Saturday 08/02/2014 Issue 427 السبت 8 ,ربيع الثاني 1435 العدد

دان براون السعودي

التاريخ هو مفتاح فهم الحاضر وقراءة المستقبل، ستكون العبارة حكمة جميلة عندما تقابلك في إحدى الروايات، لكن عندما تذكر لك في بداية عمل روائي وبكل صفحة تنتهي منها تكتشف عمق هذه الحكمة ومصداقيتها وتأثيرها في نسج الحبكة تتأكد أن هذه الحكمة لم توضع جزافا وهذا يضاف حتماً لرصيد الكاتب.

تعد رواية حكومة الظل من أنجح الروايات العربية التي صدرت في السنوات الأخيرة وقد لاقت صدى كبيراً لاختلافها عمّا تعوّد عليه القارئ العربي، فالرواية تحتوي على التشويق والإثارة والأسرار التي تُتكشف للقارئ فصلا بعد آخر، وأعتقد أن السبب الرئيسي في نجاح هذه الرواية هو خروجها من المنظور البسيط واليومي الذي تغرق فيه الرواية السعودية إلى مكان أكثر اتساعا، وعالم مليء بالبوليسية والأسرار خلافا لما اعتاد القارئ السعودي أن يتلقاه ولم يُغفل الكاتب عنصر التثقيف أيضا وهذا عنصر مهم جدا في العمل الروائي منذر قباني طبيب وروائي سعودي صاحب أسلوب جديد في الرواية العربية يجمع البعد الفكري والتاريخي تدور الرواية حول زمنين دمج فيها الحاضر بالماضي تثير في النفس الكثير من الأفكار والتساؤلات.

الزمن الأول: زمن رجل الأعمال السعودي نعيم الوزان الذي يقوم بزيارة عمل للمغرب ويقرر خلال مدة إقامته زيارة معلمه السابق الدكتور عبد القادر ولكنه يفاجأ بمعلمه منتحراً، وتراوده فيما بعد الشكوك حول انتحار معلمه بسبب رسالة يتركها له عبد القادر على الإيميل قبل وفاته وتتوالى الأحداث الشيقة ليكتشف نعيم الوزان أن هنالك مجموعة إسلامية (العروة الوثقى) أنشأها (جمال الدين الأفغاني) والهدف من إنشائها هو مجابهة الجمعيات السرية اليهودية أيام الدولة العثمانية، والتي أحد بقاياها جمعية (البنائين الأحرار) والمعروفة بالماسونية.

الزمن الثاني: يعيدنا إلى الماضي، زمن جد نعيم الوزان خليل الوزان والذي عين حديثا ً نائبا ً عن المدينة المنورة في مجلس المبعوثان العثماني، حيث يكتشف الجماعة السرية والتي بعض أعضائها في (جمعية الاتحاد والترقي)، وهم من يهود الدونمة، وينضم إلى جمعية العروة الوثقى التي تم إنشاؤها حديثاً، ثم يعود إلى المدينة ليدافع عنها ضد قوات الشريف حسين المتحالف مع البريطانيين، ويموت فيها، لينقلنا هذا في النهاية إلى المسار الأول حيث البطل (نعيم الوزان) حفيده، وحيث نكتشف بأن أحد أصدقائه والذي تعرف عليه في اسطنبول خرج منها بعد سقوط الخلافة وانتقل إلى المغرب باسم (رشيد بنوزاني).

أكثر ما يميز هذه الرواية هي كميّة المعلومات والإسقاطات التاريخية واعتمد بطريقة احترافية على سلاح التاريخ، تناول الماسونية بطريقة مثيرة وبسيطة استطاع الكاتب أن يقدم المعلومة بطريقة سلسة جدا, قدّم أيضاّ معلومات عن نوع من اليهود وهم (يهود الدونمة) وهم يهود تظاهروا بالإسلام ودورهم في إضعاف الدولة العثمانية وتطّرّق لعلاقة الاتحاد والترقي بيهود الدونمة.

رغم أن الكاتب اعتمد على لغة السرد في هذا العمل ولم يتعمق في شخصيات الرواية واعتمد على الصدف بطريقة مفتعلة إلا أن العمل الروائي الذي جاء في 173 صفحة متوسطة الحجم يقدم المتعة والمعلومة في إطار تشويقي عالي, جاءت نهاية العمل مبتورة وغير واضحة لكي يدفع بالقارئ لاقتناء الجزء الثاني من العمل وهي رواية (عودة الغائب), يعتبر العمل بصمة متقدمة في جبين الأعمال الروائية السعودية لا نملك إلا دعم هذا النوع من الروايات الأدبية الشحيحة في منطقتنا حتى مع مقارنة العمل الأدبي بأسلوب دان براون في عمله الشهير (شفرة دافنشي) ما الضير في أن يكون لدينا دان براون سعودي.

أحلام الفهمي - الدمام