Saturday 31/05/2014 Issue 440 السبت 2 ,شعبان 1435 العدد
31/05/2014

يجمع بين الكاريكاتير وفن التصوير المائي والزيتي

عبدالمحسن الطوالة يجد في الصحراء.. وصور ماضي الزلفي مصدر إلهام

قليل من يتمسك بميوله وعشقه، والتعامل مع مختزل الصور في العقل الباطني التي تجمع كل ما في الماضي من جمال، إن كان في العادات أو التقاليد أو أنماط البناء.. وقليل من الفنانين المخضرمين الذين لا يسمحون لأي تغير أو تبدل طرأ على الفنون التشكيلية، أو ما يمكن أن نعمم تسميته بالفنون البصرية وما شابهها من خروج عن المألوف، أن تؤثر عليه أو تجذبه نحو موجتها العاتية التي اندفعت مؤخراً لتهل على الأخضر واليابس من سمات الفن الجميل.

الفنان عبد المحسن الطوالة فنان مخضرم، يعيش عصره الحديث دون تخلٍّ عن ذكرياته الجميلة التي عاشها واختزل منها صورها في خياله لكل تفاصيل قريته السابقة ومدينته الحديثة الجميلة الزلفي، التي تجمع جبال طويق الشامخة برمال النفود المنسابة بلونها الذهبي، وتستقبل مع كل موسم الأمطار سيول سمنان، وتحتضنها مزارع النخيل، وشكلت في مجملها لوحة أبدعها الخالق - عز وجل - فألهمت عباده، فأعاد لنا الفنان الطوالة في كل لوحة شيئاً مما كانت عليه وقت محدودية مساحتها ونمط بنائها الطيني وعادات أهلها التي كانت تجمعهم كأسرة واحدة .. ففي لوحاته الفنية عبق الماضي وعطره، وصوره التي تبعث النشوة والاندهاش عند من يشاهدها وتعيده مسافات طويلة نحو أجمل أيامه وأحلاها.

بين الكاريكاتير والتصوير الزيتي والمائي

عرفت الفنان عبد المحسن الطوالة رساماً للكاريكاتير، وسعدت بمزاملته رساماً في الجزيرة، مع أننا لم نكن نلتقي كثيراً، إلا أن ما أبدعه في المساحة التي مُنحت له في الجريدة يجعلنا نلتقيه مع كل لوحة يحاكي فيها قضية أو مشكلة اجتماعية.. رسم الكاريكاتير فأجاد، وفاز بجائزته الأولى في مسابقة أقامتها جريدة الرياض. واصل ركضه في الكاريكاتير، واشتهر فيه، وكاد يحسب من ممتهنيه، إلا أن الأصل الذي عادة يخرج من عباءته رسام الكاريكاتير كان أكثر جذباً؛ فعاد إلى الأصل ومصدر الخبرات والتجارب ومبعث الإحساس بالتعبير عما يختلج في وجدانه، وتلتقطه عيناه فيما تبقى من جمال القرية، ومن كل جديد يتشكل في مواسم الربيع كانت العودة للفن التشكيلي. رسم بالأقلام الرصاص إلى التلوين بالألوان المائية والزيتية والتعامل مع عالمها الشيق والمعبر بشكل واقعي الأسلوب، الذي رافقه وقربه للمتلقي، وأعجب به كل من زار معرضه أو شاهد لوحاته في موقعه على الفيس بوك، أو عبر ما يتناقله المعجبون في مواقعهم.

مارس الرسم بالألوان المائية بشفافية المعلم، وقدم فيها دورات ناجحة، استفاد منها من تدرب على يده، متمكناً من الانتقال من شفافية المائيات إلى كثافة الألوان الزيتية دون إحداث أي ازدواجية.

مصادر الإلهام عند الطوالة

من يتابع ويشاهد أعمال الفنان عبد المحسن الطوالة يكتشف شغفه بالصحراء وما يحدث فيها من تغير وتبدل في كل فصول السنة، التي تختصر في أجواء نجد بفصلين (الصيف والشتاء)، وما يتخلل الشتاء من فترة تزدان فيها الصحراء بالاخضرار وتنوع الزهور وجريان الشعاب ومنظر (غدير الماء) الذي تحيط به شجيرات الطلح، فكانت الصحراء أحد أهم مصادر إبداع الفنان الطوالة، فقدم لنا لوحات تعكس عشقه لهذا المصدر الأجمل الغني بكل الألوان؛ لينقلنا إلى مصدر آخر غالبيته من مختزله، وهو البيئة الاجتماعية بتقاليدها وعاداتها وما يتم من أعمال يمارسها بعض أبناء المجتمع، ويشارك بها كل المجتمع القروي سابقاً، ومنها رعي الغم، إذ يخرج أهل القرية له أغنامهم في النهار، ويعود بها مساء لتتجه إلى منازلها.

بجانب الغوص في تفاصيل قد لا تحضر لدى بعض أبناء الجيل الجديد في نجد، لكنها حاضرة عند الفنان الطوالة ومن هم في عمره أو يكبرونه، ومنها لوحة (الخلوة)، وهي جزء من المسجد، أحياناً تكون على مستوى الأرض، وأحياناً كثيرة تكون تحت الأرض مخصصة للصلاة في الشتاء نتيجة إحكام وإغلاق كل منافذ الهواء إلا من المدخل الرئيسي تفادياً للبرد.

ولا ننسى اقتناص جوانب أخرى من حياة البر، منها إيقاد النار وأدوات الشاي والقهوة وكيف يبرزها بشكل محبب لكل من يمارس الخروج إلى البر ويوقد النار قبل طلوع الشمس فلها نكهة وطعم. إبداعات تُعتبر توثيقاً لواقع لم يكن للكاميرا حضور فيه لتسجيلها، فكان دور الفنان الطوالة، وكانت لوحاته الأجمل.

دقة التفاصيل ورشاقة الخطوط

بالطبع، لا يمكن أن يستغرب من يشاهد دقة الرسم عند الفنان الطوالة، وخصوصاً بقلم الرصاص الذي عادة يبرز في الوجوه أو في رؤوس الخيل وتدرج الظل والنور.. فهو معلم فيها، كما علم طلابه وتلامذته أصول لعبتها، كما هي أيضاً رشاقة الخطوط التي ميَّلته للكاريكاتير، لكننا نجدها في الرسم أكثر تأثيراً وجمالاً لارتباطها بالعنصر.

كثافة اللون لتحقيق الفكرة

تذكرني كثافة ألوان الفنان عبد المحسن الطوالة في لوحاته الليلية بأعمال الفنان الهولندي رمبرانت التي يركز فيها على تأثير الضوء على العنصر المراد رسمه. يظهر هذا التأثير في اللوحات التي يستلهمها من ليل الصحراء وإسقاطات نور القمر أو انعطاسات ضوء لهب النار على أواني القهوة أو الطبخ. لقد أجاد الفنان في هذا الجانب؛ إذ جعل المشاهد يتجه إلى العنصر دون إخلال بالمحيط؛ فقد أعطاه حقه من التأثير.

الفنان التشكيلي عبدالمحسن بن علي الطوالة:

- سنة الميلاد 1389.

- ابتدائية ابن خلدون بالزلفي.

- متوسطة الإمام أحمد بالرياض.

- متوسطة الزلفي.

- حاصل على دبلوم معهد التربية الفنية للمعلمين 1408- 1410.

- الكلاسيكية (الواقعية) والانطباعية مثل كلود مونيه.

- يعمل مدرساً للتربية الفنية.

- شارك في معرضين كاريكاتيريين ساخرين في روضة السبلة بالزلفي.

- نشر له أول عمل كاريكاتيري في عام 1984م في سن مبكرة (الرابعة عشرة تقريباً) في جريدة الجزيرة، وبعدها بدأ بالرسم في الصحف هاوياً.

- بعد ذلك بسنوات رسم في الصفحة الأخيرة في الجريدة نفسها ولم يستمر.

- حصل على المركز الأول في أول وثالث مسابقة في الكاريكاتير في صحيفة الرياض.

- بعدها بدأ بالتعاون مع الصحيفة على فترات متقطعة؛ وذلك لعدم وجوده بالرياض.

- انتقل للتعاون مع مجلة اليمامة، واستمر ذلك لفترة وجيزة.

- شارك في جريدة الرياضية، لكن العائق لاستمراره هو عدم وجوده في مدينة الرياض.

- شارك بمعرض وزارة المعارف للمعلمين عام 1998م.

- نال شهادات تقدير عدة من رعاية الشباب لمشاركته في كثير من معارضها.

- حصل على جائزة اقتناء لمشاركته بمعرض بمناسبة مرور 100 عام على توحيد المملكة.

- شارك بالمعرض الأول لفناني محافظة الزلفي في عام 2000م.

- شارك بمعرض فناني منطقة القصيم المقام بنادي الحزم بالرس.

- أقام معرضين شخصيين في فن الكاريكاتير 1411-1417هـ.

- monif.art@msn.com