Saturday 06/09/2014 Issue 444 السبت 11 ,ذو القعدة 1435 العدد

أبيض غامق

لانغستون هيوز

للصدق، لم تكن فكرة المقالة لهذا الأسبوع مُعدة مسبقاً لأن تكون كتابة عن شاعر أو عن ترجمة نصوص، وترجمة الشِّعْر تعييناً؛ (أعْقَد أنواع الترجمة على شكل الإطلاق) كنت أقرأ في كتاب يتناول الشِّعْر وأنواعه، ويستعرض نماذج مختلفة من الموضوعات والأشكال الشعرية، كتاب: (An Introduction to Poetry; 8th edition) فتعثرتُ بنصوص صغيرة لـ»لانغستون هيوز»، ووجدتني قد ترجمتها في الهامش. ولا أدري لم لا أزال أخلط بين لانغستون هيوز وبين ريتشارد رايت؟! ربما لأنهما يتفقان في الهم الأسود الذي فجَّر كل قصائدهم البيضاء الصغيرة شكلاً، الشفافة والنافذة كضوء.

كان هيوز مناضلاً ثائراً على مجتمعه الذي بنى كثيراً من المُعيقات أمام الزنوج؛ العِرق الذي ينحدر منه الشاعر حيث كان أمريكي الجنسية، أفريقي الأصول. ولم تنقذه أمريكيته من لون جلده؛ فظلّ ينادي بالنظرة العادلة لهم مع العِرق الأبيض، ويحث السود على المضي أماماً في الحياة ونحوها، وأنهم بشر يستحقون العدل والكرامة. وكان يفاخر بإنسانيتهم والتفاصيل الصغيرة ويغني حولها قبل كل شيء، واعتبارها كُوَّة تُشكل لديهم رؤية للعالم، ويجب أن تشكل رؤية العالم لهم على كل نحو بأمل دؤوب.

ولد لانغستون هيوز في ميسوري عام 1902 أثناء انفصال والديه، وعاش مع أمه حياة فقر متنقلة ما بين أفريقيا وأمريكا، أكملتها جدته لأمه بعد زواج أمه (وقيل وفاتها). أكمل تعليمه في أماكن متفرقة، إلا أنه عمل في مهن متواضعة لذات الأسباب الاضطهادية التي ظلّ يفندها ويدفعها بكلتا يديه وعينيه! كتب هيوز القصيدة و المسرحية والقصة، والمقالة، بثيمة همّ الإنسان الأسود ووجعه اليومي، وعن معاناتهم كعِرق منبوذ مستحقر. كان من أهم أعمال هيوز الشعرية المبكرة، التي أخذت بيده إلى العالم مجموعته الأولى: (The Negro Speaks of Rivers) تلاها بعد ذلك مجموعات كثيرة، مثل (Shakespeare in Harlem) والكثير من المقالات التي تناولت الهم ذاته، وموضوعات شتى بعد انضمامه إلى الحزب الشيوعي، التي تركت ظلاً واضحاً في كل إنتاجه. توفي هيوز في نيويورك عام 1967، تاركاً الكثير من القصائد المهمة في تاريخ الشعر الأمريكي المعاصر، والكثير من المقالات والنضالات باعتباره أحد أهم شعراء أمريكا وكُتابها الذين تبنوا فكرة الدفاع عن حقوق الإنسان الأسود التي كانت معاناة حياته بأكملها. وهذه بعض نصوص هيوز الصغيرة التي تعثرت بها فترجمتها.

صلاة:

يا ربَّ الغبار وقوس قزح

أعنا لنرى

أنه بدون الغبار

لا يمكن أن يكون قوس قزح!

حلم مؤجل:

ماذا يجري لحلم مؤجل؟

ألا يجف

كزبيبة تحت الشمس؟

أو يذوي مثل وردة

ويمضي؟

... قد يرتخي ربما

مثل حِمْل ثقيل!

المترو ساعة الذروة:

يختلطُ

الهواء بالرائحة

يختلطُ

الأسود بالأبيض

على نحو لصيق

فلا متسع للخوف

من أم لابنها:

بني، سأخبرك

بأن الحياة لم تكن لي سلماً كريستالياً

كانت مُثلَّمة من الداخل بمسامير

ألواح خشب مُثقَّبَة

مكان خال كأرضية غرفة

بلا سجادة

لكن طوال الوقت كنتُ أصعد

أطأُ العتبات

وانعطاف الزوايا

وأسير في عتمة لا ضوء فيها

لذا، لا تلتفت يا بُنيّ

لا تجلس على العتبات

لئلا يشق عليك الصعود

ولا تسقط الآن

فما زلتُ أواصل يا حبيبي

ما زلتُ أتسلَّقُ

فلم تكن لي الحياة سُلَّماً كريستالياً

شظية:

قواف صغيرة رخيصة

نغمة صغيرة رخيصة

كالخطر أحياناً

كشظية من القمر

تقطعُ عنق الرجل!

نورة المطلق - الرياض