Saturday 24/05/2014 Issue 439 السبت 25 ,رجب 1435 العدد
24/05/2014

إزاحتنا عن المركز (2 – 2)

ماذا عن موضوع التحديات العلمية التي واجهت القوى التقليدية في العصور الوسطى، والتي مازالت تفاعلاتها قائمة لدى بعض المجتمعات غير المتقدمة في العصر الحديث؟ تحدثنا عن تلك الجدلية في الجزء الأول، وخلصنا إلى أن العلم كان قد خلّص البشرية من كثير من معوقات التحضر، وهو في سبيله إلى جعل من يقاومون تقدم الإنسان وتسارع خطوات حياته في ورطة كبرى.

في الآونة الأخيرة، وبعد أن أطلقت ناسا التلسكوب الفضائي كيبلر عام 2009م للبحث في نحو 150 ألف نجم مستهدف عن آثار لأي كوكب عابر لمجال التلسكوب؛ اكتشف كوكب جديد في مجموعة نجمية أخرى (غير مجموعتنا الشمسية)؛ وكانت له صفات قريبة من صفات الأرض، مما جعل بعض العلماء يصفه بأنه: نظير الأرض، أو ابن عمها، وقد أسموه: كيبلر 186-F. وكانت كمية ما يصله من إشعاعات تساوي ثلث الإشعاعات التي تصل إلى الأرض؛ أي أنه في الظهيرة تكون درجة الحرارة مساوية لما هي عليه قبل غروب الشمس على الأرض، وتوجد على سطحه المياه بشكل سائل مما يجعل الحياة فيه ممكنة، حسب معلومات وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) المنشورة في مجلة ساينس. وهو أمر يعزز فرضية وجود كواكب شقيقة للأرض في مجرتنا. وهذا الكوكب، الذي يدور في فلك مجوعة نجمية أخرى هي مجموعة الدجاجة (حسب معلومات الفلكي توماس باركلي، من مركز بحوث إيمز التابع لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية، في موفيت فيلد بولاية كاليفورنيا)، يبعد عنا 500 سنة ضوئية، ونجم تلك المجموعة (الذي أخذ اسم التلسكوب الفضائي كيبلر) أصغر من الشمس، ويميل لونه إلى الحمرة.

يبقى جوهر الموضوع مركزاً في سؤالين: الأول، هل هذا البعد الهائل لهذا الكوكب القريب لظروف الحياة على الأرض يجعله خياراً، ليكون أحد إمكانات التوسع البشري إلى تلك البيئة المقاربة لظروف المعيشة هنا؟ فإذا كان هذا الاكتشاف تقوم به الأجهزة المتقدمة عن بعد، ولكن الوصول إلى تلك المنطقة سيتجاوز كل تلك السنوات الطويلة، بالإضافة إلى عدم تقدم البشر إلى الآن في تصميم المركبات المأهولة، التي تمخر عباب الكون، لتنتقل من مجموعة نجمية إلى أخرى. فأقصى ما أصبح الإنسان قريباً منه هو الإمكان النظري للانتقال إلى كوكب المريخ ضمن مجموعتنا الشمسية، وحتى هذه الخطوة لم تنفذ بعد.

والثاني، هل يعني هذا أن هناك كواكب قد تكون تعيش عليها كائنات أخرى متطورة في مثل مستوى البشر أو أعلى أو أقل قليلاً؟ فهل هذه التساؤلات لم تعد من مجال الخيال العلمي فحسب؟ بالطبع من يتذكر الأطروحات المتمادية في الشطحات، لتفسير ظاهرة مثلث برمودا، والغموض الذي يحيط باختفاء التايتانيك، وغيرها من السفن العملاقة أو الطائرات التي مرت من فوق تلك المنطقة؛ فسيعيد ترتيب ردود فعله إزاء الاستبعاد القطعي للمؤثرات الخارجية عن كوكب الأرض. وكذلك الأمر مؤخراً، عندما اختفت طائرة الركاب الماليزية قبل شهرين، وهي كانت في رحلة مجدولة من كوالالمبور إلى الصين؛ فقد بدأت بعض السيناريوهات تشير إلى احتمال كون كائنات فضائية من مجتمعات متقدمة قد قامت باختطاف تلك الطائرة، للنظر - ربما - إلى مستوى تطور تلك الكائنات التي تسكن على الأرض، وتسمي نفسها «البشر».

أيا تكن نتائج تلك التخمينات، أو مدى صدقية تلك الاحتمالات، فإن حقبة إدراكية مختلفة على وشك السيطرة على مخيلة الجماعات البشرية على الأرض من جراء التقدم في معرفة من يسكن معنا في هذا الفضاء الكوني، وهذه الحقبة ستصل في يوم ما إلى إبعاد سيطرة الخرافة وعدم الحاجة إلى استدعاء الأساطير في حياة الإنسان.

- الرياض