الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 21st August,2006 العدد : 167

الأثنين 27 ,رجب 1427

(حكايات من الواقع)
لصاحب المعالي محمد بن سعد الشويعر

تعريف بالكتاب
أهداني صديقي العالم الجليل الدكتور محمد بن سعد الشويعر كتاباً جديداً له عنوانه (حكايات من الواقع: مجموعة قصص واقعية في أزمنة متفاوتة نافذة تاريخية على الماضي).
يقع الكتاب في (390) صفحة نشرته جمعية الثقافة والفنون في سلسلة (المكتبة السعودية) ورقمه فيها (24) الطبعة الأولى عام 1427 هـ 2006م وطبع في مطابع الحميضي في الرياض.
إن صديقنا صاحب المعالي الدكتور محمد بن سعد الشويعر هو عالم من العلماء المكثرين من التأليف. فهذا الكتاب - كما كتب على غلافه الخارجي الأخير هو (الإصدار 29) للمؤلف، ويراد بذلك أنه الكتاب التاسع والعشرون من مؤلفاته المطبوعة.
ولكن للدكتور الشويعر مقالات وبحوثاً عديدة في الجرائد والمجلات العلمية في داخل بلادنا وخارجها، من أهم المجلات الخارجية التي يكتب فيها مجلة الجامعة السلفية في بنارس في الهند. ورغم كون الكتاب هذا هو جديد فإن الدكتور الشويعر ذكر أصله فبين أنه مجموعة قصص كانت نشرت في بعض المجلات.
قال في المقدمة: هذه مجموعة قصص كانت تنشر في المجلة العربية، والجزيرة، والفيصل، وبعض الصحف، ومنذ زمن، تحت عنوان حكايات من الواقع، وهي نافذة تاريخية اجتماعية، تخللت فترة زمنية من بلادنا قبل قيام الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بتوحيد البلاد ولم شمل أبنائها في مملكة مترامية الأطراف وصاروا بنعمة الله إخواناً، تحت راية التوحيد.
وهي قصص وحكايات واقعية تنبئ عن الحالات الاجتماعية، كنافذة تاريخية، على حقبة من الحلقات المفقودة من تاريخ بلادنا، يدرك منها القارئ وضعاً سائداً، وكيف يتعامل أهله مع واقعهم، ومع هذا لم يتخلوا عن دينهم وشيمهم ومكارمهم.
ولم أفكر يوماً بأن تكون كتاباً، لولا أن كثيراً من المتابعين والمهتمين في داخل المملكة وخارجها شجعوني وألحوا في ذلك.. فأخرجتها بدون تعديل أو زيادة، كا نشرت لئلا يجد المتابع لها في مصادرها السابقة تبياناً، اللهم إلا تعديلات قليلة وتصويبات، ولا زلت مستمراً في الرصد والنشر.
وكان منهجي فيها، عدم ذكر الأسماء، ولا تفاصيل الحوادث، بعداً عن الإحراجات والظنون، لأن كثيرين بعد نشر الحلقات، يطلبون المزيد، لأنها تنطبق على أفراد في بيئتهم، في مواطن كثيرة من المملكة: حاضرة وبادية، ولأن القصد العبرة، وإدراك وضع المجتمعات، والعادات في بلادنا، بإطلالة مع نافذة التاريخ.
وما أجمل أن ينبري في كل منطقة من بلادنا، من يلم شعث التراث المروي في منطقته ثم إخراجه ليكون بعضه مكملاً لبعض، في حلقات منتظمة، يجده الأجيال من بعدنا مادة تخفف ماهو معهود ولدى بعض الناس، عن ذلك المفقود من تاريخ بلادنا.
ولأن ما لدى أوائل المتعلمين في بلادنا، رصيد حفظوه ممن قبلهم، إن لم يحفظ بالرصد والكتابة فسوف ينمحي من الذاكرة كما نسي ما قبله..
إن عنوان الكتاب والقول بأنه قصص صحيح؛ لأن القصة هي ما قصه عليك غيرك من أخبار الناس أو من وقائع الزمان، أو من مجريات الأمور.
ولا يتنافى ذلك مع ما صار المتأدبون يعرفون به القصة بما معناه أو ملخصه أنه لابد من أن تكون ذات حبكة قصصية، وأن تكون فيها عقدة يعالجها القصاص، ثم يوضح كيف تحل عقدة القصة في آخرها، فتلك قصص أدبية تعتمد على الخيال، والخيال يستطيع صاحبه أن يكيفه كما يشاء.
أما القصة الواقعية كما في كتاب الدكتور محمد الشويعر هذا فإن المؤلف لها القاص محكوم بأحداثها وذكر ما كانت عليه، وليس بما يتخيله من وقائعها التي يكيفها كما يريد طبقاً لما ذكره كتاب القصة الحديثة.
والمؤلف الدكتور الشويعر يذكر ويعيد الذكر بأن المقصود من هذه القصص هو العبرة، وبيان القدوة الحسنة، والمقارنة بين ما كانت عليه حال بلادنا في الماضي وما هي عليه الآن، وكذلك ذكر في أثنائها من النصائح والمواعظ ما يؤكد ذلك.
وكأنما استوحى ذلك من مفهوم الآية القرآنية الكريمة: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ} والآية الكريمة: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.
وعلى أية حال فإن هذه المجموعة من القصص الواقعية فريدة في بابها من حيث إنها تذكر حكايات، أو قصصاً لشخصيات عاشت في بلادنا في وقت سابق ولاقت من شظف العيش وقسوة الحياة فيها ما لاقته.
والأدهى من ذلك أنها لاقت من الخوف وانعدام الأمن ما يوازي ذلك في الشدة أو يزيد عليه.
وذلك قبل الحكم السعودي الشامل الذي يحكم الشرع الشريف، وينصف المظلوم من الظالم، بل يردع الظالم، ويمنعه بقوة الشرع من أن يبدأ ظلمه، وعلى الأخص قبل عهد صقر الجزيرة وموحدها مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيراً.
أولى قصص الكتاب هي بعنوان (وفاء) (ص: 7 - ص14).
بدأت أحداثها منذ قرنين تقريباً عندما تشاجر أخوان في قرية من قرى وسط نجد، فاعتدى الصغير منهما على أخيه ضرباً وتجريحاً وهرب عن القرية لأنه ظن أنه قضى على أخيه - ولم يذكر المؤلف ما جرى لأخيه بعد ذلك الاعتداء مكتفياً بذكر ما جرى لبطل القصة المعتدي.
وتوجه المعتدي جهة الشرق ثم عرج جهة الشمال إلى أن وصل بلداً عمل فيه في مزرعة لأحدهم فأخلص في عمله مما جعل صاحب المزرعة يثق به.
وكان لصاحب المزرعة عبد مملوك كان قد أساء إليه فانتقم منه المملوك بأن صعد بابنين له لا ابن له غيرهما إلى رأس نخلة وطلب من سيده أن يخصي نفسه وإلا قتل ولديه أمامه عن طريق دفعهما إلى الأرض من النخلة الطويلة ففعل السيد مكرهاً ثم ألقى المملوك بنفسه وبالابنين وماتوا جميعاً.
فلم يلبث صاحب المزرعة أن مات وقد أوصى قبل موته إلى ذلك الأجير المخلص عنده بأن يكون له ما له أي ما للسيد من تلك المزرعة هبة له وأشار على زوجته أن تتزوج به بعد موته، وقد تزوجت به المرأة بعد موت زوجها، واستمر على العمل في المزرعة التي صارت مزرعة له حتى رزق من المرأة بأبناء.
وبذلك انتهت القصة.
وأذكر أنني سمعت في طفولتي قصة شبيهة بها وهي أن أحد الأثرياء كانت ذريته بناتاً فاشترى عبداً صغيراً وخصاه فأذهب فحولته لأنه يريده خادماً لبناته ولا يمكن أن يبقى معهن وهو فحل، ثم رزق على كبر بابن واحد هو أغلى ما عليه في الدنيا، ولما بلغ الطفل سنتين. من عمره أخذه العبد الخصي يوماً وصعد إلى سطح الطابق الثالث من البيت الذي كان ثلاثة طوابق ومعه الطفل فدخل مع ميزاب السطح والميزاب طويل كما كان يوجد في بيوت الطين في بلادنا في القديم وجلس ومعه الطفل على طرف الميزاب ونادى سيده فرأى ما أفزعه وصار يناشد المملوك أن يدخل الطفل السطح حذراً من أن يسقط فيموت، فقال المملوك: لا أفعل ذلك حتى تفعل بنفسك ما فعلته بي من قبل، واضطر السيد الذي كان قد أصبح شيخاً كبيراً إلى أن يحضر الحلاق ويخصي نفسه ثم قفز المملوك ومعه الصبي من الميزاب إلى الأرض فسقطا جثتين هامدتين.
هذا وقد سار المؤلف الكريم في سياق قصص الموعظة والعبرة حتى آخر الكتاب الذي استوعب (35) قصة.
جزى الله صديقنا الدكتور الأديب محمد بن سعد الشويعر خيراً على عمله المفيد وجزى الله جمعية الثقافة والفنون خيراً على نشر هذا الكتاب، والله الموفق للصواب.


محمد بن ناصر العبودي -الرياض

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved