Saturday 15/11/2014 Issue 451 السبت 22 ,محرم 1436 العدد
15/11/2014

الخلف ليس من مصطلحات سيبويه

نشرت جامعة الكويت حولياتها (مجلد 34، الرسالة 405، عام 2014م)، وعنوانها «مصطلح (الخُلْف) في كتاب سيبويه» ألفها المتولي محمود المتولي عوض، حاول فيها بيان مصطلح لا وجود له، إذ توهم أنّ لفظًا معجميًّا ورد في كتاب سيبويه مرة واحدة من قبيل المصطلح. ويعلم الدارسون أن بعض ألفاظ سيبويه تحولت عند اللاحقين إلى مصلح وإن لم تكن عنده مصطلحًا، مثل قوله في فاتحة كتابه «وحرف ليس بفعل ولا اسم» أي كلمة ليست بفعل ولا اسم، صار (الحرف) مصطلحًا بعد ذلك، أما لفظ (الخَلْف) كما هو في نص كتاب سيبويه حسب طبعتي بولاق وهارون، وليس (الخُلْف) كما أراده الباحث، فهو لفظ معجمي، ولو كان مصطلحًا أو يصلح أن يكون مصطلحًا لاستمر عند اللاحقين أو عند بعضهم على الأقل، ولكنا رأينا أن الباحث يقول في مقدمته ص14س5»ولعل ما سبق ذكره يفسر لنا انصراف كثير من الباحثين في مصطلحات سيبويه عن دراسة هذا المصطلح أو الإشارة إليه لندرة وجوده في الكتاب»، فإن يكن كثير من الباحثين انصرفوا عن هذا المصطلح فمن درسوه أو أشاروا إليه وإن كانوا قليلا منهم، لم يسم الباحث لنا أحدًا أشار إلى هذا المصطلح المزعوم.

جاءت هذه الحولية في مقدمة، ومهاد، وستة مداخل: (الخلف لغة واصطلاحا/ مصطلح الخلف بين الاستعمال والإهمال/ ثنائية اللفظ والمعنى في النحو العربي/ طبيعة اللغة عند سيبويه/ مقومات مفهوم مصطلح الخلف في كتاب سيبويه/ المصطلحات الدالة على مفهوم مصطلح الخلف في كتاب سيبويه) وخاتمة.

وأرى الباحث قد اختلطت عليه بعض المفاهيم وبالغ في بعض الأحكام ولم يوفق في صياغة ما يريد أحيانًا، فمن ذلك قوله عن المصطلحات (ص13س15) «وهي فرع من فروع علم اللغة التطبيقي»، ولكنه ينقل في (ص22س16) «يعتبر الاصطلاح لغة مصطنعة تصاحب النظرية وتنشأ معها». ومن ذلك قوله عن (الخلف) ص21س2 «يُعد مصطلح الخلف من المصطلحات النادرة الاستعمال في التراث العربي، إذ لم يستخدمه سيبويه إلا في موضع واحد». فمن الذي يعد الخلف مصطلحًا بله عده نادرًا، كيف للفظ واحد أن يكون مصطلحًا للوهلة الأولى ومن المرة الفريدة، إنه أمر لا ينتهي منه العجب.

وبالجملة فإن كل المداخل على ما فيها من كلام نظري مستفاد من الثقافة اللغوية الحديثة يصلح في مكان غير هذا المكان؛ إذ ليس يصب في هدف البحث ولا يخدمه بحال، ولم يفلح الباحث بتسويد الصفحات الطوال أن يُقنع بأن ثمة مصطلحًا هو (الخلف).

وعلى الرغم من اتصاف لغة المؤلف بالسلامة يمكن أن تؤخذ عليه بعض الأخطاء الكتابية من مثل قوله في ص14س9 «الغاية الأسمى»، فنعت المؤنث بمذكر، والصواب: أسمى غاية، ومثله قوله في ص25س2 تحت «المقاصد الأسمى»، والصواب: أسمى المقاصد.

ونجد الباحث قد لا يهتم بتصحيح ما يرد في المقتبسات من أخطاء وإن في الحاشية، مثل 17س9(نفسه) الواردة في النص الأساسي المنقول من كتاب سيبويه، والصواب: نفسك، والتصحيح من (شرح كتاب سيبويه للسيرافي، تحقيق: محمد عوني عبدالرؤوف، دار الكتب/ القاهرة، 6: 166)، وص18س6 (صدُّ الفأس) والصواب: حدُّ الفأس، والتصحيح من كتب اللغة الأخرى، ويلاحظ أن الباحث أقحم قوله «أي: حده» موهمًا بذلك صحة ما جاء في نص البطليوسي وهو خطأ طباعي، ويمكن أن نقول إن (الخلف) ليس مصطلحًا لسيبويه ولا غيره في ما نعلم.

- الرياض