Saturday 10/05/2014 Issue 437 السبت 11 ,رجب 1435 العدد
10/05/2014

«ثمة ما يستحق» خطوته ألأولى التي أثارت الدهشة

الفنان فيصل الخديدي يبحث عن الفكرة في زوايا أغفلها الآخرون

فيصل الخديدي مبدع في مجاله ومدير لإبداع الآخرين.. علاقاته الأفقية مع أطراف الثقافة والفنون البصرية تتيح له المساحة الكبيرة من اكتساب الخبرات التي تعينه على التعامل مع تخصصه التشكيلي، فهو مدير لفرع جمعية الثقافة والفنون بالطائف حضن الإبداعات المتنوعة عروض ومسرح ورواية وقصة وفنون تشكيلية وتصوير فوتوغرافي وخط عربي إلى آخر المنظومة.. ومع ذلك استطاع أن يوزع وقته ببن مرسمه وبين مكتبه وقلمه.. يرسم ويشكّل الخامات ويبتدع ويبدع ويشارك ويحضر مختلف المعارض والمناسبات الثقافية... وقبل هذا كلّّه.. أب ورب أسرة لا يغفل حقوق بيته..

يمتلك الفنان فيصل الخديدي نعمة الهدوء والحكمة أتاحت له تحمل الكثير وتقريب المسافات بينه وبين من يختلف معه.

لم يتوقف عند مكتسبات الأكاديمية بقدر ما مزجها بموهبته ووعيه بالجديد من خلال تجاربه المتوالية بعقلانية نابعة من وعي بما يعنيه العمل الفني وما يهدف إليه في مجتمع حذر من كل جديد.

قوالب ثلح الفكر والفن

(ثمة ما يستحقُّ)، هو عنوان أول معرض للفنان الخديدي عام 2009م افتتحه الشاعر والأديب الدكتور سعيد السريحي الذي قال عنه: في معرض فيصل فلسفة فكر وجرأة فنان، فهو يلتقط مأساة الإنسان المعاصر حينما تتهادى من حوله الأشياء تحت وطأة النسيان تارة وتحت وطأة الاستهلال والابتذال تارة أخرى، بدءًا من الطفولة، وانتهاء بقيم الفن الرفيع، ثمَّ يستفيض الفنان داخل ذلك الفيلسوف بجموح مَن يبحث عن شكل مختلف لرؤيته للعالم من حوله، فيتخذ القوالب الثلجية تجسيدًا لهذه المأساة، ثمَّ يتجسِّد الرمز بعد ذلك في اتِّخاذ الثلاجة نفسها كأداة لتقديم العمل، ويخطو بعد ذلك خطوة ثالثة لكي تصبح الثلاجة جزءًا من العمل وليس أداة لعرضه فحسب، وذلك ما تكشفه عندما نرى توقيع الفنان على الثلاجة وليس المعروض داخل الثلاجة.

ويختم السريحي بقوله: الخديدي كسر بجرأته دائرة التوقع واستطاع أن يقدم لنا عملاً مختلفًا في مضمونه وفي شكله السائد للأعيان.

هنا نقف جميعًا احترامًا لكلمات لم تأت من مجامل أو بعيد عن عالم الإبداع بقدر ما كانت صادرة من رمز في الأدب والشعر، يحسب بكلماته ويضعها في مواضعها الصحيحة.

لكننا أيْضًا لنا الحق أن نقرأ ما نعرفه من إبداعات الفنان الزميل فنانًا وقلمًا والصديق بإِنسانيته وخلقه الرفيع، فقد أسهم الفنان فيصل بتجارب لم تكن وليدة الصدفة بقدر ما عاش فيها ومعها لحظات لا تخلو من الصعاب مع ما في صعوبتها من أساس جميل يعيشه الفنان حينما يَرَى إبداعه وفكره وفكرته وسبل تنفيذه تتشكّل كما شاء وكما كان هدفه من أن تبرز الفكرة وبعد النظر للتعبير عن حقيقة تمثّلت كعناصر، تجمدت وتزداد تجمدًا في مجالات الفن الذي عبر عنه الفنان بالكتلة والحجم والحرف والعبارة حتَّى لو لم تكن كاملة في شكلها الظاهر إلا أن صاحب البصر البصيرة يضعها في مكانها ومكانتها التي هيأها لها الفن في أن يقيم لها معرضًا، جمع فيها ملامح الفكر أدبًا في شكل الكتاب وفنونًا بما أشرنا إليه من الفنون البصرية ورموزها، قدمها جامدة في أطرها وما أحيط به تبحث عن مخرج ونافذة تستقبل منها ضوء الشمس، ذكرتني بعمل لفنان عراقي أطلق عليه اسم الغرفة وتظهر بشكل غرفة يمكن المرور من خلالها، مشيرًا إلى أن النسان بتشكّل في غرفة الرحم ويمر بغرف تمثلها القوانين الوضعية من تحذيرات وتعاميم وشروط إلى أن ينتهي في غرفة (القبر).

إيحاء يعود بنا لفكرة أو إبداعات الفنان الخديدي التي تثير فينا الدهشة، ثمَّ تنقلنا للبحث عن إجابات بحوار طويل لا ينتهي ولا يمل.. فالكتاب يولد في حضن المؤلف ويستعرض في معارض الكتاب وينام على أرفف المكتبات وينتهي بمكتبات منزلية وضعت للتجميل أو لإظهار أن صاحبها مثقف، فتصبح جامدة هامدة هي أقرب للموت منها للحياة والتفاعل.

كذلك الفن يبدع الفنان في مرسمه ويسعد بدعوة للمشاركة في معرض وينتهي المشوار لأعماله إما للعودة للسجن الذي يمثله المرسم، أو أن تقتني ولم يعد يَرَى لها أو يسمع خبرًا، وإن وضعت قي مكان مناسب فالأمر لا يتجاوز الزمن الذي يتم بعده ترميم المكان أو المؤسسة فيتنتهي بالمستودع أو (حاويات الزبالة).

هنا يتمثَّل لنا ما يعنيه الفنان من أن هناك عقولاً لا تستوعب أبعاد الإبداعات الثقافية بكلِّ روافدها كون تلك العقول تمثِّل ثلاجات للتجميد، تجمد من يتعامل معها.

سيرة عطرة وإبداع واثق الخطى

الفنان فيصل خالد الخديدي- يحمل درجة الماجستير في مناهج وطرق تدريس التربية الفنيَّة 1430هـ من جامعة أم القرى بمكة المكرمة، مشرف تربوي بوحدة تطوير المدارس بتعليم الطائف، مدير جمعية الثقافة والفنون بالطائف، أمين جائزة معالي محافظ الطائف للفنون التشكيلية، عضو ورشة العمل المسرحي في الطائف، عضو مؤسس والمشرف العام لجماعة تعاكظ التشكيلية بالطائف، عضو لجنة تحكيم الأعمال الفنيَّة المشاركة بالمؤتمر العلمي الرابع لطلاب وطالبات التَّعليم العالي 2013م، مقرّر وعضو لجنة الفنون التشكيلية والخط العربي بفرع جمعية الثقافة والفنون بالطائف 1427-1430هـ، المعدُّ والمشرف على برنامج الفنون البصرية بنادي الطائف الثقافي الأدبي 1427هـ، عضو لجنة تحكيم المسابقة الأولى والثانية للفنون التشكيلية بمهرجان الخيل للفرسان والفنانين التشكيليين بالطائف 2005م، وبجدة عام 2006م، المشرف على جائزة لوحة وقصيدة بسوق عكاظ، رئيس لجنة الفنون بسوق عكاظ 1430هـ حتَّى 1434هـ، شارك في أكثر من مائة معرض داخل السعوديَّة، شارك في أكثر من أسبوع ثقافي ومهرجان تشكيلي بعدد من الدول منها (فرنسا- جمهورية التشيك وسلوفاكيا - أذربيجان- تونس- المغرب - الجزائر - لبنان - مصر- الكويت - عمان). كتب سيناريو أكثر من حلقة في برنامج حراك الشارع بالتلفزيون السعودي، كتب العديد من المقالات والموضوعات التشكيلية بعدد من الصحف المحليَّة والعربيَّة والمجلات الإلكترونية، قدم العديد من المحاضرات والدورات التدريبية في الفنون التشكيلية، وفي مهارات التفكير، صدر له كتاب تشكيلي بعنوان «مدونات تشكيلي»، المعرض الشخصي الأول (ثمة ما يستحقُّ 2009 جدة، الطائف، طرابلس، بيروت، المعرض الشخصي الثاني (تحية لسيد البيد) 2011 جدة، الطائف، معرضين ثنائية مع الفنان زايد الزهراني بجدة والطائف، المعرض الثنائي (ترياق 2013) قاعة تراث الصحراء الخبر، حصل على العديد من الجوائز واقتنيت الكثير من أعماله لجهات مختلفة حكومية وخاصة، كتب عن أعماله الكثير من القراءات سواء النقديَّة في عدد من الدراسات الأكاديمية برسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه.. أو القراءات الأدبيَّة.

- monif.art@msn.com