الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st November,2005 العدد : 130

الأثنين 19 ,شوال 1426

هلا تأخرت يوماً أيها الرجل..!
د. حسن بن فهد الهويمل

كعادة الدنيا تفاجئ ذويها بالأفراح والأتراح، حتى لقد أجمع الشعراء على التذمر منها وأخذ الحذر، ولكنها تظل المعشوقة الأولى وإن تكشفت عن عدو في ثياب صديق، لم أكن أتوقع بكائية الوفي الأستاذ (خالد المالك) التي أبَّن بها الشاعر الراحل محمد المسيطير في أيام العيد، أيام الفرح والمرح واللهو البريء، كانت مفاجأة محزنة، ما كنت أدري أنه مريض، وأنه سبقنا إلى دار البقاء.
والراحلون في الأوقات الاستثنائية، كمن يتسللون على رؤوس أقدامهم، لا يحس بهم أحد. أذكر تماماً رحيل عميد الأدب العربي (طه حسين) في حرب أكتوبر، ورحيل الشاعر المسيطير في يوم العيد فوَّت علينا فرصاً كثيرة، ما كنا نود فواتها، فالحديث عن شاعر فذ يوم رحيله من الفروض الغائبة، والمسيطير (1352هـ - 1426هـ) ترحل عنا، ولم نكن قادرين على ألا يفارقنا، فلسنا ولا هو بالمذمم، غير أننا أحوج ما نكون إلى مثله في زمن تداعت فيه الأمم علينا كما الأيدي على القصعة.
والمسيطير الذي انسل من مشهد الشعر طائعاً مختاراً في حياته يعد من أوائل شعراء نجد الذين ترجم لهم الشيخ عبدالله بن إدريس في كتابه (شعراء نجد المعاصرون)، ومن ثم عرفته في وقت مبكر، وكانت معرفتي له يوم أن كان شاعراً ملتهب القوافي، حاد المزاج، محتد المشاعر. وتعمقت صلتي بشعره يوم أن أعددت رسالة الماجستير (اتجاهات الشعر المعاصر في نجد)، ولم يكن شعره المختار ممثلاً لشاعريته التي تعثرت بالحوائل، وإذ تفجرت موهبته الشعرية في وقت مبكر فقد تلَقَفَتْه المسؤوليات والأعمال، وصرفته عن مملكة الشعر إلى مملكة الدثور، وما إن نسيه المشهد أو كاد حتى عاد إليه بقصائد عصماء طويلة النفس، وكان آخر إسهاماته في المهرجان الوطني للتراث والثقافة.
وهو بالفعل كما وصفه ابن إدريس (شاعر مقل)، ولعل الذي أدرك الشافعي أدركه، لقد قال الشافعي:
ولولا الشعر بالعلماء يزري
لكنت اليوم أشعر من لبيد
وشاعرنا ولي القضاء في مطلع شبابه، ثم تركه إلى التعليم والتجارة، ومنصب القضاء ربما نحَّى ملكة الشعر إلى حين، يقول ابن إدريس: (حكم - القضاء - على شاعريته بالسجن لمدة مجهولة الأمد عسى ألا تطول)، وأحسبها طالت حتى حرمت المشهد الأدبي من شاعر فذ، كان يمكن أن يكون له شأن أكبر مما كان له. لقد كان شاعراً بالموهبة، وكم من موهبة كبتت حتى لم تعد فاعلة، والموهبة إن لم يكتنفها الصقل والثقافة والتجارب خبت نارها، على أن شاعرنا يلم بالشعر كلما حركته المواقف، ولكن المواقف أقل من أن تفجر تلك الموهبة.
بقي أن نستدرك ما فات، وأن نجند أنفسنا للملمة نثاره الشعري وإخراجه إلى الناس، و(نادي القصيم الأدبي) يود أن ينبري من أبناء (الرس) مَنْ يتواصل مع أبنائه لجمع تراثه الشعري والنثري وجعله في متناول يد القراء، فهلا نهض مَنْ يكفي، ليسقط الواجب عن الباقين، رحم الله الشاعر وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved