Saturday 19/04/2014 Issue 435 السبت 19 ,جمادى الآخر 1435 العدد

كتاب جديد:

تاريخ أمة في سير أئمة (3-4)

تراجم لأئمة الحرمين الشريفين، وخطبائهما منذ عهد النبوة

إلى سنة 1432هـ

تأليف: الشيخ العلامة الدكتور صالح بن عبدالله بن محمد بن حميد

تقريظ: محمد بن ناصر العبودي

والحلقة الثالثة بدأت ببداية الجزء الثالث وعنوانه: (الفرع الأول مـن القرن العاشر).

ومعنى ذلك أن المؤلف الكريم قد انتهى من ذكر أئمة الحرمين الشريفين حتى القرن العاشر.

وقد بدأ بما تحت هذا العنوان بمحمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطبري المتوفى عام 900 للهجرة.

قال المؤلف:

هو إمام المقام الشافعي، وخطيب المسجد الحرام، ولد سنة 845 في مكة المكرمة، ونشأ بها، فحفظ القرآن الكريم، وصلى به التراويح في المسجد الحرام.

قال: وناب عن أبيه في الإمامة، وبعد موته استقل هو وأخوه بها.

وسافر كثيراً في حياة والده، وبعده.

وإذا كان غريباً اجتماع اسمه واسم أبيه وجده على (محمد) فإن الذي بعده اجتمع له أربعة كلهم اسمه محمد فهو محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطبري، ولقبه الجمال أو الجلال، والمراد إنه جمال الدين، أو جلال الدين، وكنيته أبو السعادات بن المحب أبي المعالي بن الرضي بن المحب، وهذه ألقاب رنانة.

وكان ولد سنة 837 ومات في سنة 909 وأمه أم الحسين سعادة ابنة الجمال أي جمال الدين محمد بن أبي بكر بن علي بن يوسف المرشدي.

ثم ذكر شيوخه ومن روى عنهم الحديث وتبسط في ذلك، إلى أن قال:

واستمرت الإمامة أي في المسجد الحرام بينه وبين أبيه ثم أضيف إليهما من أخوه.

ثم ذكر بعض من أخذوا عنه العلم.

وهكذا يمضي المؤلف الكريم فيذكر تفصيلات مهمة عن أولئك الأئمة، بل إنه يخيل للقارئ في بعض المواضع أنه يقصد التبسط ويحرص على الإيضاح والتطويل.

حتى وصل إلى ترجمة أحمد بن عبدالحق السنباطي المتوفى سنة 950 وأنه كان يقول بتحريم قهوة البن، ثم انعقد الاجتماع بعده على حِلِّها في ذاتها.

ثم ذكر الفرع الثاني من القرن العاشر.

وصار بدلاً من أن يقول: إن فلاناً أمَّ في المسجد الحرام أو كان إماماً فيه صار يقول إنه إمام الشافعية في المسجد الحرام أو إمام الحنفية أو المالكية، أو حتى الزيدية، فكان لهم إمام في الحرم يصلي بهم خاصة.

وذلك أنه كان لقرون يصلي الناس أربع جماعات، كل أهل مذهب يصلي بهم إمام في مذهبهم واستمر ذلك حتى أزاله الملك البطل عبدالعزيز آل سعود رحمه الله.

وقد ذكر في هذا الفرع الثاني ثلاثة من الأئمة، أحدهم إمام الشافعية والثاني خطب بمكة نيابة عن الخطيب عبدالرحمن النويري لتوعكه أي مرضه.

والثالث نائب عن الإمام، وقد عزل لتغييره لأحرف القراءة.

والفرع الثالث من القرن العاشر أول المذكورين فيه محمد بن حمد بن محمد البخاري الملقب جمال الدين والمكنى بأبي البقاع.

ولد في مكة ونشأ بها وصلى التراويح إماماً بالمسجد الحرام.

ثم واصل المؤلف الكريم ذكر الأئمة في هذا الفرع من الفرع الثالث من القرن العاشر، و قد بلغ عددهم فيه سبعة، ثم ذكر عنواناً بلفظ: (الفرع الأول من القرن الحادي عشر) (ص955) بدأ فيه بذكر الشيخ أحمد بن محمد بن أبي اليمن الحسيني الطبري الشافعي المكي إمام المقام الشافعي.

حفظ القرآن الكريم، وصلى به التراويح مرات في المقام- أي مقام الشافعية في المسجد الحرام.

مات في عام 1002هـ.

وقد ذكر في هذا الفرع علي بن جارالله بن ظهيرة، وقال: له تأليف حسنة منها حاشية على (السراج الوهاج)، وحاشية على العيني على الكنز، وهذه من كتب الفقه في مذهب الشافعية، ونقل عن المحبي في كتابه (خلاصة الأثر) قوله: هو المفتي والخطيب بالحرم المكي في عصره.

قال: وتوفي في سنة عشر بعد الألف، وقد جاوز عمره التسعين سنة.

وبعده ثلاثة من الطبريين الذين هم من أسرة الطبري العلمية ونسبة أسرتهم إلى طبرية في فلسطين لكون جدهم جاء من هناك وسكن في مكة المكرمة، ثم صار من ذريته علماء ومشاهير يسمون بالطبريين لهذا السبب.

وهم محمد بن أبي اليمن الطبري، وأبو الخير محمد العيدروس الطبري، وعلي بن محب الدين بن محمد الطبري.

واستمر المؤلف في ذكر من كانوا يؤمون في المسجد الحرام، ويريد بذلك في الأكثر من أمَّ في مقام أحد الأئمة المصلين بأرباب المذاهب.

و قد مضى على هذا النسق مستقياً تراجمهم من آثار علمية من كتب وفتاوى، ومن هؤلاء الشيخ عبدالكريم بن محب الدين القطبي.

وذكر أنه مفتي مكة، وأنه ولد في تاسع عشر من شوال سنة إحدى وستين وتسعمائة، في (أحمد أباد) من بلاد الهند.

وأحمد آباد هذه هي تقع الآن في ولاية كجرات في الهند، وقد زرتها وكتبت كتابة مبسوطة في أحوالها في كتاب (غرب الهند) المطبوع، إن كان المراد بها هذه التي ولد فيها هذا العالم الشهير، وآباد تعني المكان المعمور بمعنى القرية أو البلدة، وهي كلمة فارسية دخلت في الأوردية.

وقال: في القطبي هذا: إنه قدم إلى مكة مع والده وأخيه قطب الدين، ونشأ بها.

ولازم عمه وأستاذه العلامة قطب الدين الحنفي مفتي مكة المشرفة، وذكر أنه آلت إليه جميع مخلفات عمه من الأموال والكتب الكثيرة، وأنها نمت عنده حتى بلغت كتبه أربعة عشر ألف كتاب ما بين مجلد ومجلدين وثلاثة وأكثر.

قال: وكان الكتبة- جمع كاتب- ملازمين لبيته يكتبون له ما يريد من الكتب مع الاعتناء بتصحيحها وضبطها، وأنه كتب كتاباً سماه (إعلام العلماء الأعلام) وتوفي في مكة في 15 ذي الحجة عام 1014هـ.

ثم مضى المؤلف الكريم يذكر أحواله أيضاً بتفصيل ونقل واع عن كتب ترجمت له أو ذكره مؤلفوه فيها.

وبعده ذكر ابنه أكمل الدين بن عبدالكريم القطبي.

وقال: تقلد منصب الإفتاء بعد وفاة والده سنة أربع عشرة و(ألف).

ونقل عمن ترجموا له أنه مات شهيداً، ولم يذكر سبب موته، وأن ذلك كان في سنة عشرين بعد الألف بمكان يقال له (الأعاضيد) قرب الطائف.

ثم عاد المؤلف إلى ذكر اثنين من (الطبريين): أسرة الطبرية في مكة.

وذكر أشعاراً للأخير منهما وهو عبدالقادر بن محمد بن يحيى بن مكرم الطبري (ص967 وص968 وص971).

وقد أطال في ترجمة عبدالقادر الطبري وفي نقل أشعاره مما يمكن به رسالة مقروءة جيدة في ترجمته.

ثم مضى في عرض تراجم أئمة المسجد الحرام باستيعاب وشمول يحسد عليه لأنه يدل على سعة الإطلاع، وطول النفس في النقل والتمحيص.

وعاد إلى ذكر الطبريين فذكر عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله الطبري ونوه بأنه حفظ القرآن الكريم، وصلى به التراويح مراراً في مقام إبراهيم، وباشر الإمامة في الفرائض، أي الصلوات المفروضة.

وذكر له مؤلفات منها الرسالة ذات العنوان الطريف وهو (تطبيق المحو بعد الصحو، على قواعد الشريعة والنحو)، وله أشعار كثيرة أورد منها (ص1001، وص1002).

قال: ولما وقف على قول البدر الدماميني:

يا ساكني مكةَ لا زلتمُ

أُنْساً لنا إنِّيَ لَمْ أَنْسَكُمْ

ما فيكمُ عيب سوى قولِكُمْ

عِنْدَ اللِّقا: أَوْحَشَنا أنسُكُم

قال مجيباً:

ما عيبُنا هذا ولكنَّهُ

من سوءِ فهمٍ جاء من حَدْسِكُمْ

لم نَعْنِ بالإيحاشِ عند اللِّقا

بل ما مضى فابكوا على نَفْسِكُمْ

قال المحبي: وحذا حذوه ولده زين العابدين المقدم ذكره، فقال:

يا مُظْهِرَ العيبِ على قولنا

عند اللقا أوحَشَنا أُنْسُكُمْ

ما قَصْدُنا ما قد جَنَحتُمْ له

من خطأ قد جاء في فهمِكُمْ

فقولُنا المذكور جارٍ على

حذفِ مضافٍ غابَ من حَدْسِكُمْ

واستمر المؤلف الشيخ الجليل الدكتور صالح بن شيخنا العلامة عبدالله بن حميد في إيراد التراجم المهمة لأئمة المسجد الحرام.

حتى وصل إلى أبي سلمة إبراهيم بن عيسى بن محمد الحنفي المتوفى عام 1076، وقال:

من مؤلفاته (حرمة التعرض لبيض النعام الداخل في الحرام) ورسالة في حكم من صلى متقدماً على الإمام إلى جهة ركن من أركان الكعبة.

وفي ص 1023 ذكر المؤلف عنواناً بلفظ: (الفرع الثاني من القرن الحادي عشر).

وكان أول من ذكرهم فيه يحيى بن أحمد بن زكريا البهاري المكي ولم نعرف نسبة البهاري.

وقال توفي بمكة المكرمة وعمره مائة وعشرون سنة، وذلك سنة 1090هـ.

ولم يذكر في هذا الفرع الثاني غيره، وإنما أورد عنواناً بلفظ: (الفرع الثالث من القرن الحادي عشر).

وذكر تحته ترجمة واحدة.

وفي الفرع الأول من القرن الثاني عشر الذي تبعه ذكر ترجمة ثمانية وعشرين عالماً منهم، (ص1039 وص 1040).

عبدالقادر بن أبي بكر الصديقي الحنفي المكي المتوفى سنة 1138هـ:

ولد بمكة المكرمة سنة 1080هـ، ونشأ بها.

أخذ العلم على علماء مكة المكرمة في عصره، الذين كانوا يربون على الستين شيخاً من علماء المذاهب الأربعة.

جمعت له من الوظائف الدينية المكية، والمناصب الشريفة السنية في الحرم المكي ما لم يعرف اجتماعه في شخص قبله قط، فقد جُمِع له بين خطابة المعاشر، والخطابة، والإمامة، والنظر، والتدريس، والإفتاء بالمسجد الحرام.

توفي رضي الله عنه بمكة المكرمة سنة 1138هـ.

وله كتب عديدة أكثر عنواناتها مسجوعة مشرقة مثل: (تبيان الحكم بالنصوص الدالة على الشرف من الأم) ويريد بذلك أن الشخص يكون شريفاً إذا كانت أمه من الشريفات، ولو لم يكن أبوه من الأشراف.

و(القول الأجلى في الكلام على، وأما عن هوى ليلى)، و(الأجوبة المهمة لما سئل عنه معاوية وغيره وأجاب عنه علي وحبر الأمة)، و(الإبانة للأحكام المبانة)، و(العج والثج في شرائط الحج).

العج هو العجاج والغبار الذي تثيره حوافر الدواب والآدميين وأخفاف الإبل، والثِجَّ: الدم الكثير الناتج عن ذبح الأضحية والنسك في الحج.

وفي هذا الفرع من أهل القرن الثالث عشر ترجم لحسن مصطفى ابن قيِّم زاده، وزاده بالفارسية معناها (ابن) مثلما أن (أوغلو) معناها في التركية (ابن).

وإذاً لا يكون فصيحاً أن يقال بما ترجمته العربية حسن مصطفى بن قيم ابن.

وإنما المراد أن والده كان اسمه (ابن قيم) وهو هو معنى (قيم زاده) في الفارسية.

خاتمة المجلد الثالث:

أنهى المؤلف الكريم الجزء الثالث من (تاريخ أمة، في سير أئمة) بعد أن وصل إلى عصرنا الذي نعيش فيه بقائمة من 114 شخصاً ممن لم توجد لهم تراجم يستطيع المؤلف أن ينقلها إلى كتابه العظيم هذا.

يتبع...

محمد بن ناصر العبودي - الرياض