الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 21st August,2006 العدد : 167

الأثنين 27 ,رجب 1427

المعلم البطحي
عندما خرجت منظومة الراحل (هذي عنيزة) ظن بعضهم أن أبا إبراهيم -رحمه الله- قد كلف أحد شعراء البلد بنظم أفكارها ولهم الحق في ذلك حيث أن أبا إبراهيم لم يكن يتعاطى الشعر إلا مع الخاصة من رفقائه رغم مقدرته الفائقة في الشعر أو النظم.
ومن المفارقات أن أبا إبراهيم كان يشجّع كل من يلمس فيه موهبة شعرية على العناية بها وإخراجها. لقد كان الشاعر فيه فصلا بسيطا في كتاب حياته - رحمه الله-، كان الشاعر فيه مدفونا بين فصول التربية والمعرفة في شتى مجالاتها بل والعطاء المادي والمعنوي.
أما الاعتناء بالشباب فله باب خاص في حياته -رحمه الله- من حيث بذل التوجيه لهم ليستفيدوا من مواهبهم الفطرية، وليشاركوا في بناء حضارة وطنية تساهم ولو في لبنة في بناء الحضارة الإنسانية وكانت صفة المربي فيه صفة فطرية لا صفة اكتساب ويندر أن تتحدث مع شخص كان من طلبة مدرسة الملك عبدالعزيز إلا ويذكر موقفا تربويا متفوقا فيه ولا عجب في ذلك فقد كان (المعلم) معجونا في جميع صفاته مع ما تحمله هذه الكلمة من دلالات وتداعيات عظيمة ترتفع بها عن جواذب وأوهام الواقع.
وكان عندما يلمس ضعفا في مستوى طلبة الصف السادس في إحدى المواد كان يأخذ بعض الحصص ويتولى تدريس هذه الحصص مما صار له أثر في نفوس طلبته تحصيليا وتربويا ولو جمعت المواقف التربوية للمرحوم في كتاب لكانت تجارب رائعة في الإدارة المدرسية تشعر المدير والأستاذ بالانتماء وتثري العطاء لهذه الرسالة العظيمة.
وتواصل هذا الحس التربوي لديه حتى عندما يصل الطالب إلى المراحل اللاحقة، وعلى سبيل المثال لا الحصر على هذا الاعتناء أنه في الثمانينيات الهجرية كان للأفكار اليسارية بريق خاص أغرت قلة قليلة من الشباب لأسباب معروفة.
وذهب أبو إبراهيم يشرح للشباب سلبيات هذه المذاهب مع ما تحمله من شعارات إنسانية حتى أن بعضا ممن تأثروا بهذه المذاهب كانوا يحاولون أن يبعدوا الشباب عن مناقشة أبي إبراهيم كي لا يكون لأفكاره أثر مثبط عند مريديهم فقد كان - رحمه الله- يرى خصوصية لهذا المجتمع لا تتفق والمجتمعات الأخرى، وعندما سألته مرة: لِمَ له تحفظ خاص من الأفكار القادمة من خارج الوطن؟ أجاب: لا أريد أن يكون الشاب المثقف خشبة سقف أركانه خارج الوطن.
وفي الختام ان هذا الرجل يشكل ظاهرة فريدة تحمل كثيرا من الدلالات الثرة يندر أن توجد في شخص آثر الخمول على الشهرة، ولعل حياة هذا الرجل تكون مادة خصبة لكتاب يؤلفه أحد المهتمين بشخصيات هذا الوطن ليكون دالة على ما يختزنه أبناؤه من إشارات الحق والخير والجمال.


يوسف حمد الدوسري -عنيزة

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved