Saturday 08/02/2014 Issue 427 السبت 8 ,ربيع الثاني 1435 العدد
08/02/2014

قصص عربية قصيرة جداً:

حملت هذه النماذج القصصية أبعادا وجدانية وإنسانية كثيرة

تطل هذه التجربة الفريدة من نوعها في مجال كتابة السرد القصصي القصير جداً .. هذا الفن الحديث في العالم العربي من حيث تكوينه وبنائه ومنظومات أدواته الفنية وتقنياته المتعددة لكل الأغراض والمنطلقات التي تحدد هذه الرؤية الاستمزاجية لفضاء النص الإبداعي القصصي بوصفه حالة جمالية تسري بالجميع إلى متعة التلقي في أي مكان وتحت أي ظرف من الظروف.

أما لماذا هي تجربة فريدة؟ فإن هذا النوع من النماذج الإبداعية - القصة القصيرة جداً - يحقق شرطية المنهج الفني الجمعي الذي يوحد كُتَّاب السرد في إضمامة نشر مناسبة تتجاوز الصعاب، وتتخطى المعوقات، فرغم أن هذا النوع من القصص قليل جداً، ولا يقبل عليه الناشرون في أكثر البلاد إلا أن حضوره مناسب، ويشي باتساق مفاهيمي عن فكرة النص الجمالي الذي يتعاضد في منظومات تعرف القارئ فيه، وتحشد الكثير من الرؤى حوله، ولا أدل من ذلك على ما يعرف بمداخل الفنون والإبداع على نحو نماذج الشعر والقصة في بلاد وشعوب كثيرة سبقتنا في هذه التجربة.

فالتقديم لهذا الكتاب أو المحتوى جاء على لسان معده الأستاذ فؤاد نصر الدين الذي أظهر هذه الإضمامة القصصية بشكل جميل ورشيق يعكس ذوقه الرفيع وحرصه على اكتمال منظومة الإبداع العربي في أي مكان وتحت أي ظرف، مستلهما بذلك رؤية العمل الجمعي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وأوعية وأقنية المعلومات الحديثة التي باتت تبشر بتطور نوعي في مجال الاتصال والإعلام والإبداع.

كما عكست القراءة الأولى للدكتور أحمد المصري «جماليات الأداء وتقنيات التعبير» كعنوان للدراسة التي تواكبت مع النصوص، وشرحة بالتفصيل واقع هذا الفن القصصي الذي بات يتشكل، ويقبل عليه القارئ باعتباره مادة إبداعية سهلة ورشيقة تبتعد عن الترهل والإطناب الذي قد توسم فيه بعض الأعمال السردية، بل إن الباحث الدكتور المصري قد حرص على اقتفاء حساسية هذا الخطاب الفني الذي لا يزال يتشكل، موضحا في هذا السياق الإحتفائي بالقصة القصيرة جداً أنها لا تزال تجاهد من أجل قيامها كمشروع سردي إبداعي متميز.

أما وان تجاوزنا هذا الدراسة في مقدمة هذا الإصدار فإننا سنقف أمام نماذج من النصوص القصصية التي تمثل شريحة من كتاب القصة القصيرة في العالم العربي، ممن لديهم تجارب سابقة مع ما تم تضمينه من أسماء واعدة بغية أن تتوازن الطروحات الإبداعية بما يخدم توجه هذا المنجز الاحتفائي الذي يعد - كما أسلفنا - فرصة مميزة للتعرف على ما لدى هؤلاء الكتاب العرب من مصر واليمن وليبيا والسعودية والأردن والجزائر والمغرب والعراق وسورية والسودان وتونس وفلسطين، إضافة إلى كتاب عرب في بلاد الغربة .. أوروبا وأمريكا.

حملت هذه النماذج القصصية أبعادا وجدانية وإنسانية كثيرة، تنم عن رغبة ملحة في بناء علاقة وعي وطيدة مع القارئ، إذ حملت القصص مضامين البحث عن الحرية، والأمل والأمان ومعالجة انكسارات الذات المتكررة في العالم العربي، فلم تخل أي قصة من هذه القصص من إشارة أو لمحة إلى الحاجة الملحة للوعي الذي بات غالي الثمن، ويندر الحصول عليه كما الخبز في بعض أحياء مدن عربية يحاصرها الظلم وتكميم الأفواه، والاعتقال، والدمار والقتل اليومي.

يبقى أن نشير إلى أن مشاركة كتاب المملكة العربية السعودية في هذا العمل هم ثلاثة أسماء.. خالد اليوسف ومحمد الشقحا وندى الخطيب، حيث حملت هذه النصوص فكرة ومضمون النص القصصي الواعي .. ذلك الذي يجاوز حقيقة مراحل التجريب إلى التمكن والنضج وبناء رؤية فنية متكاملة العناصر.

فالقاص والروائي خالد اليوسف يتفنن في صنع مقاربة استفهامية في نصه الأول «الدلال» والنص الثاني «الحب» حمل مقارنة أزلية بين الأنثى والرجل وهاجس الحب الذي لا يزال غامضا، وموغلا في تحولاته وتبدلاته الوجدانية.

فيما حملت قصص محمد الشقحا «النسخة الأولى» و»أعياد» على مفاصل العمل القصصي الذي يزاوج بين ما هو واقعي ممكن، وخيالي يفيض شعورا بالتوتر والقلق اليومي حينما يبني الشقحا في قصة الأولى وهج الماضي وفي الثانية هاجس متخيل أليم.

وما كتبته ندى الخطيب في نصوصها القصصية القصيرة لا يعدو كونه من قبيل رسم تفاصيل الحكاية الأزلية حينما يجتاح الحب مناطق معزولة من الوجدان، لتسعى هذه النصوص إلى مد جسور التواصل مع الممكن والأمل لعله يُغَيِّر من أمر الواقع شيئاً.

** ** **

إشارة:

- قصص عربية قصيرة جداً (قصص)

- إعداد: فؤاد نصر الدين

- مجموعة نصوص قصصية قصيرة لعدة كتاب عرب

- دار رهف للنشر والتوزيع - القاهرة - 2013م

- تقع هذه المجموعة في نحو (156صفحة) من القطع المتوسط