Saturday 24/05/2014 Issue 439 السبت 25 ,رجب 1435 العدد

نص

صمتي هو بيتي

بيت يسكنه الصقيع .. تتزاحم فيه تفاصيل وحدتي ..!!!

شمعة صغيرة تتراقص في فضاء العتمة على منضدة بجوار سريري تكاد تنطفئ من أنفاس ضجري وخوفي.

أجلس في منتجعي المسقوف بالصمت والحزن وبقايا أحلام حائرة بين الذهاب والرجوع!!

أريد أن أكتب عن صمت بيتي وضجيج أعماقي..

وهل يكتب الصمت ويعزف ويغنى؟.. وهل في الصمت حروف تنطق وتقال!!!؟

غيمة الحبر في سماء خاطري برق ورعود.. لكنها غير ممطرة وصحراء أوراقي يسكنها الظمأ.. يسكنها الجفاف!!

أعماقي تريدني أن أتنفس حبراً ودمعاً ودماً من إصبع يدي السادس لا أكتب

(رواية عمري) وكيف هي ثرثرة الصمت تكتب أروع رواية رغم الشجن والانكسار والتشرد والضياع!

صمتي هو بيتي

أسكنه وحدي مع مرسم أيامي!!

أقمت فيه معرضاً فنياً لي وحدي.. الريشة فيه تهذي ليلاً بالنهار.. وتهذي نهاراً بالليل!

ومن جنون وخرف الريشة تولد في اللوحة عيون تتكحل بالحقيقة ووجوه متأملة وكؤوس مليئة بالماء.. وأفواه مليئة بالظمأ.. ورد متفتح وورد آخر أوجعته سلاسل العطش!!

صمتي هو بيتي

على جدار غرفتي وبجوار الساعة القديمة المتوقفة علقت لوحة رسمتها في ليلة مقمرة وحالمة رسمت حبيبتي بشعرها الأسود الطويل ووجهها الصبح تلبس سلسالاً من الذهب الأصفر وبه قلب صغير.

الأذين فيه حرف والبطين فيه حرف.. وتلبس شالاً فيروزي اللون وضعته على هامتها فوق الموج الأسود وبقايا يغطي بقايا البحر على أكتافها. وهي واقفة تنظر إلي بحنان وتعزف على القيثار أغنية (خليك هنا خليك).

وأنا أحدق بأناملها بين الأوتار مبتسماً اللوحة تتنفس الحياة لكنها للأسف ليست هي اللوحة الوحيدة!!

صمتي هو بيتي

في الجدار المقابل لوحة أخرى رسمتها

رسمت فيها سيدة قلبي المصون وكأنها من قفزت من اللوحة السابقة وهي واقفة تنظر إلى البعيد وقد بدأ نصف وجهها كأنما هو قد بدأ الغروب.. والسلسال مرمي على الأرض والقيثارة محطمة وأوتارها ممزقة تحت كعب حذائها وقد تأنقت بثوب ثلجي جديد وبعقد طويل من اللؤلؤ تزينت فيه لتعبّرالطريق الأسود بخطوة الرحيل من.... والرحيل إلى.... وأنا جلست على صخرة الوداع بصمت!!!

صمتي هو بيتي

في الركن البعيد عند نافذة صغيرة.. علقت لوحة صغيرة في الليل أشعل بجوارها شمعة رسمت فيها أمي وهي تحضنني وأنا الطفل الكبير وضجيج الدمع الذي يفر من عينيها حتى تكاد تغرق فيه وبيدها التي تجملت بالحناء وخاتم (الشرقي) تمسك بمنديل من القطن أشهرته كالسيف عند جفون عيناي كالسجان كي لا يفر وجعي من عيني إلى قلبي.. ويبدو وجهي باللوحة مجهداً إلى دفء ونوبة من بكاء!!

كلما مررت بهذه اللوحة أقبل جبين أمي يرحمها الله وابتسم في كآبة وجهي المرسوم.

صمتي هو بيتي

على أرضية المرسم لوحة مهملة اسميها لوحة (القوارير المكسورة) عطري.. وحبري.. ودوائي!!

رسمت القوارير أشلاء.. وبجواري كل رفاة قارورة عين بنظرة مفجوعة وباكية.. وقد افتقد العطر شذاه.. والحبر تخثر بالعروق.. والدواء تشبه بالداء..!

القوارير المكسورة ملون لكنها بلا بريق..! القوارير المكسورة ملونه لكنها سوداء كمعطف الحداد..!

صمتي هو بيتي

اللوحة الاخيرة.. انتهيت من رسمها لكنها لا تزال مصلوبة على حامل الرسم.. رسمتها بيدي وبت أخاف منها..!؟

في منتصف اللوحة من الأسفل.. رسمت موقداً للنار المشتعلة تمضغ رسائلنا بلعابها الذي يغلي حروفاُ من الورد باتت من الرماد..! وفي منتصف اللوحة من الأعلى.. رسمت عيني بجوارها عين حبيبتي .. والدمع يهطل من بين ضفاف الجفون ليتساقط على الرسائل التي تحترق كي تنطفئ النار وتنجو معاني الحب والتضحية والحياه فيها.

وأغرب ما في اللوحة حديث الزوايا..!؟

في الزاويه اليمنى رسمت شمساً تشرق.. وفي الزاوية المقابلة رسمت قمراً يضيء.. وعندما امتزجت ألوان أشعة الشمس ونور القمر بلون الدخان.. كان (كسوف الأمل وخسوف الحلم).

صمتي هو بيتي

كلما عبر حفيف الريح دروب الليل من حولي وارتطم بباب بيتي الصامت يصرخ الباب موجوعاً.. وعندما أفتح الباب تصفع الريح وجهي العاري وتلقيني في أحضان صقيع الصمت من جديد..

يرتعش قلبي كالعصفور.. أضع يدي على قلبي أريد أن يهدأ.. وعندما اتذكر أن قلبي هو أنا.. اقرأ الفاتحة على نفسي!

ثم أقوم اقفل الباب جيداً وأنظر إلى قسمات لوحاتي في مرسم الظل.. ثم أتمتم وأقول (صمتي هو بيتي).

- عبدالعزيز حمد الجطيلي twitter : @aljetaily ***** e-mail: ayamcan@hotmail.com