الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st March,2005 العدد : 98

الأثنين 11 ,صفر 1426

أعراف
وإنّا لمن المتفائلينَ.. يا معالي الوزير!!
محمد جبر الحربي
بالأمس القريب استمعت إليك يا معالي الأستاذ إياد مدني في اللقاء الثقافي السعودي الألماني برعاية مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وبإدارة نموذج المثقف السعودي الموجب الفاعل العامل بصمت الدكتور يحيى محمود بن جنيد، الذي لا يبدأ بعملٍ إلا ويتقنه، ولا يشرف على فضاء إلا ويثمر.
فيما علمت أنه أول نشاط ثقافي ترعاه وأنت في منصبك الجديد وزيراً للإعلام والثقافة.
وقد كانت كلمتك عميقة، متميزة، وشاملة، ومنافحة عن حضارتنا، ووجهتنا ووجهنا. فأرشدت الجميع، ومنهم من لا يعرفك، إلى عمق ثقافتك، ووضوح هدفك، وحسن لباقتك، فقلنا إعجاباً: وهذا وزير إعلام عالم مفوّه.
وبالأمس كنت في مجلس ضم مجموعة من أصحاب الكلمة، من فئات عمرية مختلفة، وكانت الوزارة والوزير الموضوع الرئيس للحديث، وهذا ما هو حاصل منذ أزمان في كل لقاء ثقافي، إعلامي أو حتى اجتماعي. ثم أعيد طرحه بشكل مكثف بعد تعيينك. ولعلك تابعت الكتابات الكثيرة، والمطالب الملحة من قبل أصحاب الكلمة من مثقفين ومفكرين وأدباء وإعلاميين وفنانين، رأوا في مجيئك فرصة يجب اغتنامها للنهوض بالحركة الثقافية والإعلامية. لم يكن أولهم الدكتور عبدالله الغذامي، ولن أكون آخرهم.
ورغم اختلاف الطرح بين المجالس، ووسائل الإعلام ما بين متفائلين ومتشائلين وربما متشائمين حول إمكانية أن تلبي الوزارة تطلعات المثقفين والإعلاميين، وهي في رحلة المزاوجة بين ما هو إعلامي وثقافي.
وكتابتي هذه تنبع من تجربة عملية في المجالين الإعلامي والثقافي. وهي لا تدعي الكمال، ولا تحمل كل الإجابات، ولا تحاول التشهير، أو الانتقاص من جهود الآخرين، ولكنها تعبير عن مكابدة ربع قرن مع كلا المجالين، ورغبة في رؤية أحلامنا وهي تتحقق خدمة للوطن الحبيب.
أما الإعلام فإنه بحاجة إلى إعادة صياغة بكل مفرداته، وإداراته، ولا بد من وضع حلول جذرية لمشاكله، وتقصي المعوقات التي تحول دون تمكنه من إبلاغ رسالاته المتعددة، وتلمس جوانب قصوره وضعفه.
ولأكون صريحاً بدافع المحبة والحرص فأزيد: وعزوف الناس عن متابعته، مرئياً كان، أم مسموعاً، أم مقروءًا..
ولا أعتقد بوجود وقت أهم من هذا لنجري التغيير المدروس بعد التفكير المتأني بعيد النظر. ونستخدم فيه كل العقول الجميلة لدينا للنهوض بواجهتنا، ووجهنا الإعلامي..
لأننا لو نظرنا حولنا لوجدنا العالم المسعور يترصدنا كل مرصد، ويتربص بنا الدوائر، ويحيك ضدنا المؤامرات، ويؤلب حتى الأقلام النكرة ضد هويتنا، وقيمنا، وكل ما يمثله ديننا، ولساننا العربي المبين.
ونحن إذا ما أردنا أقوياء أغنياء بعون الله بسندنا الحضاري، وبثرواتنا من الخيرات والمال والطاقات البشرية في كل مجال، ولا تنقصنا الإرادة، ولا العقول المبدعة من الجنسين في الطب والتعليم وعلوم التكنولوجيا، وفي الفكر والأدب وسائر العلوم والفنون.
لا ينقصنا مخططون، ولا إداريون ماهرون، ولا تنقصنا الغيرة ولا الانتماء ولا الطموح.
إن ما ينقصنا بالفعل هو الصراحة والشفافية والمكاشفة والاعتراف بتقصيرنا وأخطائنا، وإعادة قراءة واقعنا ومستقبلنا، وتقديم احتياجاتنا وأولوياتنا على ما لا نفع منه من زخرف مكلف..
وإعادة تفعيل كوادرنا، والإفادة من عقولنا الشابة، بدعم من ذوي الخبرة، والصراحة والصرامة في تعاملاتنا مع المسائل الحيوية، ووضع الطاقات في أماكنها المناسبة، وإحالة من لا يستطيع المواكبة على التقاعد، وتشجيع الإدارات، بل إرغامها على الأخذ بأسباب التكنولوجيا، إذ لا يعقل أن نجد في وزارة الإعلام الواجهة الأولى إدارات لا تعرف ما هو الكمبيوتر، ولا تعرف كيفية إدخال وحفظ البيانات، لكي لا نجد أن المعاملات الإدارية، وطلبات المواطنين ما زالت رهينة الملفات (العلاقي) الخضراء، والروتين القاتل لأوقات الجميع.
إنني واثق يا معالي الوزير أن الوزارة تزخر بالطاقات المبدعة، والكوادر الشابة المتعطشة للعمل، فعليك بالاستعانة بمبدعيك داخل الوزارة، وحبذا لو استعنت، أو عملت على تشكيل هيئة من المثقفين، والإعلاميين ليضعوا خططاً تملأ الفراغات، وتجيب على الأسئلة التي ملَّت الانتظار.
وتفعل الدراسات، ونتائج اللقاءات الثقافية المتعددة التي عقدت، ثم احتضنتها ظلمة الأدراج، وتعمل على إخراجها للنور والهواء.
إن الإعلام والثقافة واجهتان متلازمتان، ونحن بحاجة ماسة إلى كل طاقة مبدعة، وعلينا أن نهيئ لها التربة والهواء والماء لتعطينا أفضل ما لديها، دون أن نصادرها أو نسيجها باللا مبالاة والإهمال والفهم الخاطئ.
فالمثقفون هنا بحاجة إلى نظرة جديدة لتفهم مطالبهم، والعناية بشؤونهم.
ومن ذلك وإن بشكل سريع: مجلس وطني للثقافة والفنون، أو هيئة للكتاب تتولى إصدار المجلات الثقافية المتخصصة، وتقوم بطبع نتاج المثقفين ضمن سلسلة تشمل جميع المجالات، وذلك بسعر رمزي، وبمكافآت مجزية. إنشاء صندوق للأدباء. إعادة أو تطوير الجوائز التقديرية لتشمل جميع المجالات. إنشاء نادٍ إعلامي ثقافي ترفيهي يكون مكاناً لالتقاء المثقفين والإعلاميين، يستقبلون فيه قراءهم، وضيوفهم من ضيوف المملكة، ويكون ربحياً وبأسعار رمزية للمثقفين، كما في نادي ضباط القوات المسلحة، وقوى الأمن. وكما هو موجود في كل الدول العربية.
ولا مانع من أن تشكل لجنة مماثلة لتلك التي سبقت تفعيل مجلس الشورى، تقوم بجولة للاطلاع على تجارب دول أخرى، كالخليج ومصر ولبنان على سبيل المثال.
إن الطريق طويل وعنيد وصعب وعسير، ولكنه غير مستحيل على رجل قدير مثلك، علم وعمل، وأحب العلم والعمل، وأهلهما.
وإن ما ذكرته هنا ما هو إلا غيض من فيض، فنحن لو قبلنا الحقيقة والحق، أمامنا طريق طويل لا نقول هذا أوله فنغمط حق من عمل وأسهم، ولا نعمد إلى النفي فنتجنى على جهود من سبق، ومن هو على رأس العمل.
لكننا نفضل أن نراكم ونفرز، وندين بالفضل لأهله، ونشد على يدك، ونصدقك القول، ونشكرك على ما تسهم فيه من خير للثقافة والعلم، وعلى ما تنجزه من عمل.
لأنك ستصادف كثيراً من المقبلين عليك، وقليلاً من المدبرين عنك، وأضعافهم من المثنين الواقفنين على بابك.
فاقبل الصادق، ونحِ المنافق، والله من وراء القصد.


mjharbi@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
مكاشفة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved