الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st March,2005 العدد : 98

الأثنين 11 ,صفر 1426

قصة قصيرة
حقول الخوف
صالح أحمد القرني
تململتُ على فراشي كثيراً في ليلة من الليالي.. فقدت بها طعم النوم اللذيذ.. الكوابيس تجثم على رأسي الصغير المليء بالطموح.. النجاح.. الألم.. مواصلة الفرح.. معانقة الجمال.. الآمال التي تنتهي باختطاف القمر نهاراً حتى لا يراني أحد عندما يتوارى خلف أسوار النهار..
نهضت من سريري لأشرب كأساً من الماء البارد.. اتجهت نحو ثلاجتنا القديمة المتهالكة.. اصطدمت ركبتي بالسرير.. أضأت المصباح.. لأبصر طريقي نحو القمر!!.
شيء غريب يحدث في مجلس العائلة.. تطلعت إلى السماء.. لم أرَ القمر.. اقتربت من المجلس.. أصوات.. اقتربت أكثر لأميز الأصوات.. لم أعرفها.. تأكد لي أنهما صوتان يتبادلان الأحاديث.. ألصقت أذني بالباب.. وتركت لجسدي أن يأتي لي بكأس ماء بارد ليبزغ صوت من الداخل:
برّد على قلبك.. النهار أفضل!!
الليل أفضل.
النهار بياض والليل ظلمة مخيفة!!
يا أخي الليل راحة الإنسان والحبيب والرومانسية.
أخذت أتساءل لهذين الصوتين لماذا يتفاضلان بالنهار والليل.. وعندما لم أجد جواباً شافياً.. اقتلعت أذني من على الباب، ورجعت إلى فراشي الدفيء المليء بكوابيس ألف ليلة وليلة .. وصوت (قمر الزمان) يزحف هادئاً برائحة زكية.. تقول: سمّ الله وارقد.
نهار:
عندما توجهت إلى عملي في صباح اليوم التالي.. كان صباحاً مشرقاً، ومن عادتي أن ابتدئ نهاري بالابتسامة حتى لو كانت (نص كم).. نظرت إلى زميلي في العمل.. ابتسمت له.. (جمدني).. داعبته.. نظر لي شزراً!!
هذا الرجل يحرث حقول الهمّ بداخله، لينثر حبوبه البيضاء.. وينظر إلى سماء العطاء، وينتظر قليلاً حتى تبزغ الثمار يانعة جميلة.. وقبل قطفها ينظر لي ثانية.. يبتسم ليعالج ما ارتكبه من خطأ قبل قليل.. وتبدأ (السوالف) و(الضحوك)، ويأتي الحسد من المكاتب المجاورة لمكتبتنا...
اتصف (أحمد) بالنبل والكرم والشجاعة والسماحة وبياض القلب.. هم يقولون ذلك!!
وعندما يأتي الليل وتقترب الشمس إلى الزوال.. إلى الغروب.. إلى الأصيل.. إلى الحب.. إلى الرومانسية.. العناق..
تأتي شهرزاد تبحث عن شهريار في الحارة ويداهمنا الليل:
ليل:
وعندما هبط الليل على حارتنا التي كانت جميلة يوماً ما، وأصبحت غير ذلك الآن!! قالت شهرزاد: بلغني أيها العمدة أن (أحمد) ما عاد يسوى بصلة.. وانه جاب المشاكل للحارة.. وزعل العمدة حتى انتفخت أوداجه وكاد ينفجر.. قامت شهرزاد وأرسلت واحد من عيال الحارة لجلب كأس ماء بارد من جزر الواق الواق.. وخمس دقائق وكأس ماء بارد عليه قليل من ماء الورد وشرب العمدة حتى روي لأنه زعل من ولده أحمد.. إذا حلّ الليل عليه تعامل بالبشاعة والظلم والقسوة وايذاء الآخرين.. يستحيل بياض النهار إلى عتمة مخيفة بداخله، وهو كثيراً ما يحدثني عن إحساسه بالغرق في فضاء الكون الواسع بفجاعة وخوف.. ويقول لي التناقض سر الوجود وأنه أجمل ما في البشر!!..
ويرد عليه صوت على صلة بي قريب.. جميل إذا كان مؤطراً بحدود شفافة وخيوط جذابة.. بعد ما طرده العمدة من الحارة أتى متخفياً إلى بيتي ليلاً حتى لا يراه أحد.. ودخل المجلس بعد أن ضاقت به الدنيا وبرفقته شهريار ووشاية شهرزاد وحقول لم يحرثها الخوف بعد ما زالت قابعة تنتظر!!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
مكاشفة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved