Saturday 08/02/2014 Issue 427 السبت 8 ,ربيع الثاني 1435 العدد

لائحة الأندية الأدبية المعدلة

الانتخابات المقيدة

كنت قد أشرت سابقاً إلى الاتجاه الذي سار فيه التعديل والحذف والإضافة في مواد لائحة الأندية الأدبية، وما نتج عن ذلك من صلاحيات جديدة للوزارة على حساب استقلالية الأندية، وتحدثت عن قصورها فيما يخص الآليات التي تحقق صلاحيات الجمعيات على قلّة هذه الصلاحيات. وفي ذات السياق سأتحدث عن «الانتخابات» وسيلة استقلالية الأندية، الوسيلة التي تحولت بسبب العوائق الكثيرة إلى هدف لأنها أس التجربة وجوهرها. ومن تابع انتخابات الاتحاد السعودي لكرة القدم سيدرك يقيناً أن لا مشكلة لدينا في المقدرة على تنفيذ انتخابات نزيهة وشفافة، بإجراءات تقفل كل أبواب الشك ومحاضن الريبة. لكن المشكلة تكمن في وجود الإرادة لإجراء انتخابات الأندية الأدبية بهذا القدر من العلنية والوضوح والشفافية... ما يحملني على هذا الرأي هو ما تحفل به النصوص الواردة في لائحة الانتخابات المعدلة من إجراءات ملتبسة وغير واضحة وخاضعة لإرادة الوزارة وتقديرها. وحين تكون الإجراءات ملتبسة فلن تسلم النتائج أبداً من ذلك الالتباس، وهو ما أكدته الانتخابات السابقة للأندية الأدبية.

سأتجاهل الماضي ومشاكله لأتحدث عن المستقبل ومخاوفه، من خلال بعض ما يخص الانتخابات في نصوص اللائحة المعدلة وسأبدأ بمسألة من يحق لهم الترشح.

الترشح للانتخابات

جاء في المادة (7) من اللائحة الأساسية المعدلة: «(حقوق العضو العامل وواجباته) 1. الترشح لعضوية مجلس الإدارة وفق ضوابط اللائحة.» ويعني ذلك أن الترشح حق من حقوق العضو العامل في النادي الأدبي وفق ضوابط تحددها اللائحة، وقد ورد في المادة (3) (مصطلحات اللائحة) «- اللائحة: اللائحة الأساسية للأندية الأدبية». والمقصود من المصطلح أنه كلما وردت اللائحة في أي نص فهي تعني اللائحة الأساسية وليس سواها. ولم ترد في اللائحة الأساسية المعدلة أي ضوابط أخرى للترشح غير ما ورد في هذا النص عن حقوق العضو العامل. وهو ما يجعل الترشح للانتخابات بلا ضوابط، أو أن هذه الإشارة «وفق ضوابط اللائحة» مُبلبِلة وغير ذات معنى.

ولعل المقصود هو الإشارة إلى ما كتب على وجه نموذج «استمارة العضوية» ـ وهي استمارة بيانات فارغة يملؤها العضو المتقدم للعضوية ـ كتب على وجهها:»يحق للحاصلين على المراكز من (1ـ25) من قائمة العضوية العامة بحسب نقاطهم الترشح لمجلس الإدارة». واعتبار هذه الفقرة من الضوابط دون إشارة إليها بنص في اللائحة خطأ فادح. وإذا تجاهلنا هذا الخطأ التقني وسلمنا بوجود مثل هذا النص في اللائحة، وبعيداً عن تأسيسه لمبدأ الطبقية في الجمعية، ستكون الوزارة من خلال لجنة العضويات التي تشكلها هي من يحدد من يحق لهم الترشح وفق ضوابطها المرنة والخاضعة للتأويل والتقدير. وإذا كان عدد من يحق لهم الترشح هم 25 فقط ماذا لو لم يتقدم للترشح 11عضواً أو أكثر لأي سبب؟ كيف سيُنتخب عشرة المجلس والأعضاء الخمسة الاحتياطيون لهم؟ ... المأزق الآخر أنه بمثل هذه الآلية سيسيطر على هذه القائمة وعلى إدارات الأندية في الغالب كبار السن الذين أتاح لهم العمر جمع النقاط الأكثر، وفي ذلك استبعاد لقدرات الشباب.

التصويت

فيما يخص التصويت وآلياته طرأ على المادة (13) في لائحة الانتخابات تعديل كاشف... فقد كان النص في اللائحة المعمول بها كما يلي «يقوم الناخب بالاقتراع لاختيار أعضاء مجلس الإدارة (الكترونيا أو ورقيا) ويحق للناخب التصويت لمرشح أو أكثر، وفق ما تقرره لجنة الإشراف على الانتخابات.» وأصبح في المعدلة كالتالي «يصوت الناخب لمترشح فأكثر وفق ما تقرره لجنة الإشراف على الانتخابات». بعد الحذف والتعديل في نص المادة لم يعد هناك أي ذكر للانتخاب الورقي فيها وبالتالي لن يكون خياراً مطروحاً ومنصوصاً عليه، وأصبح القرار فيما يخص التصويت للجنة الإشراف على الانتخابات المشكلة من الوزارة. وكذلك لم يعد التصويت لمرشح أو أكثر حقاً للناخب بحسب عدد المقاعد المطروحة للانتخاب، بل امتثالاً منه لما تقرره هذه اللجنة. هذه الوصاية المكتملة الأركان التي يفرضها النص المعدل هي احتواء قانوني لكل المعارضات المتوقعة من المثقفين لآليات الانتخابات القادمة، ولم يعد الحديث عن الانتخاب الورقي وارداً إلا من باب التفضّل إن ورد. وستكون الأندية وانتخاباتها تحت رحمة هذه اللجنة وقراراتها وإن خالفت هذه القرارات إرادة الأدباء والمثقفين فيها.

انتخاب الهيئة الإدارية لمجلس الإدارة

ورد في الفقرة2 من المادة27 من اللائحة الأساسية المعدلة التالي: «2. ينتخب مجلس الإدارة من بين أعضائه رئيساً ومسؤولاً إدارياً ومسؤولاً مالياً بحضور ممثل الوزارة وإشرافه، ...، وتوزع المهمات أعلاه بحسب مقلوب الترتيب بانتخابات الجمعية العمومية + عدد أصوات بعضهم لبعض بتصويتهم السري(*) ...» بمعنى يعطى الأعلى في أصوات الجمعية 10 أصوات في انتخاب الهيئة الإدارية وللثاني 9أصوات ... وللعاشر صوت واحد، تجمع هذه الأصوات إلى تصويت أعضاء المجلس على هذه المناصب والأكثر أصواتاً بعد ذلك يكون في المنصب. كما ورد هذا الشرح في الهامش التفسيري لهذه الفقرة الذي يبرر هذا الدمج بالسبب التالي: «وبذلك ستقل فرص الحاصلين على الأصوات الأقل بانتخابات الجمعية العمومية على المنافسة.»

لا أدري ما المصلحة التي ستتحقق من تقليل المنافسة بين أعضاء المجلس وهم تمثيل لإرادة الجمعية، يفترض أنهم متساوون في الحقوق، أمّا مسألة ترتيبهم من 1 إلى 10 فمرد ذلك لأن عدد المناصب في المجلس عشرة، ولا يعني بالضرورة أن رقم1 في عدد الأصوات هو الأفضل إدارياً من البقية، وكلهم حاز ثقة الجمعية، ولهم كامل الحق بانتخاب الأصلح منهم وفق إرادتهم، وفي احترام خيارهم احترام لإرادة الجمعية التي انتخبتهم. هذه الخلطة العجيبة التي يأتي بها النص دون حاجة ملحة لها، والتي لا تعتمد خيار الجمعية ولا تعتمد خيار المجلس هي انتقاص من إرادة الجمعية وإرادة المجلس ليكون للوزارة إرادتها العليا بآليتها الجديدة الخاضعة لإشرافها ووصايتها.

المحصلة انتخابات بلا ضوابط واضحة للترشح! الوزارة هي التي تحدد من يحق لهم الترشح لها من خلال قائمة الـ25! وهي من يقر آليات الانتخاب في الجمعية والمجلس ويشرف عليها! دون آليات واضحة ووفق نصوص مرتبكة هي أشبه بما يتركه الاستعمار من مشاكل الحدود بين البلدان المستعمرة بعد خروجه منها رغبة في العودة إليها. وهو ما تحققه اللائحة المعدلة للوزارة.

موسى عقبل - عضو الجمعية العمومية لأدبي جازان - جازان