الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 21st August,2006 العدد : 167

الأثنين 27 ,رجب 1427

وجوه وزوايا ..أحمد الدويحي
الجنوبيون! 3-3

حينما خطر في ذهني مثل هذا السؤال..
كنت قد طرحت الفكرة على المبدع الكبير علي الدميني أثناء زيارة له وأصدقائه، وكنت حينها أنا وبعض الأصدقاء قبل صلاة العصر وفي شهر رمضان، فنظر في وجهي بغرابة وهز رأسه وكأنه يقول: وهل هذا وقته؟ فالكتابة عن التشابه والسمات العديدة بين مبدعي الجنوب الذين جاءت أسماؤهم في بداية هذه السلسلة؟ أجزم أن الكثير لا يعجبهم مثل هذا الطرح المبتسر، وعلى قناعة أن النخبة تقرأ ما وراء السطور، فماذا يفيد من هذا الاستطراد في زاوية ضيقة وبدون قراءة عميقة لما أريد قوله؟، فاكتفيت باختزال ورقة عن أدب عبدالعزيز مشري، كانت معدة لمنتدى الباحة الذي ألغي والأسباب غير معروفة؟، وجزء من أوراق ملف أدبي عن عالمه الأدبي، تقوم مجلة أدب ونقد المصرية الالتزام به في ذكرى وفاته كل سنة، وسمعت من رئيسة تحريرها السيدة فريدة النقاش، ما يعطي دروساً في كيفية أن تعتني الأمم بالمثقفين المبدعين الذي نكاد ننساهم؟.
(قال الراوي) الذاكرة (المشرية) إذا جازت لنا التسمية، شكلت أسئلة لم يكف هذا المبدع يطاردني بها، فرؤوس نصوصه يستهلها هنا بجملة ذات دلالة، والحداثة الكتابية في تجربة عبدالعزيز مشري ذات خصوصية، فالكاتب عاش المرحلة بكل تحولاتها، وإرهاصاتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، لتتبدى موهبته الروائية بوضوح، ولتأكيد غزارة وكثافة وتلون عالمه، وطموحه وقدرته الفائقة على الصبر، والجلد والإيمان بأهمية رسائله الإنسانية الحياتية، والفنية، تلك الطاقة النبيلة الخارقة في جسد مزقته الأمراض والعلل، تفجرت كحالة إنسانية نادرة بين يدي أطبائه في رحلة علاجه في أمريكا، وهم بطبيعة الحال، رأوا أن يدرسوها في معامل أبحاثهم الطبية الخاصة..!
وعلى كل حال.. فالمفردة الاستثنائية الأخرى في لغة عبدالعزيز مشري، جملة متداولة من الكلام الشفوي، يكرس توظيفها إذا أراد أن يستدرك بها الكلام المبدع، حينما يحدث ذلك التناغم بين الحواس، والجسد المثخن بالأوجاع، فيتحول إلى ساحة مكانية، مشرعة بما لها من خصوصية، والكلام في وعيه إلى أبداع سردي، عفوي وبسيط على الورق، ليحقق المتعة الفنية في شرطها المطلوبن وليخلق بتلك الحساسية في النص، مساحة هائلة لا تخفي قابلية للتأويل.
وأول محاور أسئلة الذاكرة الإنسانية (المشرية)، ابتداع ثنائية فضاء نص ما بين القرية وغرف المستشفيات، وقد تملك أدواته التعبيرية المتعددة، وخلقت له الأداة التعبيرية الأولى، قدرة محاكاة اللون مساحة شاسعة، كانت النافذة الأولى إلى ذاكرة سمعية، قادته ثانية إلى (فتنة الكتابة) والكلام، وتشكيل عالمه وفضاءه، بما لهذا الفن الشامل من خصوصية، تستوعب جناس فنية أخرى، كالقصيدة، والفلكور، والأسطورة، والحكاية الشعبية، والتاريخ، والسياسة، والكلام الشفوي الذي أبدع فيه، بشكل متفرد على صعيد النتاج السردي المحلي، وقد أدركها مشري في جملة معطيات مبكرة، وأعطى ذاته بما تعني الكلمة، والقدرة على تطويع جسده العليل بأمراض متعددة، لتكتمل عنده تعددية الأصوات، والأدوات التعبيرية المتعددة، كالعزف بالريشة على أوتار العود، وكتابة القصيدة الشعرية الحديثة في حالة إنسانية، أبداعية ليس لها نظير في الحياة الثقافية العربية بما يشبه هذه الطاقة، فلا أعرف طاقة إبداعية متعددة المواهب، تشبهها غير جبرا إبراهيم جبرا روائياً وشاعراً وقاصاً ورساماً.


aldw17y1000@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved