الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 21st June,2004 العدد : 64

الأثنين 3 ,جمادى الاولى 1425

عبدالله الجفري:
فهد العريفي.. يمثل تقييم القيمة!
تاريخه الحافل يتدفق عشقاً للوطن
طبعه الوفاء..
وقيمه الصفاء.. والنقاء..
فقد عرفنا أستاذنا الكبير عبدالله الجفري رمزاً يشرق به الحب.. وعطاءً يدنو من القلب..ورغم معاناته مع الألم الذي اضطره للاستشفاء في المستشفى الجامعي بجدة داعين له بالعودة السريعة لعارفي أفضاله والمتفيئين بظلاله فقد حاورناه حول الراحل الكبير فهد العريفي..
وقد كتب عنه في حياته.. فماذا سيقول إثر مماته..
لنقرأْ له.. ومعه.. ومن أجلهما..
* تسألني أن أحكي لك من أصداء الزمان الحاكي، عن صديقنا القيمة: الكاتب الأديب الشيخ فهد العلي العريفي!
وما يقال عن (شخصيته) حافل بالضوء، ومعطر بالمحبة!!
ولعلي أتوقف أمام ذكرى قريبة قبل حوالي عامين، وعلى هامش فعاليات (معرض الكتاب) بالقاهرة، وفي دفء (الحميمية) بصديق غال على نفسي، اشتقت إلى لقائه منذ زمن.. ضمنا لقاء جميل مع الأديب، الشيخ الأصيل فهد العريفي، وكانت (الأحضان) تعبيراً عن الأشواق.. لكن الدنيا (الحديثة): صارت تباعد أكثر مما تقرب!!
استعدت أصداء ذلك اللقاء ونظراتي تغرق في النيل، وقد حمل إلى آخر ايام زيارتي القصيرة نعي هذا الصديق الغالي.. فحسبت أن دمعة سقطت من عيني لتمتزج بماء النهر الخالد، وأصداء السنين.. وقلت لرفقتي الجميلة: إن (أبا عبدالعزيز) فهد العريفي: له نبتة راسخة وسامقة هناك فوق قمم جبال (حائل) منذ اعتصم (حاتم الطائي) بجبل (أجا 46 ق.هـ) متحصناً ضد الغسانسة في الشام، وبقيت قمم جبال حائل مضيئة بتلك الأمجاد والصفات مع أهلها.. كأن نيران كرم قبيلة (طيء) لم تخمد حتى الآن ولا يمكن لها أن تخمد.. ذلك أن هذه الميزة تواصلت سمة وخصالاً لأهل حائل حتى اليوم!
وتذكر كتب المؤرخين هذه المعلومة الأساسية: (ترتفع أعلى قمة في سلسلة جبال أجا على 1350 متراً عن سطح البحر، وكانوا يطلقون على الجبل اسم: مناع، لأنه يمنع المغيرين والمناوئين عن كل من يأوي إليه).
* وللصديق العتيق المعتق بهذا الكرم الحاتمي فهد العريفي: كتاب عن مدينته الحاتمية حائل. قصَّ فيه تاريخ هذه المنطقة كلها وكرم حاتمها، حتى جاء على بيت شعر قاله (امرؤ القيس) بعد أن قتل (بنو أسد) أباه، والتجأ إلى (بني جديلة) من طيء:
ابت (أجا) أن تسلم الدهر جارها
فمن شاء فلينهض لها من مقاتل!!
* وقلت لصديقي الكبير بأخلاقه فهد العريفي: أيا شوق.. أيا شوق، ولكني أراك متزملا في برد القاهرة بالتأمل.. كأنك تحمل قلبك وتشده!
(وبصفاء روحه وضحكته.. همس (أبو عبدالعزيز فهد العريفي) في أذني قائلاً: ( أحاول الهروب من ثرثرة هذا العصر.. فالتأمل يا صديقي: انطلاق إلى آفاق رحبة.
(وحين هممت بسؤال آخر أشاكس هدوءه ورزانته.. صدح نغم من حولنا في رحاب شجوننا التي فاضت وكأنها امتداد خفق، وكأننا نملك هذا الإصرار الذي يؤكد: أن الحياة تبدأ بالحب وتنتهي بالحب.. فالدموع حب، ورحاب الشجون غنت: (ع اليادي اليادي.. يا قلوب مداريه)!!
(ولكن ... كيف (تتدارى) القلوب، وعن أي شيء؟!
تذكرت: (الصب تفضحه عيونه)!
(و..... مازلنا في أبعاد رحاب الشجون بكل دفء صوت نجاة النجوى: (أنا بستناك.. أنا)!!
* قلت في هذه الملاءمة بين الابتسامة وتأمل الخفق: إن النفس لا ترفض الملاءمة بين الحزن والفرح، ولا بين القدرة والضعف، ولا بين الغرور والارتطام.. لكن النفس تتطلع إلى تسخير كل هذه الأضواء بلا حدود.. فقط: تتحصن ضد (الكدر) الطاغي على زماننا هذا، تماما كما تحصن (حاتم الطائي) بجبل أجا ضد الغساسنة!!
***
* سؤال آخر: ولكنك لم تكتب عن الذي كنت تناديه: (حبيبي) فهد العريفي بحجم هذا الحب الذي كنا نعرف تقدير الفقيد الغالي له، ولكنك كتبت بحجم عمودك (ظلال) في المساحة التي حددتها لك صحيفتك، ثم... أخلدت إلى الصمت!؟
( قلت: فهد العريفي... لن يكون مقامه: (عموداً) في صحيفة، ولا مقالا مطولاً،و لا حتى صفحة كاملة يقول فيها الناس عبارات الرثاء والمجاملة، وتذكر مميزاته (بعد رحيله كالعادة)!!
(لكني احسب أن (أبا عبدالعزيز): يستحق دفتي كتاب جامع شامل لحياته، ولمواقفه الإنسانية ولصدق انتمائه الوطني المشرق الذي كان يتعب الكثير ممن أرادوا مضاهاته فيه.
(إن رحيل هذا الشيخ المهاب فهد العريفي: يدخل في ما أسميه: (تقييم القيمة)، فنعرف قيمة الشخص.. لكن تقييمنا لهذه القيمة: ينبغي أن ينجو في أعماقنا من خيبة تخلف المشاعر الإنسانية.. ولابد أن يشرق بذلك (التقدير) الذي توفره المجتمعات القادرة على تكريم رموزها الوطنية، وقادة الرأي من ملاك (الحصافة) الذين لا يخجل الوطن من سرد تاريخهم!!
***
* إن تاريخ (فهد العريفي) يسيل عشقا للوطن، وينتصر لحقوق الإنسان، وكان رحمه الله بكل حزنه وفي تأملاته: يرعى (حلم) الوحدة الوطنية بسقيا من روحه وفكره، وتطلعه إلى الشمس الجديدة التي تشرق كل يوم على الوطن.
(إن شخصية الراحل الحبيب، وتاريخه: يغتسلان دائماً ب(طهر) نفسه، ووضوء روحه، وحرية فكره ورأيه، وكان سعيداً بذلك الاغتسال.. وكل (فكرة) كانت تؤم عقل وخواطر فهد العريفي: تشكل (الإنسان) في أعماقه من جديد، وتمنحه ذلك التلألؤ الذي قد يجرح صمته الكثير ولكنه يمنحه المزيد من التطهر.. رحمه الله.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved