الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st November,2005 العدد : 130

الأثنين 19 ,شوال 1426

شعراء النمط ومشروعية التساؤل
د. حمد بن عبد العزيز السويلم

غادر دنيانا في أواخر شهر رمضان المبارك الشاعر محمد المسيطير، بعد أن ترك مجموعة من القصائد التي كتبها فيما يقارب نصف قرن. وهذا القصائد لم تحظ بديوان يلم شعثها، ويتيح للقارئ أن يطلع عليها. وقد قُرِّر على طلاب دفعة التخرُّج في تخصص اللغة العربية في جامعة القصيم في العام الماضي بحثٌ عن الشاعر المسيطير، فوجدوا عنتاً ونصباً في الحصول على أعماله رغم أنّه حي يعيش بيننا.
والشاعر المسيطير ينتمي إلى مجموعة من الشعراء المحافظين الذين ظلوا حريصين على تقاليد القصيدة العربية المحافظة.
والقصيدة المحافظة كما نفهمها، هي القصيدة التي تمثّلت مبادئ عمود الشعر، وحافظت على تقاليد القصيدة العربية، خاصة الوزن والقافية.
إنّ الشاعر المسيطير ينتمي إلى مجموعة من الشعراء، منهم الشاعر إبراهيم الدامغ والشاعر عبد العزيز النقيدان والشاعر عبد الرحمن العبيد وغيرهم كثير. وهؤلاء جايلوا الشعراء المجددين الذين عملوا على تحرير القصيدة العربية من سلطة التقاليد الشعرية التي تحكّمت بها ردحاً طويلاً من الزمن، وسعوا إلى تغذيتها بأدوات جديدة لكي تكون أكثر قدرة على التعبير عن قضايا الواقع الراهن ومشكلاته والتباساته. والسؤال الذي يكشف عن حيرة المتابع هو ما الذي جعل هؤلاء الشعراء يصرِّون على الاحتفاظ بتقاليد القصيدة العربية المحافظة رغم أنّهم يتنفّسون التجديد بكلِّ أبعاده؟!!
هل لأنّ ثقافتهم وتشكيلهم الإبداعي تكون وفق النمط السائد؟ أم لاعتقادهم أنّ القارئ سيتفاعل مع النمط السائد أكثر من تجاوبه مع محاولات التجديد؟
أو أنّهم توهّموا أنّ استثمار معطيات التجديد إنّما هو خروج عن الإبداع ونكران لمنتج السلف، وليس إضافة له؟
أسئلة تتوارد إلى الذهن ونحن نقرأ نتاج هذا الجيل ونلمس إصراره على تمثل تقاليد القصيدة المحافظة مع عجز عن البلوغ إلى درجات الإبداع الباقي والخالد. حين عرض (هيدجر) لطبيعة الشعر رأى أنّ له رسالة كبرى حرص على أدائها منذ البداية، ومؤدّاها: أن يسخر الكلمة لإقامة ما هو باق وما هو ذو قيمة لوجود الإنسان. ولا شك أنّ هؤلاء الشعراء انفعلوا بقضايا الأمة وعالجوا أموراً ذات قيمة لوجود الإنسان.
بيْد أنّ السؤال المشروع: ما الذي سيبقى من هؤلاء بعد رحيلهم؟. إنّ معظمهم لم يبلغ بإمكاناته الإبداعية المحدودة مستويات رواد الإحياء كالبارودي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وبدوي الجبل والجواهري وغيرهم من الشعراء الكلاسيكيين الكبار. ولم يسهموا مع شعراء جيلهم في تجديد القصيدة العربية الحديثة، رغم أنّ منهم من لديه القدرة في خوض التجريب كالشاعر الدامغ الذي يتفوّق في تقديري على أقرانه. هؤلاء الشعراء إذن - والحالة هذه - ما موقعهم في تأريخ الشعر العربي، هل سيشكِّلون حلقة في سلسلة التأريخ الإبداعي العربي أو أنّهم سوف يسقطون من ذاكرة زمن الشعر؟
إنني أدعو المؤسسات الثقافية خاصة الأندية الأدبية للاهتمام بنتاج هذا الجيل الإبداعي. لعل ذلك يكون حافزاً للدارسين والباحثين لكي يهتموا بشعرهم ويعملوا على إبراز مواطن الإبداع ومظاهر الجمال. فمما لا شك فيه أنّ الدراسات العلمية الجادة تكفل للنتاج الإبداعي البقاء في ذاكرة التأريخ بعد رحيل المبدعين.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved