Saturday 08/03/2014 Issue 431 السبت 7 ,جمادى الاولى 1435 العدد
08/03/2014

أثر الإعلام الجديد في تحولات الوعي في المجتمع السعودي 5-6

في وقت قريب، لم يكن بإمكان أي شخص يرغب في الظهور إعلامياً وعبر التلفاز أن يظهر، ما لم يكن قادراً على الوصول إلى هذه الوسيلة الإعلامية التي كانت -ومازالت- تمثل النقلة الأهم في تاريخ الإعلام الحديث، وكان عليه أن يتقدم إلى القنوات، وأن يمتلك الموهبة، ويتم عمل تجربة له، واختبارات عدة، وربما نجح أو لم ينجح، تخضع المسألة لقدراته، وأيضاً للعلاقات، فالوسط الإعلامي مشهور بالعلاقات التي ساهمت في وصول الكثيرين.

أما اليوم فإنه بإمكان أي شخص - كائناً من كان- ولديه القدرة على إنتاج عمل خاص به، بإمكاناته المتوافرة، من كاميرات وخلاف ذلك، بشرط أن تكون في مستوى جودة معينة، أن ينتج ما لديه، ويقوم بعمل قناة خاصة به على اليوتيوب - مجاناً- ويبث ما لديه دون اللجوء إلى القنوات الرسمية، ودون أي رقابة تذكر، سوى الرقابة الذاتية، وقليل من الرقابة على موقع اليوتيوب من قبل إدارته في الدول التي يصدر عنها.

إذن هناك تحول كبير، وفارق شاسع بين ما كان عليه الإعلام، وما هو عليه اليوم، وهذا ما جعل عدداً كبيراً من الموهوبين الشباب من المملكة العربية السعودية، يظهرون أعمالهم على اليوتيوب على شكل برامج تلفزيونية لفتت الأنظار، أكدت أن العمل الإعلامي غير الرسمي أكثر إبداعاً، وأكثر قدرة على تقديم الجديد، وأكثر جرأة على طرح قضايا الناس وهمومهم، وقد تم إيقاف عدد من هذه البرامج، وظهر واشتهر عدد آخر من أصحاب هذه البرامج الذين تم استقطاب عدد منهم إلى قنوات خاصة مشهورة، ليعملوا معها، وهم بذلك خلقوا لأنفسهم فرص عمل حقيقة عبر إبداعاتهم الشخصية، ومواهبهم الحقيقية التي أظهروها من خلال اليوتيوب.

ومما يؤخذ على اليوتيوب وجود عدد هائل من الفيديوهات الفضائحية التي تمس حياة أسر وعوائل مشهورة، في شرفهم وفي معاملاتهم، وفي أخلاقهم، وربما تم تسريب هذه الفيديوهات بهدف التشهير بهذه الشخصيات انتقاماً أو كشفاً، وهناك فيديوهات فضائحية أيضاً لأشخاص عاديين غير مشهورين، ربما صوّر بعضها بشكل شخصي، وهو نفس النهج الذي كانت تسير عليه الصحافة الصفراء في تاريخ سابق من القرن الماضي، لكنها أكثر شراسة وأكثر تأثيراً وتشهيراً، وهذا يؤكد عدم وجود ميثاق شرف لأخلاقيات المهنة الإعلامية، وهو ربما ما لا يمكن تطبيقه - كما يرى البعض- على عالم اليوتيوب، مع أن الواقع يؤكد عكس ذلك، وهو إمكانية التطبيق إذا أرادت الحكومات التي تسمح لهذه المواقع بالظهور في سماء الإنترنت، وفي المقابل إذا تم عمل ميثاق شرف لأخلاقيات المهنة بين شعوب العالم، يمكن أن يتحقق هذا الأمر، ويخفف قليلاً من حجم السلبيات القاتلة لهذا الموقع غير العادي.

كما ظهرت برامج أخرى مرتبطة باستخدام الأجهزة الذكية، من خلال نظامي Androidالأندرويد، و Iosآي أو أس، اللذين يطبقان الآن بشكل واسع في كافة الهواتف المحمولة الذكية، التي أفرزت تطبيقات تخدم معظم نواحي الحياة، وعلى رأسها التطبيقات السياحية، والتجارية، والتسويقية، والخدمية والرياضية والترفيهية، والتوعوية، وتطبيقات الكتب، والصحة والتغذية، وغيرها كثير.

ثم تبع ذلك اهتمامات كبيرة وجلية، لدى معظم الوزارات والإدارات الحكومية، وشركات ومؤسسات القطاع الخاص، في تأسيس مواقع خاصة بها، تخدم مراجعيها أو عملاءها، عبر الإنترنت، الأمر الذي بدأ يشكل ثقافة جديدة، تدعى «الحكومة الإلكترونية»، التي عرفت في أكثر من موقع على الإنترنت على أنها:

نموذج جديد من التعاملات الحكومية وإعادة تعريف العلاقة بين الحكومة والمواطنين، ومساعدة الحكومة في تغيير طريقة عملها وتوصيل خدماتها الحيوية للمواطنين، وذلك عن طريق توفير بنية تصميمية تلبي احتياجات الحكومة.

ويأتي التفكير في تبني مفهوم الحكومة الإلكترونية E-government كخطوة جديدة للتفاعل مع معطيات القرن الجديد، من حيث شمول كل مؤسسة من مؤسسات الدولة بنظام إلكتروني حديث وربط هذه المؤسسات مع بعضها بشبكة إلكترونية موحدة.

- الرياض