الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st April,2003 العدد : 7

الأثنين 19 ,صفر 1424

عبدالله القرعاوي في حكايات وفاء

سطور مما قيل في
«أبي طارق»
خلال تكريمه في اثنينية الأستاذ عبدالمقصود خوجة
مساء 19/7/1416هـ
11/12/1995م
الشعر.. الجانب الأكثر خفاءً
لقد تشرفت بمعرفة الأستاذ عبدالله القرعاوي منذ وقت ليس بالقصير، وتعرف عليه كثيرون من خلال مقالاته في الصحف المتعددة، التي تصدى لها لمختلف القضايا الفكرية، والاقتصادية، والإدارية، والاجتماعية، التي تهم القارئ وتوسع مداركه او تجيب على بعض تساؤلاته بما تتميز به من رصانة وموضوعية وأسس علمية تكسبها عمقاً قد لا يتأتى لغيره ممن يتناولون ذات المواضيع بالدرس والتحليل.. فوجدت فيه دائماً ذلك الرائد الذي لا يكذب أهله، والعلم الذي يعطى بغير منّ ولا أذى والأستاذ الذي تتلمذ على يديه جيل من شداة الأدب ومحبي الكلمة.
ومن هذه العجالة.. تتضح لنا الخلفية التي أعطت الزخم، وأنارت الدرب ليتم اختيار ضيفنا الكريم في عضوية مجلس الشورى، متوجاً بذلك مشوار كفاح طويل في دنيا الكلمة والعمل الصادق الدؤوب من أجل الوطن ورفعته..
ولعل الجانب الأكثر خفاءً في حياة ضيفنا الكبير، بالرغم من أن حياته كلها نور وضياء، هو الشعر الذي مازال مخطوطاً في ديوان واحد، والذي نتطلع إلى أن يخرج الى حيز الوجود في أسرع وقت ممكن حتى يتحفنا بروحه المحلقة في آفاق الألق الوردي الذي يميز أسلوبه الرصين وجملته الأدبية المتميزة.
عبدالمقصود خوجة
لقرعاوينا أدب وعلم..!
إن الشيخ الأديب القرعاوي أحد أعيان عنيزة المدينة المؤدبة المتأدبة، نشأ فيها شاعرنا وكاتبنا، وله أستاذ نقل عنه من عشرات الأعوام دراسة نغمة الأدب والشعر وحسن التوجيه، الشيخ أخي وسيدي صالح الناصر الصالح غفر الله له، الذي خلده ابناء عنيزة بمركز عنيزي بفضل العلم المربي عبدالله النعيم:
وخوجة أن يكرم أو يبجِّل
أديباً بارزاً من مصلحينا
كعبدالله قرعاوي علم
من الوطن العزيز الفاضلينا
وبذي قلم بنثر أو بشعر
نزيه مخلص خلقاً ودينا
وتعرفه «عنيزة» من كرام
من الأسر الكبار النابهينا
«لقرعاوينا» أدب وعلم
وأخلاق الرجال الصالحينا
وهل «كالخوجة» المذكور
يكرم مثل عبدالله فينا
«واثنينية» الشهم بن شهم
تكرم في البلاد مثقفينا
أدام الله فضلك يا وجيها
أديباً وافياً من مصلحينا
فأنت اليوم منا بل لدينا
كشمس أشرقت للمقتدينا

عثمان الصالح

نشتاق إليه مرتين
الاحتفاء بأديبنا الوقور الأستاذ عبدالله القرعاوي علامة نبله وسمو أخلاقه، وتكريمه فرصة لقراءة فكره ومعرفة تجاربه مع الأدب والحياة ومرحلته معها من البداية وحتى الآن، لنضيف إلى معلوماتنا صورة لها ألوانها الزاهية من أديب لم يتأخر عن دوره في معالجة قضايا أمته، رغم مشاغله الكثيرة، ومسؤولياته الكبيرة.
والأدب العربي انطلق من هذه الجزيرة العربية، وانتقلت ثماره هنا وهناك من شجرة نمت وترعرعت على هذه الأرض، وتاريخها تحدثت عنه أسواق العرب ومختلف العصور.
فلا يدَّعي مدعٍ بأن إصابة الأدب بالركود أخر ممارسة دوره، فلقد استمر أدبنا في أداء رسالته ومهمته فحافظ من حافظ على جوهره واهتم بنشره من مخزون كنزه القديم حتى أصبح في متناول يد الجميع. ولأولئك يكون الشكر والامتنان.
أما مطالبتنا لأديبنا الأستاذ عبدالله القرعاوي بطبع ديوانه «نور الخزامى» نشتاقه مرتين لنستضيء بنوره مرة ونستنشق عطره مرة ثانية.
مصطفى زقزوق
خير من أدار..!
إنني لسعيد كل السعادة أن أحيي الخلق العالي والأدب الرفيع وشجاعة الكلمة في صديقي الحبيب العزيز الأديب والكاتب الاجتماعي الموهوب الأستاذ الكبير عبدالله القرعاوي، فحينما ينتخب الأستاذ القرعاوي للتكريم فإنه التكريم في محله والتقدير في مكانه، وكل المناصب التي تسنم ذروتها الأستاذ عبدالله القرعاوي فقد أيسر بها وأعطاها من جهده الكثير، وترك فيها العديد من سماته وبصماته.
ولقد زاملته في مؤسسة اليمامة الصحفية التي انعقدت له مديريتها زمناً طويلاً، فكان من خير من أدار هذا المرفق الإعلامي العظيم، فحيا الله هذا الصديق الشهم النبيل الشاعر، وبارك في حياته وجهده وعطائه.
حسن بن عبدالله القرشي
الأديب الهادئ
الأستاذ عبدالله القرعاوي حقيقة رجل من رجال الوفاء ورجل من رجال الخلق الكريم، وربما كان من طراز قل نوعه في هذه الأيام، هذا لو تحدثنا كثيراً وطويلاً إنما نكرر الأمر، لكني أقلب كما قلت في ألبوم الذكريات وأقول: إن الأستاذ القرعاوي وقد عاش سنوات طويلة في مكة ورأى حال الأدباء وكيف كانوا ومن كانوا، رأى العواد وحمزة شحاته وعبدالجبار وآخرين كثيرين، يبدو ان رؤية الأستاذ القرعاوي جعلته يقرر جملة قرارات، فاختار ان يكون الأديب الهادئ الذي لا يثير صخباً ولا ضجيجاً، لأنه رأى اولئك الصاخبين الضاجين وماذا حل لهم، وفيهم، ومعهم. وكان الأستاذ القرعاوي ذكياً، ذلك الذكاء الواعي عندما مدد إقامته في الاسكندرية لسنوات طويلة أثناء الدراسة ليستمتع بأجواء الاسكندرية ببحرها ورملها وحياتها الجميلة بغيومها في الخريف وأمطارها وكورنيشها وليلها الناعس، وكان ذكياً عندما خفف من مسؤولياته ككاتب وأديب، وركز على الجانب الوظيفي في حياته ولذلك رأيناه بعد سنوات وقد أصبح من كبار الموظفين وتسنم مواقع كبيرة في وزارة العمل، وفي وزارة الصناعة، ومجلس الشورى، يبدو أنه حسب المسائل مبكراً وعرف أين الطريق، وكيف تكون الطريق.
في ألبوم الذكريات مع الأستاذ عبدالله القرعاوي نعود الى تسعة وثلاثين عاماً مضت، ذهبت الى الاسكندرية في معية الصديق والزميل الدكتور فايز بدر، كنا ساعة ذاك طلبة مبتعثين الى القاهرة للدراسة، أمضينا في القاهرة شهرين ثم قيل لنا ان أوراقنا قد احيلت للاسكندرية وان علينا ان نذهب للاسكندرية، د. فايز بدر، وأنا، وطبعاً كان ساعتها لا هو دكتور ولا أنا دكتور، كنا مجرد طلبة صغاراً، ذهبنا لدار البعثات في الاسكندرية ففاجأنا في مدخل الدار، وقد وصلنا مبكرين كحال الغشم دائماً، يعني كنا نتصور في الساعة التاسعة صباحاً يكون المدير موجوداً، ولا يوجد مدير يأتي الساعة التاسعة صباحاً أبداً، فدخلنا المكتب ووجدنا شخصية أمامنا فبدا لنا كما لو أنه هو المدير، مدير البعثات، فكان بادي السمنة، قليل من الصلع، نظارة سميكة الى جواره فنجان قهوة، يتصفح جريدة الأهرام والى جواره تلفون ويدخن، اعتقدنا أنه هو المدير فتقدمنا مترددين وجلين ماذا نفعل وماذا نقول..
بعد ثوانٍ أو دقائق تنبه إلينا وقال ماذا بالاخوان، والله يعني طلبة جدد قال: تفضلوا، وجلسنا على الطرف حتى لا نربك ولا نشوشر عليه، بعد نصف ساعة والمنظر لا يزال قائماً، الأستاذ يدخن ويتصفح الأهرام ويرتشف القهوة ونحن صامتون، حتى اذا توافد بعض الطلبة تباعاً اكتشفنا ان الذي معنا ليس هو المدير، فهو أحد الزملاء ولكن العجيب فوجئنا ان الزملاء في الاسكندرية كانوا كباراً حقيقة كانوا أساتذة وآباء، واكتشفنا فيما بعد ان بعضهم متزوج ولهم أبناء ويذهبون الى المدارس، وجدنا أننا أمام جيل من الأساتذة، وجيل من الآباء، وكان ذلك الذي استقبلنا ورأيناه أول مرة هو د. صديق الخولاني، أحد الطلبة في كلية الطب، كان الى جوار الأستاذ الدكتور صديق الخولاني عرفنا فيما بعد الأستاذ الدكتور عزيز المدرس، د. فرج الله وزنة، د. حسن قرملي، د. حمد الصقير، الأستاذ عبدالله القرعاوي، الأستاذ خليل مطر، وكلهم حقيقة كانوا كباراً، كنا الحقيقة نحترمهم لأسباب كثيرة ليس فقط لأنهم كانوا كباراً وإنما في الحقيقة كانوا أيضاً ظرفاء.
الصفحة الأخرى في هذه الذكريات، ان الطلبة في البعثة كانوا يصدرون صحيفة اسمها النور وهذه الصحيفة يحررها الأستاذ خليل مطر، والأستاذ القرعاوي يكتب فيها، والأستاذ حسن منصور، وكان الذي لفت نظرنا ان الأستاذ القرعاوي يكتب قصة «قصيرة»، وان الاستاذ حسن منصور يكتب أيضاً قصة قصيرة، وفوجئنا ايضاً بهذا الأمر، ان موضوع القصة يشغل الشباب في ذلك الوقت ونحن كنا على مشارف الستينيات، والحقيقة يشغلهم كتابة ويشغلهم قراءة، وفاجأنا الأستاذ القرعاوي أنه يكتب قصة هي «القصة الذرية».. وهي ليست قصة قصيرة، بل هي أقصر من القصيرة، ولذلك سماها بالقصة الذرية ويعتبر هذا كشفاً جديداً في عالم القصة، يعتبر الأستاذ عبدالله القرعاوي أحد رواده لأنه كان هو الكاتب الوحيد للقصة الذرية، لم اكتشف ولم أر كاتباً يكتب قصة ذرية أخرى غير الأستاذ القرعاوي، الأستاذ حسن منصور كان يكتب قصصاً أيضاً، ولكنه كان مشغول القلب بعواطفه وكان يكتب قصصاً ذات عناوين فرنسية، وأذكر ان إحدى قصصه كان عنوانها «راندفو»، ومن فرط جهلي لم أعلم ماذا تعني «راندفو»، بعد ثلاثة اشهر وجدت نفسي أيضاً عندي «راندفو»، وجدنا ان الصحيفة هذه لا تكفي وأن لا بد للجيل الجديد من صحيفة تعبر عنه وتحمل أفكاره، فأصدرنا صحيفة أخرى اسمها «الحقيقة» وكان يرأس تحريرها الدكتور فايز بدر، وهيئة تحريرها تتكون من فايز بدر ومن محمد سعيد خوجه وايضاً احد الآباء ومن عبدالله مناع.
ولكن الصحيفة الجديدة كأنها لم تكن لها تلك الاهتمامات الأدبية التي كانت لصحيفة النور، كانت لها اهتمامات لا استطيع ان اسميها اهتماماً بالقضايا، لكن استطيع أن أقول: كانت لها اهتمامات بقضايا الطلبة وايضاً بمشاكلهم، وهذه الصحيفة التي اسميناها «الحقيقة»، اخرجها المهندس الفنان فيما بعد والرائع الكبير محمد سعيد فارسي، وكنا أحياناً لا نجد خطاطاً يكتبها، وكان الدكتور محمد صيرفي وهو دكتور امراض جلدية وطبيب عظيم وفنان وكنت اسميه «روك هدسون» البعثة، لأنه كان على درجة كبيرة من الوسامة وكان ايضاً على درجة كبيرة من إجادة اللغة الإنجليزية، فقد كان من خريجي «فكتوريا» وكان ايضاً طالباً متقدماً علمنا نحن طلبة الطب الكثير، وشرح لنا الكثير وأفادنا كثيراً لأنه كان يسبقنا.
كان الأستاذ د. محمد الصيرفي يكتب لنا هذه الصحيفة إذا تعذر علينا أن ندفع أجرة الخطاط، وكان خطه جميلاً وأظن أنه الوحيد الذي خطه جميل.
فالمعروف أن الأطباء جميعاً خطوطهم ليست جميلة..
هذه الصحيفة سرعان ما دخلت في مواجهة مع الصحيفة الأخرى لأنه كانت هناك انتخابات للنادي، ويظهر أيضاً ان المرحلة افرزت فريقين: جيل الطلبة القدامى وجيل الطلبة الجدد، وكانت الصحيفة الجديدة تعبر عن هذا الجيل والصحيفة الأخرى كانت تعبر عن الجيل القديم، وأظن هذه الانتخابات للنادي كانت ربما بعد عام أو قرابة العام، وكنا دخلنا في العدد الرابع او الخامس او ما حوله وتحولت هذه الصحيفة في العدد الأخير، وقد اصبح الأخير، وهي تحمل الدعوة لمرشحين جدد وتطرح برامجهم وتهاجم الطرف الآخر، وأثارت الحقيقة ضجة كبرى بعد الانتخابات وكانت لاذعة وساخنة جداً مما عجل بايقاف صدورها، وأصدر مدير البعثات قراراً بإيقاف الصحافة وصدور الصحف بدار البعثات.
الطريف في الأمر بعد ان مرت السنون وكنت اتحدث هاتفياً ذات مرة مع الأستاذ عبدالله القرعاوي، فقال لي: اتدري ماذا تعني كلمة «الحقيقة» التي كنتم تسمون بها صحيفتكم؟ قلت والله الحقيقة هي الحقيقة. قال لا لها معنى آخر، قلت له ماذا؟ قال تعني برافدا..
قلت له الصحيفة الشيوعية؟ قال: بالضبط. لم تكن الصحيفة التي نصدرها إنما كانت ترجمتها «برافدا»، لكن الأستاذ القرعاوي كان يعلم ما يكتبه منذ زمن وكما قلت رجل ذكي بوعي، وهو ذكي ذكاءً هادئاً واعياً..
وقد اختار كما قلت أيضاً الكتابة الهادئة كاتباً ناثراً وشاعراً ما اختار ان يركب جواداً، اختار ان يمشي على الرصيف بهدوء وبوقار وباتزان متحاشياً الرياح والمطر وسقوط الأحجار.
