Saturday 13/12/2014 Issue 455 السبت 21 ,صفر 1436 العدد

جرحٌ مفتوحٌ على نهر الكلام

بمِلعَقَةٍ من القَلَقِ المُحَلَّى

أُحَرِّكُ في دمي ضَجَرًا مُمِلَّا

على نهر الكلامِ فتحتُ جرحي

ورُحتُ أُراوغُ المعنى المُضِلَّا

وبوصلةُ الشعورِ تقودُ نصِّي

إلى ما قَلَّ من وجعي ودَلَّا

تُشَوِّهُني الطِّوالُ من القوافي

فوَجْهِيَ يشبهُ الكَلِمَ الأَقَلَّا

ووجهيَ همسُ عَرَّافٍ قديمٍ

تَأَمَّلَ في المدى حتَّى تَمَلَّى

ووجهيَ خَطْفَةُ الإلهامِ.. ألقَى

بها مَلَكٌ على الدنيا، ووَلَّى!

***

أنا المعنى الذي جَمَعَ المعاني

إمامًا ثمَّ قامَ بها وصَلَّى

أُقَطِّرُ نِيَّتي عسلًا مصفًّى

وإنْ هِيَ خُولِطَتْ عَسَلًا وخَلَّا

فأحلو كلَّما المعنى تَحَلَّى

وأخلو كلَّما المعنى تَخَلَّى

يشقُّ الصاعقُ الغيبيُّ روحي

ويمحوني، وفي الكلماتِ أُجلَى

«....................

......................»

ولي حجرُ الصراحةِ حين يقسو

ولي قمرُ المجازِ إذا تجلَّى

ولي خُلُقٌ على الأيَّامِ يكفي

لأكتبَ عن مآسيها سِجِلَّا

ولي أَمَلٌ تولَّى حُكْمَ قلبي

فرُحتُ أُتَوِّجُ الأَمَلَ المُوَلَّى

ولي (قُزَحٌ) وحيدًا في الأعالي

هناكَ.. بحُسنِ صورتِهِ تَسَلَّى

ولي دورُ الأميرِ.. ولا أميرٌ

ولكنَّ القصيدةَ (سندريلَّا)

***

عبرتُ على أَنَايَ عبورَ طيفٍ

يكادُ.. ولم يَكَدْ حتَّى اضْمَحَلَّا

أنا بعضٌ من الإنسانِ.. أجري

وراءَ بقيَّتي لأصيرَ كُلَّا!

فلم أبرحْ (أهيمُ بكلِّ وادٍ)

وأزعمُ أنَّني من أَهْلِ (إِلَّا)

من الخطوِ القويمِ يجيءُ نثري

ويأتي الشعرُ خَطْوًا مُسْتَزَلَّا

مرايايَ الجهاتُ فحيثُ أرنو

أَلُمُّ بها من الأشياءِ ظِلَّا

إذا ما روحُ أسلافي تَمَطَّتْ

بأعماقي، رأيتُ السَّفحَ تَلَّا

أُرَبِّي فكرتي في حوضِ وردٍ

لتفقسَ نرجسًا وتبيضَ فُلَّا

يقول المعجبونَ بأنَّ شِعري

يضاعفُ واحةَ (الأحساءِ) نَخْلَا

يقول المعجبونَ.. ورُبَّ قولٍ

يُحَمِّلُني بحجمِ الوحيِ ثِقْلَا!

فأشعرُ أنَّني حَرَّرتُ شعبًا

من الأغلالِ إنْ حَرَّرتُ عَقْلَا

أُعَمِّقُ فكرتي أعلَى وأعلَى

وآنَفُ أنْ أرى الكلماتِ سُفلَى

وأحملُ في القصيدةِ من نقيضي

ومنِّي ما استطاعَ الشعرُ حَمْلَا

على قدر الأنوثةِ كنتُ أنثى

على قدر الفحولةِ كنتُ فحلا

رشيقًا كالوعولِ يجيءُ شعري

وحِينًا كالذئابِ يجيءُ خَتْلَا

وحِينًا للقصيدةِ طعمُ ليلٍ

وحِينًا للقصيدةِ طعمُ (ليلَى)

***

أنا عَتَّالُ هذي الأرضِ، أمشي

وأحملُها على كتفيَّ حُبلى

سَرَتْ ريحُ التَّمرُّد من خلالي

تقودُ هواءَها رتلًا فرتلا

وعاطفتي كتابٌ من جحيمٍ

نشرتُ لهيبَهُ فصلًا ففصلَا

تُحَصِّنُني الحبيبةُ ضدَّ حزني

وتحقنُ بي من القُبلاتِ مصلا

وكلُّ قصيدةٍ في وَصْفِ نهدٍ

تُلَمِّعُ لي من الرغباتِ نصلا

تطولُ النارُ عُمْرًا في خيالي

إذا حَطَبُ الغوايةِ كان جَزلَا

فإنْ نضجتْ بقافيتي فتاةٌ

أَراني آكُلُ الكلماتِ أكلا!

وأبكي حين أسرابُ السُّنونو

تمرُّ على مياهِ العُمْرِ عجلَى

يطالعُني الأسَى من كلِّ حرفٍ

كأنَّ قصيدتي مِرآةُ ثكلَى!

وروحيَ كالحمامةِ دون سربٍ

تحومُ على مدار الوقتِ وَجْلَى

يعزُّ على الكمنجةِ أنْ تراني

أدقُّ من الصفيحِ الهَشِّ طَبْلَا

***

بَكَتْ عينُ السماءِ بدمعِ عيني

على ميزانِها المكسورِ عَدْلَا

وعُدْتُ أهزُّ غربالَ القوافي

لأنخلَ ذِمَّةَ الأشياءِ نَخْلَا

نظرتُ إلى الحياةِ رأيتُ أُمًّا

تُرَبِّي الأرضَ رابيةً وسَهْلَا

وأبصرتُ الدروبَ دروبَ عُمري

متاهً يشبهُ الأمعاءَ شَكْلَا

وعَلَّمَني السقوطُ ببئرِ نفسي

بأنَّ الماءَ في الأعماقِ أَحْلَى

وأَورَثَني أبي ما لم أَصُنْهُ

تراثَ الغيمِ ساقيةً وحقلَا

تُؤَوِّلُني حكايةٌ كلِّ ماءٍ

يودُّ الجريَ.. والأنهارُ كَسْلَى!

ولكنِّي وإنْ ثَقُلَتْ سنيني

عليَّ، وصارَ هذا الطينُ كَهْلَا

ذبحتُ العمرَ بالآمالِ حتَّى

عبرتُ بسُكَّةِ (الخمسينَ) طِفلَا

- جاسم الصحيح