الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 21st August,2006 العدد : 167

الأثنين 27 ,رجب 1427

وميض ..عبد الرحمن السليمان
الرسم في حياة الناس

الرسم في حياة الناس اهتمام قديم وعندما نعود إلى عقود قليلة من حياة المجتمع في المملكة وفي أنحاء البلاد شمالا وجنوبا أو شرقا وغربا نجد الاهتمام بالرسم وبالتشكيل الذي يعبر عن طريقة وذوق خاص أفرزته ظروف المكان والبيئة الخاصة.
ولست بصدد تاريخ لهذا الاهتمام في بلادنا بقدر ملامسة ذلك المنتج الذي تفتحت أعيننا عليه وشاهدناه في حوائط منازلنا أو مفروشات وأثاث مجالسنا أو غير ذلك مما لنا علاقة به، لننظر إلى المسكن الجنوبي ولنرى الصباغة اللونية التي ميزت ذلك المكان ومنحته ذائقته الفنية الخاصة المنعكسة حتى على لون اللباس، ولعل التشكيلات الزخرفية التي تزين الكثير من بيوتات العقود السابقة كانت دلالة على حس متطور يعنى بالمكان ليحمل سماته وذوق أهله ولتنتقل هذه الاهتمامات، وقد تُتوارث فنجد إحدى المشتغلات على هذا الجانب امرأة هي فاطمة أبو قحاص التي شاركت في معارض وجاء عملها واسمها في دليل معرض لرجال ألمع.
طرح أحد أعمالها مصور أجنبي زار المملكة ووجد في عملها وربما غيره ميزة خاصة تمثل ذلك المكان عموما، ليست فاطمة التي كان عمرها أثناء إقامة المعرض تقارب أو قد تتجاوز السبعين إنما هناك أيضا أسماء رجالية في القصيم والأحساء والمدن العتيقة التي حافظ أهلها لفترة قريبة على ذائقتهم المتوارثة فالأبواب الشعبية القديمة كانت تحمل هي الأخرى سمة خاصة تمثل المكان الذي ظهرت ونفذت فيه وكانت صور لأحد كبار السن على كرت يتم تداوله وهو أمام أحد الأبواب التي زينها بذوقه الفني الرفيع، هذا الاهتمام الفني اكتسبه آخرون أقل إمكانية فنية شاهدت بعضهم في المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية الذي أحيا الكثير من الحرف الشعبية التي اندثرت أو كانت على وشك الاندثار.
هذا المزخرف أو الملون الذي يستقي أشكاله من المضلعات الهندسية كالمربع والمثلث أوصل إلينا حسا فنيا عاما كان له رواده والمهتمين به خلال العقود السابقة.
في الأحساء وفي أحد المنازل القديمة في حي (الكوت) قدر لي أن أطلع على بعض الرسومات الموجودة على جدران بعض المجالس ذات الصفة التقليدية وكانت بعض مساحات المجلس مزينة برسوم لأشجار ولطيور ولفواكه من نتاج المدينة نفسها، بمعنى أن الرسام حينها كان ينقل شجرة الرمان أو الليمون أو التين أو غيره مما كان يزرع في الأحساء كما شاهدت رسما لساعة تتوسط واجهة أحد الحوائط، وهي رسوم تكمل بعض الصباغة التي زينت أرفف وخزانات حائطية وغيرها إذ هناك نماذج عديدة لا تخلو منها مثلا الطائف أو حائل أو المدينة المنورة أو غيرها من مدن المملكة وهي تعني أن الإنسان في الجزيرة العربية كان ولم يزل محبا للجمال الذي يضيف على مكانه، ولعلنا مع العامة نلمس مقدار الثناء على أقل القليل من رسم لشكل ما يتم التدخل فيه بناء على المعرفة التفصيلية حوله والرسام أو الصبّاغ أو أي من التسميات التي كانت تطلق عليه حينها يمثل حرفية مطلوبة قد يكون رسمه خاصا لمنازل الأغنياء أو المقتدرين، إلا أنه أيضا كان الناس أنفسهم يرسمون أحيانا ويشكلون بناء على الإمكانات المتاحة، أتذكر رسوما كنت أشاهدها على المساند والفرش المستخدمة في المجالس وكانت تنفذ بعناية شديدة وبذوق ودقة، من تلك الأشكال رسم الورود أو الزهور والطيور والأغصان وكانت تخاط باليد على أقمشة بيضاء وهي منتشرة في عدة مدن وتحمل في كل مكان عناصره الخاصة، تلك الأعمال ليست قاصرة على الرجال فقد ذكرت أن فاطمة أبو قحاص كانت تزين مساحات كبيرة من الجدران في مدينتها.
بالتالي فنحن أمام مجتمعات مستقرة لها فنونها وذائقتها وأناسها الذين لم يتوارثوا هذه الصنعة الرفيعة.
أتمنى من طلبة الفنون والتربية الفنية الذين يقدمون مشاريع وبحوث فنية أن يلامسوا شيئا من هذه الجوانب المغفول عنها.


solimanart@gmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved