الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st February,2005 العدد : 94

الأثنين 12 ,محرم 1426

الفعاليات الثقافية لمهرجان الجنادرية من يجددها؟
رقص تراثي..وشعر عاميّ.. وثقافة مكرورة

* الثقافية عبد الحفيظ الشمري:
كلما أطلت (الجنادرية) علينا من أفق التاريخ، تأملنا جناحيها (التراث والثقافة) مسبوقين بعبارة الوفاء والبهاء (الوطني).. لكن المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية ومنذ تأسيسه الأول وانطلاقته الألفبائية أخذ طابعه الخاص ذلك الذي لا يتبدل أو يحيد ليظل المهرجان اسماً صقيلاً وعملاً دون المأمول.
فالفعاليات الثقافية لمهرجان الجنادرية يبدو أنها هي الضحية طالما ظلت الحظوة للتراث والفلكلور فالاهتمام يظل في كل عام منهمكاً بالشكليات، والأوبريتات حتى أصبحنا رواد الثقافة وضيوفها كأننا أشخاص غير مرغوب فينا.
نذكر بداية طرفة مؤذية قالها أحد المدعوين لرقصات المهرجان، وأوبريتاته اللامعة، فيحنما شدا أحد الشعراء بقصيدة فصيحة لم تنل استحسانه (يا خوي نبي قصيدة العرب) يعني الشعر النبطي أو العامي.. فالطرفة رغم أذاها تعكس واقع المهرجان وتوجهاته وكأن الثقافة أقحمت فيها فلا مشاحة أن يكون المهرجان للتراث والفلكور، لتعفى الثقافة من هذه المعادلة غير المتكافئة من حيث الاهتمام والمتابعة والتنظيم، فلا غرو أن تحلق (الجنادرية) بأجنحة التراث والفلكور، وللثقافة مهرجاناتها، ولقاءاتها الخاصة بها.
ثقافة مكرورة توائم نمطية الحضور
الثقافة والأدب والإبداع لدى الكثير من أهل التراث والفلكلور هي عالم خيالي بعيد قد يتصورون أنه يأتي من كواكب أخرى، ومن مجرات بعيدة، ينظر إلى النشاط الثقافي وكأنه عبء ثقيل، وأحمال زائدة في رحل الجنادرية وقوافلها السائرة إلى التاريخ هناك.
وأمام أمر كهذا أصبحت الجنادرية فرصة لتقديم ثقافة هينة تأخذ من كل شيء بطرف حتى وإن حضر يوسف إدريس، وعلي حرب، وعبد الله الغذامي، ومحمد الفيتوري، وأنيس منصور، وغير منصور، حتى أصبح المتلقي والمتابع يعرف خواتم هذه اللقاءات قبل حضورها.
أذكر قبل عامين أن الشاعر العماني السائح سيف الرحبي كان يتكئ كثيراً على (شداد) الجنادرية لكنه وحينما تحركت أيدي الجنادرية ملوحة له بالمشاركة في الأمسية الشعرية التي تعد مع أختها أمسية الفصيح دائماً وكأنها على عجل، وبوجل غير مبرر.. فر الشاعر.. أو أظنه هرول إلى المطار بسيارة لامعة في رحلة إلى جدة ومن ثم إلى المطارات التي يعشقها (الرحبي).. فلا يلام الشاعر بمقدار ما يلام هؤلاء المنظمون الذين يبحثون في الفراغ اللاهي، وفي القفر الموحش عن، وإبداع وليد يفيد القارئ وينتصر للذائقة، وأحسب أن هنا من بيننا من الشعراء الرائعين بشرائحهم والذائعين بصيت إبداعهم من هم على أتم استعداد أن (يفعلوا) خذوا حذركم من هذه الكلمة المأزومة (يفعلون)، ويسهموا في مد جسور التواصل مع القارئ والمتلقي الذي يبحث عن حفظ ماء وجه حضوره وكرامة ذائقته.
الدورة الخامسة عام نضج لم يتكرر
المتتبع لمناشط المهرجان وفعالياته منذ انطلاقته الأولى 2 رجب 1405هـ يدرك أن هناك طرفين يجب حضورهما، هما التراث والثقافة فقد تميزت الدورات الخمس الأُول من المهرجان بالتنظيم العفوي، والترتيب المنطقي الذي أكسب المهرجان صفة التواصل الحميمي مع المشهد الثقافي دون تكلف أو تداخل في مفاهيم أخرى.
الدورة الخامسة للمهرجان والتي عقدت مطلع شهر شعبان من العام 1409هـ جاءت ناضجة فعلاً بطرحها الثقافي والمعرفي فقد توقف المحور الكبير للندوات مما أتاح للمنظمين أن يقدموا أعمالاً مباشرة ومنطقية؛ لكي يصبح المهرجان مادة ثقافية ممكنة التفاعل والحضور، فكانت الندوات تأتي ملامسة لحاجة المتابع فمن بين تلك الندوات (ندوة الانتفاضة) والتي شارك فيها كل من الأساتذة الدكتور تركي الحمد، والدكتور أحمد التويجري، والدكتور عبد الوهاب المسيري، والدكتور مبارك عوض وأدارها الناقد الدكتور حمد المرزوقي.
كما جاءت ندوة أخرى شارك فيها الأساتذة الدكتور إبراهيم العواجي، والدكتور عبد العزيز العقلاء، وأحمد الشيباني وآخرون، فكانت هذه الندوات متوهجة في مضمونها، وحاضرة في ذاكرة الحضور بل إنها مباشرة وغير متكلفة فقد كان يحضر هذه الندوات الكثير من الأسماء الشعرية من الوطن ومن خارجه من أمثال أحمد الصالح ومحمد الثبيتي، ومحمد زايد الألمعي، وبلند الحيدري، وسهيل إدريس وزكريا تامر وآخرين فكانت هذه الدورة هي عام نضج لم يتكرر حتى الآن لأن الدورات التالية أصابها فيما يبدو نوع من التكلف والبحث عن الكم على حساب الكيف إلى جانب اعتبارات أخرى جعلت المهرجان يسير في نمطية واحدة قد تكون مكرورة في وقت ظل فيه التراث متفرجاً يقدمه الأحياء.. إلا أن ما يمكن أن يلفت الانتباه هو رحيل بعض الأسماء إلى رحمة الله وبعضها الآخر إلى رحمة السكون حتى نسيان أن يكون قد شارك في المهرجان الذي أخذ يسير بوتيرة واحدة قد تبعث السأم من تكرار طرق هذه القضايا حتى الآن.
لجنة المشورة..
لقاءات عابرة وخجلى
الشيء الذي يثير حقيقة أن هناك جنادرية مصغرة تعقد كل عام بعد انقضاء الجنادرية بأشهر وهذه اللجنة تقيم في مقر الوفود المعتاد لكنها حسبما يخطط لها لجنة يتوسم فيها المشورة إلا أن جل أعضائها يأتون يغالبهم الشعور بأنهم بلا مشورة عدا أن يكملوا هذا العدد ويتموا هذه اللقاءات العابرة إلا أن النادر منها مصاب بحيرة وخيبة أن يأتي كل عام بالعديد من الاقتراحات والتوصيات التي تضل طريقها إلى إدارة المهرجان التي تحولت في الدورة الخامسة كما أشرنا من مقر متكامل إلى قطعة مكتب متواضع.
فالمشورة وأهلها يصابون بالذعر كل عام حينما يدب حفيف أجهزة التسجيل للصحفيين الذين ينشدون لديهم الجديد المفيد ولكن لا حياة فيما يزعمون، بل نراهم وقد أصبحوا في مواقف مألوفة يقولون (أي شيء) كلام عابر لمهرجان عابر.
فاللجنة تدعي أنها تأتي بالحروف بيد وتأتي بالنقاط بيد أخرى وتسلمها للمهرجان في كل عام لكنها لا تجرؤ على أن تضع فوق كل حرف ما يحتاجه.. حتى أولئك (النقاد) الذين تصم الآذان لجاجتهم نراهم وقد جاءوا بذكاء معهود بحروف لا تحتاج إلى أي نقاط.
ظللنا نجادل أهل لجنة المشورة كثيراً لماذا لا تكون (الاستبانة) هي الفيصل بينكم وبين المنظمين للفعاليات فقالوا: (فعلنا ذلك ولكن..).
وزارة الثقافة .. صفحة بيضاء
تظل وزارة الثقافة والإعلام هي الجهة التي ننتظر منها سرعة المساهمة والتعاون مع رئاسة الحرس الوطني من أجل تفعيل دور الثقافة والأدب في فعاليات المهرجان الذي يحتاج دون شك إلى تضافر جهود جميع القطاعات الثقافية حتى وإن كان الحرس الوطني مكلفاً بذلك، فلديه قنوات كثيرة من أجل التعاون في مجال تقديم ثقافة مناسبة من خلال فعاليات المهرجان لهذا العام والأعوام القادمة بمشيئة الله .. يبقى أن نشير إلى أن القطاعات الأخرى تسهم لكنها تضع جهدها في التراث في وقت يظل من المهم أن تتوازى الطروحات بين الثقافة والتراث طالما أنهما متلازمان في الحضور أمام الجمهور الذي يتطلع إلى نشاط أكثر حيوية وعمل أكثر جدية.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved