Saturday 04/01/2014 Issue 424 السبت 3 ,ربيع الاول 1435 العدد
04/01/2014

يمتلك قدرة لونية وصبرا على تشكيل اللوحة

حروفية الملحم تناغم موسيقي .. على وقع أمواج هادئة .. رقصت عليها فرشاته.

في كل موسم تشكيلي يبرز فنان من فناني الجيل الجديد ولهذا لم يعد للمتابع أو المؤرخ تحديد الأجيال إذا اعتبرنا أن الجيل يتحدد في السنوات الخمس وعشرين، بمعنى أن رصد من مرت بهم تلك الفترة الزمنية هم من يحسبون جيلا جديدا، فالساحة اليوم تجمع أعمارا وتجارب وخبرات متعددة تتلاحق فيها الأسماء وتتنافس التجارب وتتابع بشكل يعد أحيانا من التحركات الخطيرة التي تخلط الغث بالسمين ويصعب فيها تحديد الأفضل في هذا الزخم من سبل العرض الافتراضي على صفحات الفيس بوك، التي يتلقى فيها النطيحة والمتردية المديح والثناء خصوصاً إذا كان العمل المقدم لأخذ الرأي لإحدى الهاويات من الرسامات وليس الفنانات.

ولكن مقابل هذا الخلط تأتي فرصة الانتقاء وتظهر الثمار الناضجة وتسقط الأخرى، ويسعدنا اليوم أن نقدم أحد الأسماء الفاعلة والمؤثرة في مجالين التربوي كمعلم ناجح أصبح اليوم مشرفا للتربية الفنية وكفنان يبحث عن سبل التميز وقد حقق له حضور نافس به من هم في جيله، الفنان سعد الملحم.

حروفيات تستخلص ما قبلها

لاشك أن للحروفية تاريخها ونعني بها تشكيل الحرف في اللوحة بعيداً عما اعتاد عليه المشاهد من وجود الحرف في جملة، كما أن لهذا الفن أو الاتجاه الكثير من رواده على المستوى العربي على وجه الخصوص وحتى على المستوى العالمي كل بلغته وحروفه، اتجه بها الفنانون العرب بحثاً عن الهوية للفن العربي وكجزء من الفن الإسلامي الذي لا يزال ينافس الفنون الحديثة رغم ثباته على ما عرف به وعنه.

والحديث عن ضيفنا اليوم الفنان سعد الملحم، لا يخرج عن سياق من سبقوه لكنني أرى فيه نوعاً من استخلاص لتجاربهم بحثا عن تحديد شخصيته التي بدأ يتلمسها من بين تلك التجارب، يسعى الفنان سعد الملحم إلى تحريك وتطويع الحروف بتنغيم وإيقاع موسيقي لتشكيل العمل النهائي وكأنه يرسم على ضفاف بحر تتلاعب على شاطئه أمواج هادئة تذهب وتعود وتتمايل، أحياناً يحمل إيحاءً بكلمة أو معنى، إلا أنه في مجمل الأعمال يسعى إلى تكوينات تنقل المشاهد إلى قناعات غير ما كان يراها في بعض الحروف من صلابة وقسوة لا يمكن تطويعها إلا في تشكيل الجملة المقروءة أو ما عرف عن الحرف من حضور بناء على العبارة المراد إبرازها وبدونها لا مكان له في عالم الجمال، فتمكن الفنان الملحم كما تمكن رواد هذا الحرف من تشكيله مقدما به رسائل عدة أهمها الرسائل الإنسانية والعاطفية كالتلاحم والترابط ونحوها. يجمع في لوحاته شتات الحروف التي تتباعد كثيراً وتتقارب بحذر عن تطويعها لكتابة جملة أو عبارة، فألف بينها وجعل من ذلك التآلف شكلاً جمالياً يبدأ وينتهي بالحروف.

ومهما رأى بعضهم أن التجربة الحروفية أو توظيف الحرف تشكيليا قاربت الاختفاء إلا أن للحرف عشقه وكنوزه البصرية التي تجتذب الوجدان وتدفع بالمبدعين للاشتغال به، ويكفينا فخراً أن تحتفظ المخطوطات العربية القديمة التي تحتضنها المتاحف العالمية والعربية بما كتبت به جمال الخط والزخرفة، فأصبح علينا تطوير هذا الإرث دون تشويه أو ابتذال.

نعود للقول إن في ما قدمه الكثير في هذا السياق ويقدمه الفنان السعودي سعد الملحم خصوصاً في هذه المرحلة وبعد تلك التجارب ما يجعلنا أكثر ثقة بالحفاظ على هذا الإرث وعلى سبل تطويره بما يوازي الحراك الحديث على مستوى العالم بالولوج في تجارب جديدة تزاوج بين الحرف واللون والألوان كل بأسلوبه ومختزلة وتأثره وتأثيره.

لقد قدم الفنان الملحم ومن سبقوه أو من هم على طريقته ومن جيله إبداع يجعلنا نغير النظرة إلى الحرف وربطه بالخطاط أو الخطاطين واعتباره جزءاً من فن إسلامي عربي وبطرق تنقلنا من معرفتنا السابقة الكلاسيكية إلى حوار بصري مع الثقافات الأخرى تثري القيم الفنية والجمالية لهذا الجانب من تراثنا العربي مع أهمية البحث عن سبل تأكيد الهوية والبحث عن أنماط جديدة بمفهوم ونظرة معاصرة.

رغم أن الفنان سعد الملحم يعيش هاجس التذبذب بين القناعة بما أبدع فيه وبين ما يمكن أن يكون عليه مستقبلاً نتيجة ما ردده من شاهد أعماله منهم من لديه القناعة بأن لديه الكثير وأنا منهم ومنهم من يرى أن تجربة الحرف ستصل به إلى أمرين إما مفترق طرق أو إلى نهاية طريق مسدود إلا أننا نتوقع ونستشرف مستقبل إبداعه مع من يرون أن في هذا الإخلاص للتجربة والاستمرار فيها ما يعني أن هناك جديداً نتيجة رغبة الفنان الملحم القوية في الغوص فيما يتوقعه الآخرون من المجهول والغامض في تجارب الحروفية، مع إيمانه بأن آفاق الفن الحديث ستقوده إلى عالم جديد يجمع فيه بين الحداثة دون إخلال بجماليات الحرف، بمفهوم عميق مسكوناً بهاجس منح حروفيته صيغة تتوافق وتنسجم فيها ملامح المفاهيم الغربيّة مع أصالة الحرف العربيّ وخصوصيته الإسلاميّة، عوداً إلى البحث والتجريب، وخوضه غمار المدارس الفنيّة تعلماً أكاديمياً أو من خلال بداياته الأولى قبل ولوجه عالم الحروفية.

بطاقة تعريف

خريج جامعة الملك سعود الرياض التخصص العام: بكالوريوس تربية في الفنون مشرف تربية فنية، شارك في أكثر من ثلاثة وثلاثين معرضاً داخل وخارج المملكة وحصل على العديد من الجوائز وشهادات التقدير والدروع، عضو في كل من الجمعية السعودية للفنون التشكيلية جسفت، الجمعية السعودية للثقافة والفنون، جماعة فناني الخرج التشكيلين، جماعة فناني نادي الهلال التشكيلين 1420هـ له مقتنيات في السفارة الألمانية والكندية ولدى صاحب السمو الملكي خالد بن بندر أمير منطقة الرياض والأمير خالد بن عبدالله بن سعد آل سعود وعند بعض الشخصيات ورجال الأعمال ومقتنيات في ألمانيا وكندا والمغرب.

monif.art@msn.com