على أنفسهم على هذا النحو!!

الثاني: استشهادي بمقال الدكتور حسن النعمي.. أظن أننا أخي الرفاعي نكتب في هذه «الثقافية» الأثيرة إلى قارئ نخبوي يعي ما خلف الفكرة المباشرة ويستشف المعنى عبر قراءة سياق مؤسسي يعاني أوجاعاً بعضها فوق بعض.. الأمر الذي ينتهي بنا إلى حقيقة واحدة مفادها: سعة البرنامج «النظام system » أقل من طاقة البرامج التي يحتاج إليها المستخدم.. بمعنى: العلل أو الأخطاء أو المشاكل التي يعاني منها نظام أو صيغة الأندية الأدبية - بما فيها إشكالات البيئة الخارجية - تحتاج إلى برمجيات وتطبيقات نوعية لحلها وتجاوزها.. لكن المشكلة الأساسية تكمن في أن هذه البرمجيات أكبر من النظام نفسه - نظام الأندية الأدبية -.. فبربك: كيف يمكن أن تنهض الأندية الأدبية وهي تعاني كل تلك الويلات التي أوردها الدكتور النعمي!! وهذا ما قصدته من استشهادي بمقال الدكتور النعمي.. إلا إن كنت أخي خالد تنظر إلى قارئ «الثقافية» على طريقة «فصل دراسي وسبورة ومدرس»..

الثالث: استشهادي بمقال الدكتور سعيد السريحي.. ويرى أخي الرفاعي أنني أستشهد بما يقوي وجهة النظر المضادة لي.. وهنا أقول له: أعتذر أخي خالد.. لم أستأذنك في هذه وأنت «فضيلة حارس الثقافة» الفاهم الفهيم الأفهم.. ألم أقل لكم: يريد الرفاعي أن يفصل لنا ثياب نقده لنرتديها.. كما لو كنا طلاب مدرسة ثانوية يدرس تلاميذها أخطاء النحو!! وبالعموم أيها القارئ الكريم.. عُدْ إلى مقال الدكتور السريحي الذي أشرت إليه في ردي السابق.. ولك حق الحكم والتقرير.. لن أكون وصياً على فهمك لأريك ما أرى وفق الطريقة الرفاعية.. على أن صديقي الرفاعي يعيب عليّ ما يسميه «تحوطاً» عندما أورد مفردة «أظن» في كثير من المواضع.. ليس خذلاناً لفكرتي أو انهزامية في قناعتي نحوها.. بقدر ما تُؤشر بصدق عميق إلى مدى احترام القارئ وعدم فرض رؤية ما عليه وعلى وعيه الحر..

الرابع: وهذه طامة الطوام أخي خالد.. عندما قوَّلتني ما لم أقله.. ائتني بما يثبت أنني قلت: (الغذامي قال بموت الأندية الأدبية).. بدأت أشك فعلاً أخي خالد في نقلك ووعيك.. هنا ما كتبته نصاً يا سادة وأستحلفكم بالله هل يفهم من هذا أن الغذامي قال بموت الأندية الادبية؟: ((فحكاية الموت أطلقها أستاذنا الكبير، الذي يزيّن جبين هذه الصفحة الورقية من المجلة الثقافية الدكتور عبد الله الغذامي.. حين قال: «وأنا الذي قال ويقول بموت النقد الأدبي لم أعد أجد نفسي في مجالات الأدب ولا في فروعه»))..

إن ما عنيته كان متصلاً بمفردة «الموت» التي أقلقت أخي خالد.. وهو الذي طالبَ في غير موضع في مقالاته التي كتبها حول هذه القضية مصرّحاً وملمّحاً إلى رفضه لمفردة «الموت» وتمنيه إيراد عبارة أكثر لطفاً لكنني أمام حقيقة لا مسرحية لتمثيل الوجدانات والعواطف.. ولا بد أن أسمي الأشياء وفق ما أراها بأمانة وصدق وتجرُّد..

ومع هذا لا يليق أخي خالد أن تعتسف الأفكار الواضحة أو أن تجتزئ الرؤى من سياقاتها لكي تخدم مواقف بعينها.. فهذا منهج يتوهم عبره صاحبه أنه يتذاكى على القارئ.. فيما هو في حقيقة الأمر إنما يقدم اعترافاً - مجاناً - بمدى فقره البائس إلى أبسط أبجديات شرف الخصومة وأدب الاختلاف..

تبقى حزمة الكلام السائب من كومة الكلام الكبيرة التي نتشارك - أخي خالد الرفاعي وأنا - إعدادها في قضية ميتة سلفاً ومحسومة قبلاً.. والنقاش فيها مضيعة للوقت.. لكنه في ذات اللحظة تسرية غير مكلفة.. وإلا فمن غير أخي خالد الرفاعي - في حدود ما أعرف ومن قابلت ومع من تحدثت قبل هذه الحفلة التي أعدّها مع أخي الرفاعي وبعدها - لا يقول بموت الأندية الأدبية!! على أن هذا الموت الذي ننادي بإعلانه ما هو إلا من قبيل الرحمة وحفظ الكرامة واحترام التاريخ.. فإكرام الميت دفنه والترحم عليه وذكر محاسنه..

عموماً تعالوا إلى «نكتة» الموسم.. لكن قبلها هل تتذكرون المقطع المرئي الذي تتداوله برامج التواصل الاجتماعي «واتس آب ويوتيوب مثالاً» للممثل الكويتي الأستاذ سعد الفرج الذي أجتزئ من أحد أعماله مقطعاً درامياً ساخراً وظريفاً يُعبر عن بُعد الادعاء عن الواقع حيث يقول: (قوية قوية قوية.... ودي أصدق بس قوييييييييية).

http://www.youtube.com/watch?v=rNomWep2elo

هذا ما ينطبق تماماً على استشهاد أخي خالد الرفاعي الذي يُقارن جمهور الأندية الأدبية بجماهير الأندية الرياضية.. لا تعليق (ودي أصدق بس قوية).. ولو سلَّمنا جدلاً (وصدَّقنا أيضاً) - مودةً وحباً - لأخي خالد فالقياس غير صحيح ولا مقبول.. فقلة حضور المباريات الرياضية يكون لاختلافات محددة بين الجمهور وناديه مثلاً أو مباراة لنادٍ مغمور وغير مشتهر.. أما إذا أردت القياس الصحيح السليم أخي خالد، فقارن بين حضور أدبي العاصمة «مثلاً» العريق بتاريخه ومركزه و.. و.. و... إلخ مع أحد نوادي العاصمة الرياضية المرموقة - مع حفظ هامش النسبة والتناسب فيما بين المجالين - ثم إن العدد القليل الذي يحضر للأندية الأدبية لا يُعد شيئاً في قمة ضعف حضور المباريات الرياضية.. هل يُعقل أن يحضر 10 أو 7 أو 5 فقط لفعالية في ناد أدبي؟.. ثم نجد من يتشدق بعدم المساس بقدسية الأندية الأدبية.. أجبني أخي خالد:

- هل بين أنديتك الـ»16» نادٍ أدبي واحد وحيد فقط حاولَ استثمار مليون ريال فقط من دعم المليك السخي - يحفظه الله - (عشرة ملايين ريال) في دراسة الصيغة المثلى لتقديم الفعل الثقافي في محيط البيئة التي ينطلق فيها وإليها؟!!.. أم أنها اتجهت إلى بناء المقرات الفندقية في صورة تبرهن على ذهنية التصحر ومعاناة العراء ومحاولة التشبث بالحجرات والأبنية الحسية لا المعرفية بمختلف تفريعاتها؟!!..

- هل بين أعضاء مجالس إدارات أنديتك الـ 16 نادٍ أدبي عضو واحد وحيد فقط حاولَ أن يقدم رؤية جادة «يسمونها برنامجاً انتخابياً» لما سيقدمه ليعطيه الناخب بناء عليها صوته أو يمنعه؟

- بماذا تفسر 50 مشاركة فقط هي مجموع المشاركات على امتداد خارطة الوطن في تعديل لائحة الأندية الأدبية التي علّقتها وزارة الثقافة والإعلام إلكترونياً لأربعة أشهر كاملة؟!!

- هل من المنطقي أن تأتي بعد أربعين عاماً وتدعو إلى (اجتماع طارئ وعاجل) لمناقشة وصفة علاج سحرية أجملت مكوناتها في الحلقة الثانية من ردك؟!!

أخي خالد.. لم أشأ تشريح الجثة من قبل الانتخابات ولا من بعدها.. وإلا لفجعتك بالأورام التي تنخر جسدها الميت.. وما إيرادك لموقفين قديمين عن ظاهرة انصراف الناس عن أنشطتها إلا تأكيد لفقدان الأندية الأدبية حضورها منذ وقت مبكر.. وتعزيز لما أدعو إليه من مراكز ثقافية من شأنها أن تجمع الثقافي بالجمالي بالفني بالأسري بالمرأة بالطفل بمختلف الحقول والمعارف بما فيها الأدبي..

إن ما تفعله بعض الأندية الآن من إدراج أنشطة أخرى كالرسم والتصوير والمسرح، لهو تأكيد لمحاولتها ترميم النقص الذي تراه.. فالأندية الأدبية أُنشئت للأدب وركّزت على ذلك في لائحتها.. لكن ما تفعله بعض الأندية من سعي لدمج كل الفنون الثقافية.. لهو تصريح مبطن بأنها لن تستطيع النهوض بالأدب وحده.. وما بعض الفعاليات (غير الأدبية) بحضورها الكثيف إلا إشارة إلى أن الوقت المناسب قد حان لتحويلها لمراكز ثقافية.. فلا هي التي أبقت على عباءة الأدب.. ولا هي التي آمنت بفكرة المركز الثقافي وفعّلتها وطبّقتها.. وما إيراد مفردة «الثقافي» في مسميات عدد من الأندية الأدبية إلا مؤشر على حضور هذه الإشكالية المقلقة لدى المسؤولين عنها.. كما أنها دليل على مدى الازدواج وعدم وضوح الرؤية..

إن ما تفعله بعض الأندية الأدبية - نادي الرياض مثالاً - ليس إلا محاولة إنعاش.. فقد احتوت كل الفنون الثقافية رغم الإصرار على صفة الأدبية التي تخلت عنها حسب طلب الجمهور.. ناهيك عن شعار «النخبوية» الذي يرفعه كثير من الأندية في سياق تبرير قلة الحضور.. ولي سؤال هنا يا سادة: إن كانت الأندية الأدبية للنخبة فهل هذا يعني أن النخبة تحتاج إلى من يثقفها؟!! وإن كانت للمواهب والنشء والمجتمع والمتلقي العام، فلماذا لا نرى هؤلاء في مقرات أنديتكم؟!!.. لا يزال أخي خالد الرفاعي غاضباً عاتباً من عنواني السابق:

((منابرها مهجورة.. إصداراتها لا تصل.. ومقراتها تخفق الأشباح فيها: متى يعلنون وفاة الأندية الأدبية؟)) يرحمها الله..