Saturday 13/12/2014 Issue 455 السبت 21 ,صفر 1436 العدد

قصيدة

حَسْنَاءُ القِمَّةِ وشَاعِرُ القَاع

وردتني من الشاعر الشعبيِّ الأستاذ حمد بن عبدالعزيز البادي مقطوعةٌ شعريَّة فصيحة مشيراً لمناسبتها قائلا: «وهذه يا أبا هُمام الأبيات التي نظمتُها في كاتبة الخواطر المُتَكَلّفَة التي رأت الأعضاء معرضين عنها، فكتبتْ خاطرتها المتعالية تصفنا بأنَّنا في القاع»، فتفاعلتُ مع ذلك شعراً بالآتي:

الشِّعْرُ والفِكْرُ يَا حَسْنَاءُ أَعْيَاكِ

وَالذَّوقُ والمَنْطِقُ الفَنِّيُّ أَضْنَاكِ

فَأَفْلَتَتْ مِنْكِ ذَاكَ الأَمْسَ خَاطِرَةٌ

قَدْ أَوجَعَتْنِي فَقَلْبِي حَائِرٌ شَاكِي

أَأَشْتَكِيْكِ إِلَى عَقْلِي فَيَصْرِفُنِي

عَنْكِ ابْتِعَاداً وَيَدْعُونِي لأَنْسَاكِ؟

أَمْ هَل أُحَكِّمَ قَلْبِي فِي شِكَايَتِه

فِيْكِ وَفِي حَيْرَتِي وَالقَلْبُ مُضْنَاكِ؟

قَلْبَي سَيَهْزِمُ عَقْلِي فِي مَحَاكَمَتِي

فَكَيْفَ أَخْرُجُ مِنْ إِيْحَاءِ ذِكْرَاكِ؟

مَا هَزَّنِي الشِّعْرُ إِيْقَاعاً وَأُغْنِيَةً

لَولاكِ لَولاكِ يَا حَسْنَاءُ لَولاكِ

إِنِّي لأَقْرَأَ فِي عَيْنِيْكِ خَاطِرةً

أُخْرَى تُصَحِّحُهَا فِي الشَّوقِ عَيْنَاكِ

كَمَا قَرَأتِ بِإِيْقاعِي الأسَى نَدَماً

مِن مَطْلَعِ الشِّعْرِ سُخْطاً لا سَخِطْنَاكِ

فَتِلْكَ وَاحِدَةٌ جَاءَتْ بِوَاحِدَةٍ

أَنْهَى المَشَاعِرَ عَنْ أُخْرَى وَأَنْهَاكِ

مَا عَادَ لِلأَمْسِ تَأْثِيْرٌ يُصَادِمُنَا

مُسْتَقْبَلاً فنُعَانِي رَجْعَ إِنْهَاكِ

كَلاَّ فَلَنْ نَقْبَلَ التأثِيْرَ بَعْدَئِذٍ

فَكَيْفَ نَقْبَلُه قَولاً لأَفَّاكِ؟

ها قَدْ مَدَدْتُ يَدِي فَلْتَأْخُذِي بِيَدِي

لِقَمَّةِ المَجْدِ حَيْثُ المَجْدُ أَلْقَاكِ

فَإِنْ بَدَا القَاعُ عَنْ كَفَّيْكِ مُبْتَعِداً

وَمَا اسْتَطَعْتِ لِهَذَا البُعْدِ إِمْسَاكِي

لا تَتْرُكِيْنِي فَإِنَّ القَاعَ يُوحِشُنِي

مُدِّي بِشَوقِكِ مَوصُولاً بِنَجْوَاكِ

أَو فَاهِبِطِي وَاقْرَئِي شَوقِي بِرَائِعِةٍ

رِيْمٌ عَلَى القَاعِ فِي تَصْوِيْرِه الحَاكِي

لاقَى بِه قَلْبُ شَوقِي لا مَشَاعِرُه

سَهْماً أَحَلَّ دَماً مِن عَيْنِ سَفَّاكِ

فَالقَاعُ لَيْسَ حَضِيضاً فِي تَمَوُّجِه

رَوضاً وَسَهْلاً بِمَفْهُومِي وَإِدْرَاكِي

عُودِي إِلَى القَاعِ فَالآرَامُ مَوطِنُهَا

رَوضٌ بِقَاعٍ وَرَبُّ الرِّيْمِ يَرْعَاكِ

بِه الغَضَا والخُزَامَى بَعْدُ مُزْهِرَةٌ

بِه العَرَارُ أَرِيْجٌ مِنْه نَادَاكِ

وَالشِّيْحُ مِن بَيْنِهَا والرِّمْثُ مُنْتَشِرٌ

وَفِي رُبَاهَا شَمِيْمٌ عَابِقٌ زَاكِي

لَسَوفَ تَلْقَيْنَ فِيْهَا شَاعراً ثَمِلاً

بالحُسْنِ بِالشِّعْرِ مُشْتَاقاً لِلُقْيَاكِ

سَيَجْعَلُ القَاعَ فِي إِيْقَاعِه طَرِباً

إِيَّاكِ أنْ تَجْرَحِي الإحْسَاسَ إِيَّاكِ

لا تَخْذُلِيْهِ بِقَولٍ لَسْتُ عَائِدةً

لا تَجْرَحِيْه بِمَا يُخْفِي مُحَيَّاكِ

عُودِي لِتَرتَفِعِي فِي رُوحِه قِمَماً

مِنْ بَعْدِ تَدْرِيْبِه مِنْ غَيْرِ إِنْهَاكِ

فَسَامِرِيْه بِأشْعَارٍ تُغَيِّرُه

حِسّاً فَيَرْقَى إِلَى إِيْقَاعِ دُنْيَاكِ

وَثَقِّفِيْه بِأَفْكَارٍ تُطَوِّرُه

فِكْراً لِيَفْهَمَ مَا بِالنَّقْدِ أَغْرَاكِ

وَدَرِّبِيْه بِرِسْتِيْجاً وَذَائِقَةً

يَا قِمَّةَ الذَّوقِ جُودِي لا عَدِمْنَاكِ

فَحِيْنَهَا سَوفَ يَنْسَى جُرْحَ خَاطِرةٍ

وَأَنْتِ تَنْسَيْنَ ُسُخْطَ المَطْلَعِ الشَّاكِي

حَسْنَاءُ عُودِي تَعُدْ بِالشِّعْرِ مَوهِبَتِي

تَرْوِي الحَيَاةَ بِإحْسَاسِي وَسِيْمَاكِ

وَيَنْشُرُ اللَّيْلُ أَحْلامِي وَيَحْمِلُهَا

إِلَى شُعُورِكِ كَيْ تَحْيَا بِذِكْرَاكِ

فَتَسْتَعِيْدِي أَمَاناً تَاهَ فَابْتَعَدَتْ

بِكِ الخَوَاطِرُ حَتَّى خِيْفَ مَسْرَاكِ

إِنِّي يُحَدِّثُنِي قَلْبِي وَيَهْتِفُ بِي

شَوقِي إِلَيْكِ بِأَنِّي سَوفَ أَلْقَاكِ

- د. عبدالرحمن عبدالله الواصل