Saturday 13/12/2014 Issue 455 السبت 21 ,صفر 1436 العدد

نصوص

ضحاياك يأتون وقصائد أخرى

1

ضحاياك يأتون

أنت لا تستسيغ السعادة

كالعاشقين، يضيئون في الليل

لا يتركون لنا أثراً نستدلّ عليهم

ولا تستسيغ الطريق إلى الحيّ بعد العشاء

لأنّ ضحاياك في الليل يأتون.

لا وقت لي كي أردّ أنا

عربات الجنون إلى شارع آخرٍ

سوف يلزمني زمن أتوالد

في غابة يتصاعد منها الخواء

وحيداً أنا أتبختر بين بخور التقاليد

في الفجر، أبصر تلك الكآبة عائدة

من مراعي الظنونِ

كأنك أنت أمير الفراغ

ترى العابرين

وتعرف أسماءهم واحدا واحدا

فلتقفْ، أو لتسْهُ قليلا

غبار الهزائم طهّرني

الكلام تعفّر بالرجس

والريح مأخوذة بالهباء

تعال إليّ إذن

نحن صنوان

لا نستسيغ السعادة

لا نقرِن الضدّ بالضدّ

حين تفاجئنا رعشة الكلماتْ.

2

مثل عصف القصيدة

استظلً مقام الغناء

أعاد الصباح إلى فيئهّ

ينبغي أن يعيد إلى النار أسرارها

هكذا مثل عصف القصيدة

يذهب في الحلم،

يكسر رعشة قنديله

في غيوم من الجمر

تسكن قامته

بالربيع المطهّر يغسل لون الخرافة

عن جسد، كانت الريح تدفعه للبكاء

سيُسقطُ زيف الظهيرة

رغم اليباب الذي يتجوّل بين الحقول.

يبللّه مطر ليس يعرف أنواءه

يتساقط فوق براري الطفولة

من جنة وجحيم

له خبز عمري

وفاكهة الكلمات

3

تجاسر أن يسرق العشب

للمدى،

للنخيل المهاجر خلف الغمام

أُعدّ القصيدة للبشر الخالدين

سلام على خيلهم، والرياح التي لم تنم

منذ مركب نوحٍ

دمي شاخص عند باب المساءات

من أول العمر أهفو

إلى نجمة في الميادينِ..

كيف سنكتب أسماءنا

ثم نرجع ثانية نتسكّع في آخر الأرض

نوغل في التيه من سغبٍ

كيف أجلو الكتابة من صدأ الخوف،

أصقلها ببريق الصّبا.

كان يجلس قرب السرير

تجاسر أن يسرق العشب

يطوي البراري على راحتيه

غدًا، سوف ينقسم الناس قال

وخطّ

بأصبعه

في

الترابْ.

4

يقينا ليس وجهي

ذلك الوجه الذي عاد

يقينا كان وجهي

مثل فانوس تدلّى

فوق باب الغبش الليليّ

ذكراهُ يباب يرتخي بين السواقي

كيف لا يأتي سوى وجهي

لكي يجلب هذا الغيث،

تزدان الضواحي.

مال نحو الفرح المهزوم

والوقت كأشجار المنافي.

أحفر الأسماء فوق الرمل

كي تقرأ يا رعد رموز الأبجديات،

وما عُلّمتُ من أسماء

هذا الوجه لي

بُحْ بانطفائي، وبآلاف الضحايا

هذه الرؤيا لها وجهان..

ما أسخف هذا السرّ

لو مات المغنّي، وتخلّى

عن وصايانا إلى مفترق التيه

يقينا، ذلك الوجه الذي يمشي أمامي

ليس وجهي.

5

فاكهة الرجس

يتعلّم أنْ يُغرق الماء

يمشي عليه

متى يتوقف هذا الضرير؟

من الصخب الحرّ أقبل

من قممٍ كالمديحْ

كالقميص المتوّج بالنمنمات

أتى ألقاً مفردا

رجلٌ يتخطّى الردى، ويعاشر

تحت الوسائد فاكهة الرجس

يصطحب السرّ،

يفتح نافذة في المكان

تهلّل، والبرد ملتبس بحرير المساء

المجازات ملأى بأسراره

لا سلاح معي، وأنا طيّع

كم أراق دما فوق ذاكرتي

كانت الريح تلهج:

ذا رجل يتعلم أن يغرقَ الماء

في صحوه، ويغيّر شكل الطريق.

6

الطريق تضيق بنا

جلبناك، كي ترتدي معطف الشعراء

تطوف على بهجة الأرض والناس

يا أيها المتدثّر بالكلمات

الضلالات في خطوها تتعثّر

إن البراري مهيّأة

فاستقمْ كي تعرّي دروب المدينة

من عاديات الهوى

والقرابين من ذلّها الأبديّ

الفضاءات تحنو على زبد البحر

تكتب أشياءها في جبين النهار.

جلبناك في غفلةٍ

كأنّ الأغاني التي استصْرختْكَ

لها نكهة العشب والصبوات

ننادي عليك:

الطريق تضيق بنا، أو تضيءُ

اقترفْنا احتراف المحال

انتظرنا الرياح الشريدة

تنبت بين عروق الكلام

فمن ذا الذي سوف يسرج

خيل النداء؟

- إبراهيم زولي