كان دقيقاً في مشيه دقيق في الاختيار لمواقع قدميه، ولذلك هو الآن يتمتع بصحة نفسية وصحة بدنية وبسعادة نغبطه عليها ونتمنى له المزيد منها، ارجو ألا أكون قد أطلت عليكم، في هذه الدردشات..
الأستاذ القرعاوي يعتبر من الجيل الذي جاء بعد جيل القرشي والزمخشري والرفاعي، هو جيل وسط، لكنه جيل أدرك الجيل السابق، جيل الرواد، رأى العواد وحمزة شحاته وعبدالجابر وعبدالوهاب آشي وحمد الجاسر وعبدالله بن خميس، وأنا اعتقد أن الروية هذه اكسبته قيمة، فهو فيما يكتب صاحب لغة سليمة، ودقيقة، وجميلة، ويبدو أيضاً أن متانة اللغة وسلامة اللغة جزء من تركيبة الثانوية..
وربما قال صديقنا الدكتور عبدالله مناع أنه لم يذكر هذه لأنه لم يكن بدأ القراءة في ذاك الوقت..
فله مني الشكر الجزيل وقد استفدت طوال حياتي الأدبية بكثير من شعره وتغريداته سواء قبل أن تجمع حينما كانت تنشر في صحفنا المحلية وفي الصحف العربية، وكان صوتاً بارزاً في كثير من المجلات الأدبية المشهورة مثل الرسالة، والثقافة، و«الأديب» و«الكتاب»، و«الأداب» فكان وجهاً سعودياً مشرقاً في تلك البقاع فله، مني جزيل الشكر على ما تفضل به، ثم نأتي إلى الصديق العزيز الأستاذ حمد القاضي «رئيس كتبة» المجلة العربية على رأي الشيخ أبو عبدالرحمن الظاهري وهذه ترجمتها «رئيس التحرير» فالأستاذ حمد القاضي شخصية محبوبة، وحبوبة وودودة، وكل ما في نفسه ينعكس على الآخرين فعلاً فقد تفضل بكلمات أشكره عليها، وأرجو أن أكون عند حسن ظنه، وقد كانت صلتي به فعلاً من الصداقات القديمة، فقد قابلته في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فور تخرجه من الجامعة، وسارت بنا الحياة الأدبية سوياً ورأيته كاتباً ناشئاً في جريدة «الجزيرة» وكنت آنذاك مديراً عاماً لمؤسسة اليمامة الصحفية واستدرجته قليلاً قليلاً حتى جاء إلى الرياض يكتب عموداً جميلاً في جريدة الرياض، ثم عاد إلى عشه الأول في جريدة «الجزيرة» بعد أن أصبحت جريدة يومية..
أما الدكتور المناع فحقيقة قد سهل لي مهمة التحدث إليكم لأنني أريد أن أقلد أسلوبه المرح البسيط، ولكن لي ملاحظات جميلة جمال أسلوبه أو انعكاساً لأسلوبه الجميل، فقد قال إنه قضى شهرين في القاهرة ثم جاء إلى الاسكندرية فوجد أمامه شخصاً أصلع فحمدت الله أنني لست أصلع ولكن بعضكم ظن أن هذا الشخص هو أنا، ولذا أؤكد ولو لم يؤكد أن الدكتور الخلاني هو الذي استقبله، لأنني لم أكن تخيناً، ولم أكن أصلع، ولم أكن أدخن، قضى شهرين في القاهرة، أنا قضيت في تجربة القاهرة هذه سنة ونصف، وحديثه في الواقع عن الاسكندرية وأنني قضيت فيها زمناً طويلاً هذا الحديث واقع، والعجيب الذي لا أعرفه وربما يستطيع أن يفسره صديقنا العزيز أنه لم يكن لي انتاج في الاسكندرية لا شعراً ولا نثراً غير القصة الذرية التي أشار إليها، ولكنه في نفس الوقت الذي نشرت فيه القصة الذرية في صحيفة «الحائط» عاد إلى جدة في احدى الصيفيات ورجع لنا بكتابة مجموعة قصص اسمها «همسات» وكانت في الواقع مجموعة جيدة وجميلة أرجو أن نحصل على نسخة منها الآن.. في الوقت الحاضر أقصد ليس الآن.
دائماً يحلو لي أن أسمى جيلنا في كل نواحي حياته جيل «القنطرة» أو «الكوبري»، فنحن لسنا من جيل الرواد ولسنا من الجيل الثاني الذي يمثله أستاذنا الكبير حسن عبدالله القرشي والمرحوم بابا طاهر والمرحوم الرفاعي وزملاؤهم، ولكننا كما الدكتور المناع أدركنا فعلاً هذين الجيلين وتأثرنا تأثراً كبيراً فأنا لا أنسى ليالي عشناها مع أستاذنا الكبير عبدالله عبدالجبار في منزله العامر في القاهرة، وكنا نأتي من الاسكندرية في أيام الصيف ونعيش ليالي أدبية رائعة لعله قد حدثكم عنها في أمسية من أمسيات، أو لعلكم تدعونه لحديثكم عنها، فقد كان فيها أديبنا الكبير الراحل حمزة شحاتة المعروف عنه شاعراً كبيراً، وكاتباً متدفقاً، ومحدثاً لبقاً، وكان الأستاذ عبدالله عبدالجبار ومجموعة من أصدقائه من بينهم المرحوم هاشم فيلالي وعبدالله الخطيب، ومن تلاميذهم الأستاذ عابد خزندار ومجموعة أخرى يجتمعون في قهوة صغيرة في الجيزة، هذا في الصباح، أما في المساء فيجتمعون في منزل الأستاذ عبدالله عبدالجبار، جيل القنطرة، في أحيان، ينال من الامتيازات الكثير فهو يستفيد من الرواد من الجيل التالي للرواد، ويعتبرون من الأجيال الحديثة، ولكنهم تأخروا قليلاً ويعتبرون قديماً عندما تخرج أجيال التلفزيون والفيديو والدش.
أما عن ديواني «نورة الخزامي» فأعتقد أن صديقنا العزيز عبدالله مناع لم يصور الحقيقة بصور حقيقية، فهو يجب أن يقول أنني أقطع صفحة وأقول: أنشر، وأقطع الثانية وأقول: لا أنشر، وأقطع الثالثة وأقول: أنشر، إلى أن تنتهي صفحات الديوان، لكن هذه على كل حال صورة فكهة ومرحة تعودنا عليها من د. عبدالله مناع، أما الديوان فأنا الحقيقة متردد جداً لأنني في بعض الأحيان أشعر الأديب في الماضي، يبدو أننا في زمن لم نعد كذلك نحن في زمن الأدباء فيه يخطئون كثيراً ولا يغنيهم التدقيق في اختيار ألفاظهم وأفعالهم، فيكتبون ولا يدققون، لكن الجيل الذي لحقه الأستاذ عبدالله القرعاوي كان جيلاً متيناً في لغته، لكنه كان جيلاً يتحاشى المصادمات ويتحاشى التفكير الساخن، وكان يتعاطى المثلجات «والسوبيا» وما شابه يعني.
ولذلك فوجئت أن الأستاذ القرعاوي لم ينشر شيئاً في كتاب، وأن ديوانه حتى الآن ما يزال مخطوطاً أنا متأكد أن الأستاذ القرعاوي مازال ينظر في الديوان أينشره أم يدعه، وما زال ينظر في تلك المقالات التي كتبها وبهدوء هل يصلح إعادة نشرها أم أنها قد تسبب بعض الازعاج، أنا أخشى إذا ترك له الديوان وتركت له مجموعة المقالات فإنه لن يظهر منها شيء على الإطلاق فإذا أردتم أن تنشروا شيئاً للأستاذ القرعاوي فاسحبوه من يديه وتولوا نشره.
عبدالله مناع
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
الملف

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved