الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 22nd March,2004 العدد : 51

الأثنين 1 ,صفر 1425

قصيدة مترجمة
القمر البعيد
رافائيل كامبو
ترجمة: فاطمة ناعوت
(1)
في المستشفى
مرة أخرى،
نوبة الرئة التي عاودته في يناير
كادت تقتله،
وقتها
اقسمََ أن يموتَ في البيت.
خبزَ لنا
كعادته
قطعَ الكعك
التي لا يأكلها الصغارُ أبداً
وقبل أن يمضي في الخامسةِ صباحاً
تركَ المطبخَ
الذي بدا صغيراً جداً
نظيفاً ومرتّباً.
راح يحكي:
«ريتشارد جير» لم يكن شاذاً
أما الكلامُ عن الأيدز
والنوم مع صديق
فمؤامرةٌ محكمةٌ
مكث شهوراً أربعة
ثم فقدَ بصرَه
على مرأى من الأطباء.
(2)
في أحد الأيام
بينما كنت أسحبُ من دمَه بالمحقَن
قال ضاحكاً:
أنت الآن صديقتي
اختي في الدم.
ثم صاحَ
«مصاصة دماء»!
هكذا صرخ.
«أنت تجعلني أحيا إلى الأبد»
كان هذا ردّي الوحيد
ثم قطَّبتُ جبيني.
أعلم أني أغرقُ في دمائه،
دمائِه القرمزية.
ملأت أنابيبي السبعة؛
كان الدفء أبطأ من أن يغادرها
فضغطتُ بكفي عليها.
كنت حزينة لأنه لا يرى وجهي
ولأنني
لم استطع أن احتويه.
أكره حقيقة كونه يمضي
وكونه يتقاطع مع بشرتي،
أخي في الدمِ
رفيقي.
(3)
قال إني جميلة جداً
ومع هذا
لو كانت «جودي فورستر» مثليةَ،
لكان الأطباء جميعاً شواذ.
بقايا الخطايا توخزُ
تحت عمودي الفقريّ
«حسناً، قد انتهيت.»
قلتها فيما أسحب المحْقَن من ظهره
وأضغطُ بإصبعي تلك البقعة.
«العينةُ صافيةٌ!».
لم أجب،
البقعة
كانت معقمة ومغطاة بالقطن.
كان يقترب من الموت بسرعة
وإخباره بالأمر
يبدو عقيماً.
ثم ماتَ
مجهولاً من الجميع
سواى.
مضى
تاركاً إبرتي مغروسة في قلبه الضاحك.
وتمَّ التشريح.
(4)
كنت أقرأ له في الليل.
«نيو يورك تايمز،، الأفوكيت»،
قراءة الأبراج،
وسطورٍ من ريتشارد هوارد
كانت تشحننا بالأمل.
المستشفى الهادئ شديد الاتساع
الأرض المصقولة ثلجية البياض،
الطرقات القاتمة،
التي تؤدي إلى كل الأمكنة تقريباً:
إلى الموتِ مثلاً
أو
إلى ماكينات الكوكاكولا التي تضيء
كالأشباح.
حلمت بأنفاسه تملأ رئتي
شعرتُ وكأنني ألمس القبر
وفي لحظة
تعطل ذهني
في المرآة
كان يلمعُ هناك
مثل كل يوم
القمرُ البعيد.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
منابر
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved