Saturday 15/03/2014 Issue 432 السبت 14 ,جمادى الاولى 1435 العدد

مفاتيح وأقفال «بورتا» رواية في لوحات فاطمة

التقيت بفاطمة القحطاني في أواخر سنوات دراستي الجامعية في كلية الآداب بقسم اللغة الإنجليزية، حيث عملنا سويًّا بأحد الأنشطة الطلابية؛ ولكني كنت أعرفها قبل ذلك بكثير. كانت فاطمة شخصية بارزة جذابة ما أن تلتقي بها حتى تأسرك بأفكارها الخلاقة. أذكر عندما دخلت مرسمها أول مرة، أو كما اعتدت أن أصفه كلما تحدثت عنه فأقول: «where magic and art meet»، ذهلت مما رأيت، كنت محاطة بعدد هائل من اللوحات تأملتها واحدة تلو أخرى حتى تملكني أحساس غريب. أول مرة أشعر بأن اللوحات تتحدث وتبكي وتصرخ، وأنها هي من تتأملك لا أنت. حينها أيقنت بأن أسطورة ديفينشي (الموناليزا) ليست واحدة مكانها متحف اللوفر. لم أستطع أن أخفي مشاعري فعلقت فاطمة «لهذا لا أبيع لوحاتي لأيٍّ كان». بدا على وجهي التعجب، فأكملت: «لوحاتي هي جزء مني، هي أنا لن أسمح بأن يمتلكها من يجهل قيمتها». تأملت لوحات فاطمة مرة أخرى، سألتها عن واحدة بدت لي مألوفة، وفعلا كانت لوحة تعكس شخصيتين من مسرحية «Waiting For Godot» لـ «Samuel Beckett» . بهرني استغلالها دراسة الأدب الإنجليزي فيما تعرضه من فن. سألتها إن كانت ترى أن أنواع الفنون مستقل بعضها عن بعض؛ فيعبر كلٌّ عن أغراضه الدقيقة فقط. أجابتني بأن كل واحد يدعم الآخر، فقراءتها لرواية أو قصيدة قد تُعبر بلوحة، وهذا ما وجدته أنا في لوحاتها. دعتني لزيارة معرضها المقام في صالة عرض بورتا. لكن ما علاقة مقابض الأبواب والأذرع والأقفال بما تقدمه فاطمة؟ وجدت الإجابة ما أن دخلت المعرض وتأملت لوحات فاطمة بعرضها الفريد لفكرة المفاتيح في أكثر من لوحة. استوقفتني لوحة أسمها «Master Key» رسمت بالفحم لذا كانت محايدة؛ ولكنها من جانب آخر محيرة في معناها أو ما قد تعبر عنه، أهي مفاتيح وأقفال أم هي القلب والعقل وكونهما مفاتيح المرء ومغاليقه؟ كنت قد لاحظت سابقًا أن اللون الأسود له نصيب الأسد من لوحات فاطمة بشكل عام حتى ظننت أنها تعبر عن حزنٍ تحمله هي، فصححت لي قائلة: «اللوحات قد لا تعبر بالضرورة عن مشاعري أنا؛ بل قد تعبر عن أفكار وتجارب لم أجربها قطّ. اختيار اللون الأسود لم يكن متعمدا، هي مشاعر ورغبات ترجمت على لوحة مرتبطة بظروفها ولا شيء آخر». أكملت جولتي حتى فوجئت بغزو ملون على لوحات فاطمة الجديدة. توجهت إلى لوحة أسمها «Blue» طغت عليها درجات اللون الأزرق تتوسطها فتاة ذات ملامح رجولية. ترى فاطمة أن لمجتمعنا بعض المفهيم والقوانين الاعتباطية، أبسطها ارتباط اللون الأزرق بالذكور، فكانت تعبيرا عن رفضها لمثل هذه المفاهيم. انطلاقا من هذه الفكرة ومن خلال هذه اللوحة شعرت بقوة الفن على التأثير والتعبير عن قضايا لا صلة له بها.

أخر لوحة استوقفتني كانت «Three BlackBirds» المستلهمة من قصيدة «Thirteen Ways of Looking at a Blackbird» لـ «Wallace Stevens» وهي لوحة واحدة تنتمي لمجموعة، هو أسلوب تعتمده فاطمة في بعض أعمالها مثل مجموعتها «Death in Life» تضم ثلاث لوحات رسمت في 2010 و2011 و2012.

تستعد فاطمة حاليا لمعرضها الذي سيقام في العاصمة المغربية الرباط في أوائل أبريل القادم. وستعرض به أعمال جديدة لم تقم بعرضها من قبل.. كل التوفيق لك يا فاطمة، فخورة أنا بصديقتي وفخورة بوطن أنشأ أبناءه ليكونوا نماذج تفخر بها المجتمعات ويتباهى بها الأجيال.

بدور إبراهيم الشمسان - الرياض Budoor.i.s@hotmail.com