الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 21st August,2006 العدد : 167

الأثنين 27 ,رجب 1427

لسنا «تولستوي» ولستم «تشومسكي»!
* الثقافية -علي سعد القحطاني:
استطاع الدكتور محمد بن صالح الشنطي أن يثري الساحة بمؤلفاته النقدية القيمة، وأن يسد فراغاً في مكتبة الأدب السعودي فهو على امتداد أكثر من ثلاثين عاماً ظل يلتفت للإبداع المحلي في حين غفلة من أهله واستكبار (نقاده) وتلهفهم لقراءة أعمال (الكبار) و (الرواد) متجاهلين ومتناسين إبداعات (الشباب) و (الأجيال) ومن يماثلهم من ذوي (الخطوات الأولى)، يعتمد بعض الأكاديميين (الكسالى) في تدريس الأدب السعودي على كتبه ضمن (المقررات الجامعية)، فقد وظف الشنطي قلمه النقدي في قراءة المكنوز الإبداعي (شعراً) و (نثراً) والمتأمل في سيرته الذاتية يلاحظ مدى إخلاصه وتفانيه في مجال البحث والتأليف عن (الإبداع المحلي).. قدم الشنطي إلى المملكة عام 1388ه عندما تعاقدت معه وزارة المعارف للتدريس معلماً في ثانوية تبوك ولم يدر ما تخبئ له الأقدار لحظتها أن تلك الوزارة ستستغني عن خدماته بعد ثمانية وثلاثين عاماً، واتعجب حقاً من ساحتنا الثقافية ونحن نرى (أبا صالح) يحزم أمتعته ويجمع كتبه ويرحل بعد أن عاش بين ظهرانينا ثلاثة عقود وأنجز ما يقارب أكثر من عشرين ألف صفحة في قراءة الأعمال المحلية موزعة عبر كتبه ومقالاته وأوراق عمل شارك بها في أكثر من منتدى ومحفل ثقافي عدا مداخلاته وتعليقاته عن الأدب السعودي في وسائل الإعلام.. فعلاً أتعجب من ساحتنا الثقافية حينما ترى الشنطي وتتركه وشأنه ليرحل ونسيت أن هذا الرجل ليس كغيره بل قدم أكثر مما قدمه غيره وجد واجتهد فيما تكاسل زملاؤه ولم يعيروا اهتماماً ل(المنجز الإبداعي) وللأسف نجد ان بعض نقادنا لم يبلغ في نتاجه العلمي عشر معشار هذا الرجل في عطائه، بل إن بعضهم يسيء العبارات ويتبجح ويتعالى على أبنائه بحجة أن نصوصهم ضعيفة لا ترتقي إلى مصاف العالمية وأنهم لم يضاهوا في أعمالهم ما كتبه فيكتور هوجو ولا تولستوي ولا نجيب محفوظ وتناسى ذاك الأكاديمي القاسي أنه في المقابل ليس بذاك الذي يكافئ في قدراته النقدية تشومسكي ولا جاك دريدا ولا جابر عصفور، وكان الأولى على مؤسساتنا الثقافية وجامعاتنا المحلية أن لا تترك الشنطي يرحل وتعيد التعاقد معه، فالنص الإبداعي الآن بحاجة إليه أكثر مما مضى خصوصا مع مجيء الأجيال الشابة وظهور أصوات جديدة في عالم (القص) و (السرد) وكل يوم نفاجأ فيه برواية جديدة، فمن لنا بعد الشنطي من يقرأ أعمالنا الإبداعية، من لنا بعده في تشجيع (خطواتنا الأولى)؟.
إنني لا أقولها مبالغة، لقد خسرت الساحة الثقافية الكثير برحيل الشنطي خصوصا أن هذا الرجل يقرأ الصفحات الكثيرة من (منجزنا الثقافي)، فيما تقاعس غيره من النقاد الذين للأسف من خلال قراءاتهم السطحية للأعمال الإبداعية يبدون آراءهم في تعسف وجور بل إن أحدهم صرح برأيه النقدي وهو لم يقرأ من العمل الإبداعي سوى عشر صفحات فقط (يا للكسل).
مما يميز الشنطي في رؤاه النقدية اتسامه بالشمولية والاعتدال والدراسة الموضوعية والحيادية ويكفي أن نلمح سريعا في سيرته الذاتية وما قدمه من أعمال سدت فراغاً واسعاً في مكتبة الأدب السعودي استهل أعماله تلك بكتابه عن (فن القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية) الذي طبعه نادي جازان الأدبي ضمن إصداراته الثقافية لعام 1988م، كما كتب عن (فن الرواية في المملكة العربية السعودية) و(التجربة الشعرية في المملكة العربية السعودية) وله كتب مماثلة في هذا الشأن سواء في النقد أم المسرح، كرمته في الأسبوع المنصرم وزارة الثقافة والإعلام، كما كرمته من قبل الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون.
وبرحيل الدكتور محمد بن صالح الشنطي فإن ساحتنا الثقافية تتعطش إلى أمثاله من الرجال الأكفاء المخلصين، وعزاؤنا الوحيد في غيابه المكاني عنا كتبه الكثيرة التي لا يستغني عنها بأي حال من الأحوال دارس الأدب السعودي.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved