Saturday 06/12/2014 Issue 454 السبت 14 ,صفر 1436 العدد

قليل الجود

نَأتْ بِيَ أقدَارِي عَن الرَّبعِ والأَهلِ

ومَا خِلتُها يَومًا تُلَوِّحُ بِالوَصلِ

أَبْعَدَ اغْتِرَابٍ يُطْفِئُ الرُّوحَ فِي الحَشَى

تَشُبِّينَ لِي قَلْبًا هَوَاكِ بِلَا عَقلِ

تَرُومِينَ إِحْيَاءَ القَتِيلِ وَإِنَّمَا

تَظُنِّينَهُ سَهْلًا وَمَا هُوَ بِالسَّهْلِ

فَتَرْمِينَ مِنْ عَيْنَيْكِ فِي جُثَّةِ الهَوَى

سِهَامًا تَغَوَّرُ كالمَرابيعِ فِي الرَّمْلِ

وَمَا أَخْطَأَتْ عَيْنَاكِ إيّايَ إِذْ رَمَى

سَوَادُهُمَا يَوْمًا بمُنجَردِ النَّبلِ

وَجَدْتُهُمَا وَالعَقْلُ يَكْسُو مَفَارِقِي

كَيَوْمِ تَرَكْتُهُمَا تَنَالَانِ مِنْ جَهْلِي

فَتُوكانِ بِالأَرْوَاحِ كالصَّرمِ فِي الوَغَى

فَعُولانِ بِالأَلْبَابِ فِعْلَ ابْنَةِ النَخلِ

كَأنَّ يَدَ الأَيَّامِ رَاشَتْ مُدَاهُمَا

وَقَدَّتْ جَمَالَهُمَا عَمْدًا عَلَى مَهْلِ

أَقُولُ وَسَهْمُ الطَّرْفِ يَفْرِي حَشَاشَتِي

أَمَا زِلْتِ تَسْتَهْوِينَ يَا عَيْنهَا قَتلِي

فِدْيَتُكِ هَلْ أَبْقَيْتِ فِي القَلْبِ مَوْضِعًا

سَلِيمًا فَلَمْ يُطْعَنْ بِذِي الأَعْيُنِ النُّجْلِ

أَزِيحِي لِحَاظَ المَوْتِ عَنِّي وَأَشْفِقِي

ألسْتِ تَرَيْنَ النَّصْلَ يَضْرِبُ بِالنَّصْلِ

يَكَادُ بِذَاكَ الوَقْعِ يُومِضُ خَافِقِي

لِقَدْحِ شَرَارِ الحُبِّ فِي المَوْقِدِ الكَلِّ

فَإِنْ تَتْرُكِي المَكْنُونَ نئتُ بِحَمْلِهِ

وَإِنَّ تَنكَئِي هَلَّت العَيْنَانِ بِالوَبلِ

كَأنّي أَرَى خَدَّيْكِ إِذْ يُمْطَرَا بِهِ

يَجُنَّانِهُ لَوْلَا مَسِيلَيْنِ مِنْ كُحْلِ

سَقَى اللهُ أَيَّامَ الصِّبا كَمْ تَسَتَّرَتْ

بِلَهْوٍ فَلَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنَ العَذْلِ

صَغِيرَانِ لَا يُدْرَى بِمَا كَانَ بَيْنَنَا

مِنَ السِّرِّ أَوْ جِدٍّ تَلَفَّعَ بِالهَزْلِ

إِذَا غِبْتُ عَنْ أَهْلِي أُرَى عِنْدَ أَهْلِهَا

وَإِنْ هُمْ أَرَادُوهَا يَهُبُّوا إِلَى أَهْلِي

وَإِنْ حُبِسَتْ يَوْمًا مِنَ السُّقمِ أَغْتَدِي

فَأُرْسِلُ أَلْعَابًا إِلَيْهَا مَعَ الرُّسْلِ

وَأَرْسمُهَا فِي دَفْتَرِي وَهيَ ترْتَدي

أسَاوِرَ مِنْ وَرْدٍ وَطوقًا مِنَ الفُلِّ

وَكَمْ ضَمَّنَا فِي مَعْرِضِ اللَّهْوِ مَلْعَبٌ

نُجَرِّبُ فِيهِ الحُبَّ وَالأَهْلُ فِي شُغْلِ

وَكَمْ تَلْتَقِي فِي شِبهِ سَهَوٍ شِفَاهُنَا

لِقَاءَ رَحِيقِ الزَّهْرِ عَسَّالةَ النَّحْلِ

وَكَمْ ذَا انْتَهَزْنَا مِنْ يَدِ العُمْرِ لَحْظَةً

نَعُسُّ بِهَا بَعْضَ الأَمَانِيِّ فِي الظِّلِّ

فَشَبَّ فُؤَادَانَا وَلَسْنَا نَرَاهُمَا

بِحُبِّهِمَا تَجْرِي المَقَادِيرُ أَوْ تُمْلِي

أَحَقًّا تَوَارَتْ خَلْفَ أستَارِ أَمْسِنَا

مَوَاثِيقُ بَعْثَرَهَا المَكْتُوبُ فِي السُّبْلِ

نَصِيبُكَ مِنْ كَسْبٍ تَمُدُّ لَهُ يَدًا

كَحَظِّكَ مِنْ دَرْبٍ تُطَوِّفُ بِالرِّجْلِ

وَمَا عَادَ حَظِّي مِنْ هَوًى غَيْرَ أَدْمُعٍ

تَبُلُّ مَكَاتِيبًا طَوَيْتُ مَعَ الرَّحْلِ

وَبِضْعَةِ أَخْبَارٍ تَشُقُّ مَسَامِعِي

وَيُوشِكُ مِنْ حَرٍّ بِهَا خَافِقِي يَغْلِي

فَلَا تَحْسَبَنْ إِذْ لَا تَرَى الدَّمْعَ أَنَّنِي

سَلَوتُ فَإنَّ البُعْدَ يُشقِي وَلَا يُسْلِي

وَلَكِنْ مَتَى هَاجَ الفُؤَادُ بِحُبِّهَا

يُبَرِّدُهُ دَمعِي فَلَمْ يَبْقَ دَمْعٌ لِي

أَلَا لَيْتَ أَيَّامًا سَقَتْنِي مَرَارَةً

تَرُدُْ الذِي أَعْطَتْ مِنَ الحُلْوِ فِي الأَصْلِ

فَإِنْ شِئْتَ رَبِّي أَنْ قَسَمْتَ فُؤَادَهَا

لِغَيْرِيَ فَاقْسِمْ بَيْنَنَا الهَمَّ بِالعَدْلِ

وَإِنْ تَرَهَا تَقْوَى عَلَى الشَّوْقِ فَاسِقِهَا

كُؤُوسَ الجَوَى أَوْ شِئْتَ فَهْيَ فِي حِلِّ

تَكَلَّفْتُ أَمرَ العِشْقِ حَتَّى أَلِفتُهُ

فَلَسْتُ أَرَى فِي الأَرْضِ مِنْ عَاشِقٍ مِثلِي

بَذُولٌ وَمَحْرُومٌ عَجِيبٌ ثَوابُهُ

مَتَى أَصْبَحَ الحِرمَانُ عَاقِبَةَ البَذْلِ

يجودُ عَلَيْنَا الحظ يوما بِنَظْرَةٍ

ْوبعض قليل الجُود شر مِنَ البُخْلِ

أُجَدِّدُ فِيها الشَّوْقَ وَالشَّوْقُ ثَائِرٌ

كَمَا تَفْعَلُ العِيدَانُ فِي النَّارِ مِنْ فِعْلِ

وَهَا قَدْ أَطَلَّتْ تُمْسِكُ اليَوْمَ طِفْلَةً

كَذَلِكَ يُمنَايَ التِي أَمْسَكَتْ طِفْلِي

- أوس بن إبراهيم الشمسان