الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 21st June,2004 العدد : 64

الأثنين 3 ,جمادى الاولى 1425

رسائل ربما تصل!
رسالة إلى من يهمه الأمر!
إبراهيم الشمراني

أحسب أن العمر رسالة أحيانا لا تصل في الوقت المناسب، وأحيانا تصل ولا يقرؤها أحد، وسعده الذي يحظى بعينين تقرآنه عمرا وحلما وحياة!
حديثي عن الرسائل، هذا مرد بدايته أني وجدتها متنفسنا الوحيد عندما نتوقف لننحني تعبا بعد أن مللنا مط شفاهنا إلى الجانبين، وأصبحت الألحاء معرضة لتصلب طويل في عصبها، وهي تمقت ابتساماتنا ومجاملاتنا تجاه الزمن وقبيله الآخر!
لا أعرف لم أحيانا أحس وأنا أكتب هذه الرسائل رغم اختلاف اسم المرسل إليه أني أبعث بها أولا لنفسي تراجعها وتقرؤها فتتأدب قليلا وتقبل عتبها على أمل زائد أو تدعوها أكثر للصبر والمضي نحو المجهول!
حقا لا أعرف من الذي سيقرؤها، لكني في المنتهى سأحظى بلفتة رضا من تلك الأمارة بالسوء وقد خجلت من مطاوعتها كثيرا في الغياب عن الكتابة هنا!
ولها تلك المتمردة أعذار سمينة لا يقلل من سمنتها جفاف لحظة ولا يغريها بالعطف حلم شاعر بجنة وأصدقاء ومجتمع أنقى يفرح بلغتك وهمك فتفرح به تاريخا ووطننا!
عذرها السمين الأول يبدأ بسؤالها الاستنكاري عن صور الكهول الذين حفظت عدد شيبات شواربهم عندما أعدها من خمسة عشر عاما في صورهم هنا وهناك وقد تركت المدينة وضوضاءها ورحلت إلى أقصى الجنوب وما تركوا هم صدور المجالس وأطرافها في مشهد الثقافة بين صحيفة ومؤتمر وناد!
وحسبت أني سأقضي بقية عمر الكتابة بجانب صندوق الأحذية فلا هم يخففون من احتضان المساند والمراكي بأذرعتهم ولا هم يسمحون لنا بغير صب القهوة وتقريب مالذ من تمر المديح و(كيك) الولاء لهم.. هكذا تقول الأمارة بالسوء!
وبالطبع يتنافس رؤساء الأقسام الثقافية في تمجيدهم ودبج المساحات والهالات قرابينا لقداساتهم ثم يبدأ مثلي في البحث عن مكان يليق بحماسه فلا يجد مكانا يختصر زمن الوصول للآخر ولا زمنا يليق بهمه وألمه وأمله!
وعذر تلك الأمارة بالسوء الثاني هو في متعة فوضوية الفرار من التزام ما تجاه الحضور أو وجوب إبداء رأي وتخيل عدم أهمية ما يطرحه لدى الآخر وضياع القيمة وإن بقيت قيم ثم تبتسم هذه النفس الماكرة وتحدثني أن الأرض لن تتوقف عن الدوران إن لم يكتب أمثالي وأن الشعب سيظل معلقا بأربع خبزات يشتريها ريال واحد بدلا من كلام كثير أكتبه أنا وغيري لنملأ أوراقا كثيرة لن يشتريها بريالين إلا أمثالنا!
ثم تنظر إلي بخبث وهي تقول أنتم في أبراجكم العاجية لن تصلوا إلى رفقاء الرغيف في أكواخهم وأتألم لأني فعلا سأظل بعيدا عنهم فأقصى ما أستطيع أن أفعله هو أن أكتب قصيدة خارقة في الأحمر أهجو بها الزمان الذي لم يجمعني بأنثى مستحيلة لم يجد بها زمن بخيل!
عذرها الثالث وهو أقبح من ذنب تباعدي وهجري لما يسمونه صحافة ثقافية أني أريد أن أحضر في منتصف النهار الذي يليق بي وأنا المنقطع عن الشعر والشعراء وسأحتاج كما هو معمول به في قوانين الوصول هنا إلى راحات كثيرة تصفق لي قبل أن أبدأ في النشيد وأين لي في هذه السنة المقبلة على حكمة الشباب براحات وعيون لا تعرف شبابا هجر المدينة وأضواءها قبل خمسة عشر عاما وما يربطه ببيريقها إلا شعاع من حظ بسيط قلق في صداقات وفية ظلت تمد يدها وأعكف أضم يدي إلى صدري لاأعرف كيف أعبر عن حبي لهم ولا عن بخلي تجاه ما يتأملون!
هل أتحدث عن عذرها في أنه يجب أن أصبر أكثر وهي تراود حماسي وتخدعه بفكرة أن لا استعجل الشعر فقد أصبح رساما أو مصورا أو رئيس تحرير جريدة قبل أن أتورط وأصبح كاتبا في طرف صفحة من جريدة لا يقرؤها إلا معاشر المثقفين وتسميهم نفسي الأمارة بالسوء أصحاب الأبراج العاجية!
لا أعرف تماما ماذا أريد أن أكون ولا متى سأكون ولا كيف سينتهي بي مد الحرف هذا لكني والله سايرتها وحايلتها كي تسمح لي فقط بسرد أعذارها ربما وجد لي صديق عذراً أو فهم وثن من أوثان الثقافة أزمة المشتغلين بالأدب والشعر الشباب، ثم تركوا لنا فرصة أن نمد أيدينا بمسابحنا ونبدأ في الحديث ندور حبات المسبحة ونقص عليهم قصتنا مع الصراع من أجل البقاء متمنين أن يكون لمضيف هنا أو هناك أذن تسمع كي يبدأ بالعطف على الأيتام مثلنا فربما يحتاجهم يوما إذا قدر الله واقتنع الحكيم فيهم أن لكل زمن ثقافة ورجال!
أحس أني تجرأت قليلا كي أقص عليكم قصة نفس وهي بالطبع غير قصة الدكاترة زكي لكنها قريبة من غربته وتفكيره عندما حكي عن ثلاثة صاحبكم يشبههم تماما!
هي رسالة إن نشرها مضيفنا كما هي وبحث لي عن طرف في صفحة وسمى لي المكان (رسائل ربما تصل) أقول ربما أقنعت تلك الأمارة بالسوء وأحيانا بالشعر أن أكتب أخرى ولن أعجز أن أجد عذرا آخر فمثلي قد تعلم كيف يكون ماهرا في صنع الأعذار!


ss999@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved