Saturday 15/02/2014 Issue 428 السبت 15 ,ربيع الثاني 1435 العدد
15/02/2014

المطر...

** عبر معايشةٍ طويلةٍ للوسط الثقافي والأكاديمي والإعلاميِّ يسكن صاحبكم زهدٌ في رموزه كما أضوائِه، ويوشكُ أن ينأى إلا قليلًا عن التزامٍ لن يطول وعن قليلٍ لا يزيدون.

** رآه من بعدٍ فاكتفى بملمحٍ رسم في ذهنه صورةَ شاعر أنيق تنكفئُ مقدمةُ غطاء رأسه إلى الخلف كاشفةً بعض شَعره ومعبرةً عن مرحلة عمره ومضيئةً مدىً أفقيًّا ممتدًا بالشاعريةِ الرقيقةِ المتوثبةِ بروح الإبداع ووسامة الشباب.

** كان يتردد على الكلية وقت الاختبارات النهائية ليؤديَّ الفرضَ ويعود إلى عمله كما يصنع المنتسبون فعرفه من صورته وقد كان ملءَ الفضاءِ الثقافيِّ الصحفيِّ وكفاه أن ضمه إلى قائمة النجوم الذين أسعده لقاؤُهم ولو لم يقترب منهم، وارتبطت في ذاكرته نصوصُه المبحرةُ في «المرأةِ الوطن» مستعيدًا بعضَ ما أذنت به ذاكرةٌ بكرٌ وعت واستدعت قبل أن يعدوَ عليها الزمنُ فلا تكادُ تُبينُ أو تستبين.

** لا يدري متى سعى نحو هذا الكبيرِ فعرفه وألفه وأحبه وأسعفه حظُّه أن يكون في دائرته الأقربِ فالجمالُ لا يقيسُه الزمن والصداقةُ الحميمةُ لا تؤمن بشهادات الميلاد وارتبطا في لقاءاتٍ دوريةٍ أضافت إلى الأناقة لباقةً وإلى الشاعر مشاعر وإلى الإبداع التواضعَ والإمتاع.

** هادئٌ حتى لا يكاد يحكي ومتحدثٌ حتى نتمنى ألا يصمت ونبيلٌ في قوله وفعله ومتعففٌ في سلوكه وناءٍ عن صخب الحياة والأحياء، ومع أنه تقاعد من الوظيفة الحكومية العاليةِ فإنه لا يعرف أبوابَ المسؤولين، واضطرَّ حين عُينت ابنتُه معلمةً على بعد مئات الكيلات من الرياض أن يسكن وحده معها سنوات دون أن يوظف علاقاته ووجاهته في طلب استثنائها، ولا يعنيه - وهو الكبيرُ - أن يغشى منازلَ الكبراء، وصدرت دواوينُه كما تصدرت قصائدُه فلم يحفل بحقوقه المادية ممتنًا لمن يطبعُ وينشرُ وهو الأحقُّ بالامتنان، ويعبر عن ضيقه المؤدب حين يفرُّ خطأٌ طباعيٌّ عابرٌ ويأنسُ إذ يجدُ قصائده خِلوًا من الهناتِ الشكلية.

** ملف سريعٌ عن شاعرنا الكبير «مسافر» لا يعدو كونَه إشارةً إلى تميزٍ وإعلامًا للجيل الشاب عن متميز، وتبقى حركتنا الشعريةُ مدينةً في ألقها السبعينيِّ وما تلاه من عقود لأبي محمدٍ وثلةٍ ممن رسموا الخطوط ليترسمَ التالون الخطى.

** المبدع ثروةٌ وطنية.