Saturday 08/03/2014 Issue 431 السبت 7 ,جمادى الاولى 1435 العدد
08/03/2014

قراءة التراث الأدبي واللغوي في الدراسات الحديثة

هذا عنوان الندوة الدولية الثانية التي عقدها قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة الملك سعود من 25 حتى 27 من ربيع الآخر عام 1435ه، ويفهم من هذا العنوان أن أعمال الندوة تعالج الدراسات الحديثة التي قرأت التراث، وهي بهذا نقد للنقد، وبهذا الفهم قدمت بعض الأعمال؛ ولكن أعمالًا أخرى فهمت أن موضوع الندوة هو قراءة التراث بدراسات حديثة، ولعل هذا الاختلاف جاء من اعتبار الحرفين (في) و(أل): (في الدراسات)؛ فمن عدّ (في) ظرفية و(أل) تعريفية عهدية عالج الدراسات القارئة الناقدة للتراث (نقد النقد)، ومن عدّ (في) للاستعانة كالباء وعدّ (أل) تعريفية جنسية قرأ التراث نفسه من منظور حديث (بالدراسات)؛ لأنه لا فرق عنده بين (بالدراسات) و(بدراسات)، ومن أمثلة النوع الأول بحث أميرة القفاري «قراءة النقد الثقافي للتراث الأدبي، آفاق التلقي والتأويل»، وبحث دياب رابح قديد «قراءة حداثية للتراث وإشكالات المنهج: بحث في تضاريس النص التراثي عند بعض الانتلجنسيا العرب» ناقش فيه قراءات وهب رومية وجابر عصفور ومحمد النويهي وريتا عوض وعبدالله الغذامي، ومثله بحث رشيد سلاوي «من جهود المغاربة في قراءة النصوص الأدبية والنقدية التراثية:قراءة مصطلحية»، ومن هذا بحث عبدالرحمن بوعلي «القراءة العاشقة أو استراتيجية قراءة النص السردي الكلاسيكي: عبدالفتاح كيليطو نموذجًا»، ونالت تجربة عبدالفتاح كيليطو اهتمام غير باحث؛ إذ نجدها عند عبداللطيف محفوظ في بحثه «التحليل السيميائي للنصوص التراثية: مقاربة لتجربة عبدالفتاح كيليطو»،وعند فاتحة الطايب أمحزون في «نموذج تأصيل الكيان من المنظور الحواري»، وفي السياق نفسه نجد بحث عبدالقادر محمد الحسون «إشكالية المنهج عند النقاد المعاصرين ودورها في تطوير قراءات الشعر القديم»، ومن أمثلة النوع الثاني بحث إدريس بن خويا «معالم النظرية الإشارية في فكر الإمام ابن قيم الجوزية والدرس اللساني الحديث»، وبحث أيمن محمود محمد إبراهيم «أسلوب النداء في العربية دراسة في تداوليّة الخطاب»، حاول فيه فرض التداولية على المنجز النحوي التقليدي خالطًا بين مقاصد المتكلمين ومقاصد النحويين، ومن هذا الاتجاه بحث إبراهيم الدهون «رثائية المعري الإنسانية، قراءة من منظور تناصي»، ومثله فعل أبوعبدالسلام محمد الإدريسي «قراءة عبدالقاهر الجرجاني وتصوره لفعل القراءة»، وبالجملة يلاحظ أن معظم هذه البحوث سعت إلى الإعلاء من شأن التراث في زمتراجع عنه ودعوة لإقصائه والتهوين منه، ونجد التصريح بالدفاع عن التراث في بحث عبدالرحمن بودرع «نحو قراءة إبستمولوجية معرفية للتراث النحوي العربي»؛ إذ قال: «يهدف هذا البحث إلى إثبات أن الفكر اللغوي العربي القديم ما زال يشتمل على عناصر القوة والنمو والتطور، ومواكبة المناهج اللسانية والفكرية الحديثة. ونجد من هذا النوع ما انكفأ على دراسة التراث دراسة تحليلية لفهمه من غير توسل بمناهج غربية غريبة عنه، ومن غير تعمد لإثبات تميزه بل سعى إلى فهم التراث كما هو، ونجد ذلك في بحث وسمية عبدالمحسن المنصور «وقائع الخطاب في كتاب مجالس العلماء للزجاجي»، وقد وقفتنا على مضامين الكتاب ومسالك تحرير المجالس وأسلوب إدارة الحوار وإبانة الحجة، وعملها هذا جاء امتدادًا لأعمال أنجزتها في درس التراث وتحليله وفهمه.

وجاءت توصيات المؤتمر منطلقة من مجريات أعمال الندوة، إذ أوصت بتأييد ما اتجه إليه الباحثون من أن قراءة التراث فعل مساءلة واكتشاف؛ وأنها لا تنفك عن قراءة المنجزات المعرفية العالمية التي يجب أن تسلم من أي مقصد تعظيمي أو تحقيري، وأنّ المنجز التراثيّ بالغ السعة والعمق مما يقتضي معاودة القراءة والكشف والتحليل. وأنه وحدة واحدة، ليست النظرة التجزيئيّة إليه إلا نظرة قاصرة غير قادرة على الوفاء بحقه ولا تعميق وعي به. ومن توصياتها ضرورة تشجيع طلاب الدراسات العليا بتمكينهم من حضور المؤتمرات العلمية والمشاركة فيها بالبحوث العلمية وغيرها، ومن حسنات هذه الندوة أن بدأت بهذا؛ إذ كان أول أعمالها لطالبة الماجستير في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أميرة بنت سلمان القفاري.

- الرياض