الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st February,2005 العدد : 94

الأثنين 12 ,محرم 1426

(الجزيرة) تحاور شخصية العام الثقافية الأديب عبدالله الجشي
الصراع بين التيارات الأدبية ظاهرة صحية

* حوار ظافر الدوسري:
أكد الأديب والشاعر عبدالله الشيخ الجشي بمناسبة فوزه كشخصية العام الثقافية من قبل مهرجان الجناردية أن الزمن سينتج مبدعين في مختلف المجالات وسيعزز أشكالاً إبداعية وسينتج أخرى، وأنه متفائل بأن الإنسان سيجد فرصته طالما امتلك الإبداع والمعرفة والتصميم على العمل.
وبيَّن أن الإنسان في هذا الزمن يعاني الكثير من التحديات والضغوطات الحياتية مما أثَّر على التواصل مع الشعر العربي إبداعاً وتلقياً.
وأشار الجشي إلى أن الشاعر كلما امتد عمره كلما ازدادت الحاجة لتقييم الماضي وإعادة النظر في أفكاره والعالم.
وتمنى أن يجد العراق طريقاً إلى الاستقرار والسلام والنماء والتطور بعد كل هذه الظروف العصيبة التي واجهته.. وحتى لا نطيل على القارئ إليكم هذا الحوار، حيث قامت (الجزيرة) بزيارة شاعرنا في منزله الكائن في القطيف بالمنطقة الشرقية:
* ما هي وجهة نظركم بتكريمكم في مهرجان الجنادرية كشخصية العام الثقافية؟
أشكر القائمين على المهرجان على هذا التقدير، وأتمنى أن يستمر هذا النهج ويشمل جميع مناحي الحياة فلكل منها شخصيات تستحق التكريم والإشادة بما أنجزت وقدمت.
* الجوائز والتكريم سلاحان ذوا حدين للأديب السعودي فأين أنتم من هذين السلاحين؟
أعتقد أن التكريم هو تشجيع لذوي المواهب والعطاء، وهو تقدير من الدولة والمجتمع للأشخاص المنتجين وإنتاجهم، كما أنه اهتمام بالاجتهاد ودعوة له.
* نلت من الشهرة ونالت منك.. فأيهما أكثر تأثيراً في حياتك؟ نعيمها أم عذابها؟
إن الشهرة التي من المفترض أني نلتها لم تكن بالمستوى الذي طمحت إليه. وبالرغم من ذلك أظن أن إيجابياتها أكثر من سلبياتها.. فالتواصل مع الناس مثلاً مكسب كبير للتعلم وتبادل الخبرات، بالإضافة إلى المعايشة الإنسانية التي هي من حاجات البشر الأساسية، أما السلبيات فقد أمكن التعايش معها ولا مناص عن وجودها.
* هل لديكم دواوين لم تر النور ولم تطبع بعد؟ وما هو الديوان أو الشعر الذي أثار جدلاً في مجتمع الأدب السعودي والعربي؟
لدي مجموعة من الدواوين قيد الطبع، منها ملحمة (شراع على السراب)، (غزل)، وغيرهما، وأرجو أن ترى النور في المستقبل القريب، أما بالنسبة للدواوين التي أصدرتها فقد تقبلها القراء باستحسان وأتمنى أن تلقى الدواوين الجديدة مزيداً من الاستحسان.
* لقد كانت لكم سفريات ومحطات في حياتكم، فهل اعتكفتم عن السفر واخترتم القطيف كآخر محطاتكم ولماذا؟ أم أنكم اقتنعتم بأنه لا جديد تحت الشمس؟
الظروف العائلية دفعتنا للسفر عدة مرات، غير أنني اليوم عدت إلى وطني وإلى أهلي وإلى محطتي الأولى والأخيرة.
الجميع يصبو إلى الاستقرار وأنا بالتأكيد كغيري من الناس، خاصة وأني خبرت التنقل ولا أتمنى تجربته من جديد، الجديد أظنه هنا تحت سماء هذا الوطن وشمسه، وأرجو أن تكون الأيام القادمة أفضل مما مضى سعياً نحو التطور والرفاه.
* الأوضاع في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، هل حرّكت وجدانكم لكتابة الشعر لديكم عنه والحنين إلى النجف؟
بالتأكيد إن ما حدث في العراق في العامين الأخيرين قد أثر في وجداني كما في وجدان أي عربي، ظروفي الصحية لم تساعدني على ترجمة ذلك شعراً، إلا أنني أتمنى أن يجد العراق طريقه إلى الاستقرار والسلام والنماء والتطور بعد كل الظروف العصيبة التي واجهته، أما عن النجف فهي البيئة التي فسحت لي مكاناً بين شعرائها، والحنين إليها حنين إلى أولئك الأهل والأصدقاء الذين عشت معهم ورافقوني في حقبة مهمة من حياتي.
كما أن الحنين إليها حنين إلى تلك الحقبة من العمر التي شكلت حياتي وشاركت في صياغة شخصيتي ووضعتني على درب الحياة.
* كيف يكون شعور الإنسان وهو يكتب الشعر بعد سن السبعين من العمر؟
الشعر كان دوماً وسيلة أعبر فيها عن نفسي وأشارك بها في هذه الحياة. وكما عبر الشعر عن مشاعري وأفكاري في سني السابقة، فهو يعبر بعد السبعين عن مشاعر وأفكار هذه الفترة، بل إن الحاجة تزداد إليه حينما يعيد الإنسان تقييم الماضي، وإعادة النظر في أفكاره والعالم.
* كيف تضع حركة الإبداع السعودي على الخارطة العربية أولاً ثم على الخارطة الإنسانية ثانياً؟
إن الإبداع في بلادنا أخذ في المشاركة في المشهد الأدبي والشعري العربي بعد أن توفرت له الظروف المطلوبة للوصول إلى ذلك، بالتأكيد أن مساهمة الأخوة في الأقطار الشقيقة تأخذ النصيب الأكبر لقدم التجربة وتوفر الكثير من العوامل لديهم، إلا أن المبدع السعودي بدأ يشق طريقه مستغلاً ما يتوفر لديه وبانياً لتجربته الذاتية التي سترفع من حجم إبداعه ومساحته مع مرور الزمن خاصة مع الإيمان بالحاجة إلى إبداع المفيد والجميل والمساهمة في الحضارة الإنسانية، أما بالنسبة إلى الخارطة الإنسانية فإن لدى العرب جميعاً تحدياً كبيراً في هذا المضمار عليهم مواجهته بجدية أساسها العمل والرغبة في المساهمة والتوجه إلى الإنسان أينما كان في جميع قضاياه.
* ما هي ملاحظاتك على الصفحات الثقافية المحلية والأندية الأدبية وهل أدت أدواراً مهمة في حياتنا الثقافية أم أنها بحاجة إلى التجديد المستمر؟
الصفحات الثقافية والأندية الأدبية صورة من صور الحياة التي نعيشها، في مجتمع يعيش التحول ويواجه التحديات لا بد أن تعايش مؤسساته الأحوال نفسها، التجديد حاجة حياتية لا يمكن الاستغناء عنها، كذلك هذه المؤسسات لا بد أنها تشعر بالحاجة إلى الجديد أو ستشعر بالتأكيد عما قريب لأن الحياة تفرض عليها، أظن أن ما نعتقد أنه دون المستوى أو الطموح هو الذي سينتج الظروف المناسبة لإنتاج ما نطمح إليه وما نحتاجه، لكن هذه الصفحات والأندية وفرت للكثير مجالاً للمشاركة والإسهام وأتمنى أن يعمل على زيادة ذلك وتطويره.
* هل صحيح أن الشعر العربي شهد تحولاً في الفترة الأخيرة شيئاً من المكاشفة السرية والتعدي العلني من بعض الكتاب على بعض القيم والأخلاقيات وإلصاقها بالشعر العربي؟ ولماذا يكثر الأدب السعودي من النقاد ويقل المبدعون؟
الشعر وسيلة للتعبير والإبداع، قد يستخدمه البعض للاحتجاج أو لتقديم أفكار معينة أو للتعبير عن أنفسهم، كما يستخدمه آخرون لتقديم أفكار مضادة أو مختلفة وللتعبير عن أنفسهم أيضاً.. التعبير عن الموقف أمر يجب ضمانه للشاعر أو المثقف فهو صوت من أصوات الأمة نختلف أو نتفق معه كفكر بعيداً عن قالبه الشعري، أما عن النقاد والمبدعين فلا أظن أن بينهم من حيث المبدأ اختلافاً.. ففي هذا العصر أصبح الناقد نفسه مبدعاً من خلال ما يقدمه من كشف في النصوص الشعرية والأدبية بالإضافة إلى مشاركته الخاصة التي تتخذ من النصوص حافزاً ومناسبة للانطلاق والظهور.
الناقد والشاعر أو القاص جميعهم يتحولون إلى مبدعين بمقدار الجديد المحفز والبناء الذي يقدمونه إلى القارئ.
* موقف صراع التيارات الأدبية والمتمثلة في التيار المحافظ، ما رأيك بهذا الصراع؟ وهل هو ظاهرة صحية أم هو وبال حقيقي عقبة في تحقيق رسالة الأديب؟ وتعطيل دوره الذي من المفترض أن يكون منه؟
الصراع بين جميع التيارات الأدبية ظاهرة طبيعية وربما صحية في رأيي الشخصي، فالصراع سيدفع بالنقاش ما بين العاملين في هذا المجال، ويحفز على تقديم الأفضل، وسيدعم التنوع، وجميع ما سبق حاجة لنا كي نتطور وننمو وكي يتكون لنا ما نسهم به في مخاطبة أنفسنا ومخاطبة الآخرين.
العمل الناجح سوف يخبر عن نفسه بغض النظر عن التيار الذي يحسب عليه، فالحكم يجب أن يوجه للعمل بذاته وليس لتيار بأكمله، والزمن سيحدد سيادة أي تيار على الآخر.
* هل سار أبناؤكم على الخطوات التي أبدعتم فيها أم أنهم اتخذوا منحى آخر؟
ابنتي يمامة تحاول كتابة الشعر وقد نشرت قصيدة أو قصيدتين، إلا أن ظروف دراستها لم تساعدها على توفير المجال للاستمرار والتطوير، أما ولدي قطيف فقد يقترب من مجال الشعر والأدب قارئاً وليس كاتباً، أتمنى أن يجد كلاً منهم المجال الأنسب له للعمل والإنتاج والإبداع باختياره الشخصي وبغض النظر عن نوع المجال.
* خسرت الساحة الأدبية بعض أشهر نجومها كنزار قباني والجواهري وغيرهما.. فمن من الشعراء ترشحه لملء الفراغ الذي تركه رحيل هؤلاء الأعلام؟
هناك الكثير من الشعراء المتميزين والمرموقين والذي لهم حضورهم الفاعل في أشكال شعرية معينة وأماكن مختلفة، يصعب عليَّ الحكم وتفضيل أي منهم.
* لماذا لم يعد يؤثر الشعر في الوجدان العربي؟ هل تبلدت المشاعر ولماذا هذا الجمود والصمت الرهيب؟
أظن أن الشعر سيظل له تأثيره الخاص، إلا أن لدينا اليوم أشكالاً أدبية أخرى ووسائل تعبيرية كثيرة أخذت تنافس الشعر وتأخذ من نصيبه في إمكان الوصول إلى الناس، ولذلك على الشعر أن يتكيف ويتطور كي يستطيع التعامل مع الظروف الحالية ويبقى على حضوره وتأثيره بالشكل المناسب.
التحديات التي تواجه الإنسان في عالمنا العربي والإنساني كبيرة ومتعددة وباعتبار الشعر منتجاً إنسانياً فهو يواجه نفس التحديات التي يواجهها الإنسان.. إنساننا في هذه المرحلة يعاني الكثير من التحديات والضغوطات الحياتية، والوقت يضيق يوماً بعد يوم باحتياجات الإنسان والتزاماته، فبكل تأكيد لذلك أثر على التواصل مع الشعر إبداعاً وتلقياً.
* كلمة أخيرة؟
أود في الختام أن أشكركم على هذا اللقاء باعتباره تفاعلاً وحافزاً للتفكير، كما أود أن أقول بأن الزمن سينتج مبدعين في مختلف المجالات وسيعزز أشكالاً إبداعية وسينتج أخرى، أنا متفائل بأن الإنسان لدينا سيجد فرصته طالما امتلك الوعي والمعرفة والتصميم على العمل، سوف تكون الأجيال القادمة، كما آمل، أفضل من سابقاتها ويتفوقون علينا بإنجازاتهم وإبداعاتهم وهذا أفضل تكريم لكل ما قدمناه وعملنا من أجله.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved