Saturday 25/10/2014 Issue 448 السبت 1 ,محرم 1436 العدد

البطل

الأطفال مغرمون بالشخصيات الشريرة التي تقتل بالرشاشات وتدهس بالسيارات وتسرق البنوك، والنساء مفطورات على الشغف بالرجل (الصياد)، وهذا الأمر لا يخفى على الإعلام، فالإعلام الحديث الذي بدأ مع الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي إعلام نفسي، لا يخاطب العقل، ولو فعل ذلك وخاطب العقل، لاستأثر بقلة من المتابعين، لذلك تعمد وسائل الإعلام لتوسيع قاعدة متابعيها إلى جعل شخص ما مثيرا للانتباه والاهتمام، وتجعله مركزاً يجذب بتصرفاته وأفعاله الحواس، فينسى الناس دوره السياسي الخطير وينشغلون بما يصدر عنه ومتابعة أخباره، وحتى المستهدف منهم ينسى هذا أيضاً، فالفتاة الفرنسية التي سئلت عن رأيها بأسامة بن لادن بعد جريمته في نيويورك قالت: أتمنى الحياة معه في الكهف الذي يقيم فيه، فلم يعنها دوره السياسي القائم على محاربة الغرب. فالحبكة (الثقافمالية) انفرطت عن: كلما زادت وسيلة إعلام في إظهار عنف شخص ما زادت قاعدة شعبيته النسوية والطفولية وحتى الشبابية وصبَّ ذلك في متابعة تلك الوسيلة الإعلامية، فكما تباهت قناة الجزيرة ببث أول ظهور لابن لادن في كهفٍ بعد تفجير البرجين؛ تباهت قناة العربية بعرض أول ظهور للبغدادي في صلاة الجمعة في شهر رمضان، ونشرت في تطبيق العربية: خبر ظهور البغدادي في صلاة الجمعة في شهر رمضان غطّى على أحداث كأس العالم ومسلسلات رمضان. وهذا الإعجاب بالشخصية الإرهابية لا يتوقف على قادته فقط، بل تعدى إلى الأحمق منهم والطائش والمتهور من أمثال أبي مصعب الزرقاوي، فهذه شابة مصرية ثورية يسارية تطالب بتعريب الرموز فتقول: يجب أن تكون رموزنا عربية فلا نضع صورة جيفارا ليمثلنا، يجب أن نضع صورة رمز عربي مثل الزرقاوي، إذا كنا نقول للطفل لكي يفهم (اليمين: اليد اللي ناكل بيها، واليسار: اليد اللي هاه! ماذا تفعل بها؟).. فماذا نقول للشابة اليسارية لتفهم اختلاف الاتجاهات (الزرقاوي من اليد اللي بناكل فيها، وأنتي من اليد اللي اللي). وهكذا تكون الأخبار التي توردها وسائل الإعلام باطنها الخبر المسيء للشخص الإرهابي، وظاهرها فقرة يتلقفها الناس من سلسلة قصة الحكواتي الشائقة، فكما لا يجوز نقد بطل القصة أو الرواية أو الملحمة الذي تدور الأحداث حوله، لأن ذلك ينافي مفهوم الأدب والإبداع والفن والخيال؛ لا ينبغي التربص بمحور الواقع الذي أيضاً تدور الأحداث السياسية حوله. ونظرة المبدعين إلى الشخصيات المثيرة معروفة؛ الرائي العالمي علاء الأسواني في لقاء تلفزيوني رد على المذيع عندما سأله عن تشدد حازم أبو إسماعيل بقوله: أنا شخصياً أحب الشيخ حازم أبو إسماعيل لأني روائي، وشخصية الشيخ حازم شخصية روائية من الدرجة الأولى.. ونأتي إلى الطامة الكبرى حين يقول أكبر رأس ثقافي عربي (أدونيس): أجمل منظر رأيته في حياتي منظر انهيار البرجين العالميين في أمريكا، لأنه يدل على العبقرية الفردية للإنسان العربي.

سعاد فهد السعيد - الباحة