Saturday 13/12/2014 Issue 455 السبت 21 ,صفر 1436 العدد

بريد القلب

محبط ومهزوم!

لم يفكر الشاعر الفلسطيني الشهير المرحوم محمود درويش كثيرا في السؤال الهام الذي وجهه له أحد الصحفيين العرب في القاهرة: الآن بعد أن انهار المشروع القومي وهزمت كل الثورات العربية ألا تشعر أنك في ورطة؟ فرد الشاعر درويش: أعتقد أن كل إنسان عربي في ورطة، في ورطة مع علاقته بمستقبله ومع تصوره المثالي لمشروع حياته. إننا جميعا متورطون بإحباطاتنا. ولا يوجد إنسان لديه ضمير وإحساس في علاقته بالأشياء إلا ويشعر أنه مهزوم ومتورط بخيبة أمل كبرى. وأنا من المحبطين، ليس لدي يقين في شيء. وعندما سأل الصحافي الشاعر درويش: محبط ومهزوم... أم محبط فقط؟

قال بصراحة: مهزوم أيضا... فمن مشاكلنا أننا لا نعترف بالهزيمة لذلك نبقى أقوياء في الوهم، ومن يعترف بالهزيمة يبدأ في إعادة تأسيس نفسه وتأسيس بداية جديدة، ويقرأ تراكم الخبرة بطريقة تجعله يضع مشروعا لانطلاقة ما. أما الذي لا يعترف بالهزيمة ويتصور أنه منتصر فهو يحافظ على كل عناصر استمرار الهزيمة. أنا أعترف أنني محبط ومهزوم وأقاوم بالشعر واللغة لأن هذه المنطقة أعتقد أنها غير قابلة للانكسار وعلينا أن نحرص عليها.

ولا يوصف الشاعر حالتنا العربية بمهارة شديدة كعادته بل يطرح تصورا مغايرا لما نسمعه ونقرأه كل يوم فهو يرى أن على الفرد بعد أن فشلت الحركات وغيرها أن يحاول حماية نفسه ومهنته. فعلى الرسام أن يرسم بشكل أفضل وعلى الروائي أن يكتب روايته بشكل أفضل لأن هذه الأعمال الإبداعية لن تذهب سدى. صحيح أن تأثيرها بسيط وبطيء ولكن يسهم في حماية الجوهر.

أظن أن كلام الشاعر الجميل محمود درويش أكثر من مهم وواقعي خاصة للسياسيين والمثقفين وغيرهم الذي تعيش الغالبية العظمى منهم عندنا على نفس التحليلات والتنظيرات التي عفا عليها الزمن والذين لايزالون يسكنون في أوهام عريضة وأحلام لن تتحقق.

كما أن شاعراً عظيماً مثل درويش لا يستطيع أحد أن يزايد عليه بالنضال والكفاح. ومع ذلك فهو يؤمن بدور الفرد وإبداعه ويعرف تماما أنه لا يزال يوجد الكثيرين من السياسيين وأصحاب العقول الجامدة يعتبرون الزعيق في الشوارع لأي شيء وضد أي شيء أهم مليون مرة من أكبر مبدع وعالم!

خالد البسام - المنامة Albassamk1@hotmail.com