الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 22nd May,2006 العدد : 154

الأثنين 24 ,ربيع الثاني 1427

إعلاميون رواد رحلوا
راحلون قبل إنشاء وزارة الإعلام (1382هـ - 1962م) (2-2)
د. عبدالرحمن الشبيلي

2- روّاد فنون الطباعة المبكرة:
لا تحتفظ بحوث الإعلام السعودي ووثائقه بالكثير من المعلومات عن رواد الطباعة في الحجاز، ثم في نجد والمنطقة الشرقية، وذلك بالرغم من أن الطباعة في مكة المكرمة بدأت مع مطلع القرن الهجري المنصرم، ثم توالى ظهور المطابع تدريجياً في المدينة المنورة وجدة حتى بداية العهد السعودي.
وفي السبعينيات الهجرية (الخمسينيات الميلادية) بدأت المطابع في المنطقتين الشرقية والوسطى، ويشير بحث نشره مؤخراً الدكتور سهيل صابان المتخصص في الوثائق العثمانية إلى أن جعفر إسماعيل البرزخي مفتي الشافعية في المدينة المنورة كان تقدم عام 1291هـ (1874م) بطلب تأسيس مطبعة في المدينة المنورة، وقد يكون طلبه - الذي لم يستجب له في حينه- أحد دوافع جلب أول مطبعة أميرية في الحجاز بمكة المكرمة بعد تسعة أعوام.
ويذكر الدكتور محمد الشامخ في كتابه: نشأة الصحافة في الحجاز أن عبدالغني أفندي كان أول مدير لمطبعة الولاية التي جلبتها الحكومة التركية إلى مكة المكرمة عام 1300هـ (1883م)، ثم خلفه إبراهيم أدهم، ويورد الدكتور الشامخ قائمة بأسماء المصححين والمرتّبين والمدربين والمجلدين وخلافهم، ثم يشير إلى أن محمود عزيز شلهوب قد عين مديراً مؤقتاً للمطبعة عام 1330هـ، كما يذكر رشدي ملحس أن هاشم النقشبندي كان ممن تولوا إدارتها، وهناك الكثير من رواد هذا المبحث، إلا أن الجزم بإثبات انتمائهم إلى هذا الجزء من المحاضرة يحتاج إلى تأكد.
ثم تورد جريدة (أم القرى) في أعدادها المبكرة أسماء عدد من رواد الطباعة الذين أوفدوا إلى مصر وغيرها، لتعلم فنون الطباعة وحفر الأختام وأمثالها، لكن القليل عن سيرهم متوافر لدينا.
وفي العموم، أن مبحث الطباعة المبكرة، سواء في الحجاز أو نجد أو المنطقة الشرقية بحاجة ماسة إلى من يحققه ويوثق تراجم شخصياته، لكنني أظن أن محمد ماجد الكردي المتوفى عام 1349هـ (1931م) الذي أسس أول مطبعة أهلية في الحجاز (مطبعة الترقي الماجدية) عام 1327هـ (1909م) يعد من أبرز رواد الطباعة في تلك الفترة.
ويمكن أن تلحق بفنون الطباعة شخصيات اشتهرت بالتصوير والنسخ والخط، وكان منها: محمد طاهر الكردي الذي خطّ أول مصحف طبع في مكة المكرمة عام 1368هـ (1948م) وصدرت له كتب تعرّف بفنون الخط العربي وتشكيلاته وتاريخه، لكن الحديث عنه يخرج عن الإطار الزمني لهذه المحاضرة، لكونه توفي عام 1400هـ (1980م). وكان الشيخ عبدالغفار أول مصور فوتوغرافي عرف في مكة المكرمة في مطلع القرن الهجري الماضي، وهو جد الدكتور هاشم عبدالغفار، وكيل وزارة الصحة الأسبق.
3- رواد النشر والمكتبات
بذلت محاولات بحثية حثيثة من قبل متخصصين في النشر والمكتبات، من أمثال د. يحيى الجنيد ود. عباس طاشكندي لتوثيق حركة النشر والمكتبات في البلاد، إلا أن أسماء كثيرين من رواد هذه الحركة ما تزال غائبة إلى حد كبير، وقد أورد كتاب الحياة الثقافية في مكة المكرمة في القرن التاسع عشر الميلادي للدكتور الجنيد أسماء عدد كبير من تجار المكتبة من أمثال أحمد عثمان الهندي (المتوفى عام 1277هـ - 1860م) ومحمد علي الكناني المتوفى عام 1308هـ (1890م)، وعبدالله الباز وأبوبكر محمد عارف خوقير، وغيرهم من الناشرين والكتبيين.
4- رواد الصحافة العثمانية والهاشمية
في الحجاز
من المعلوم أن هناك تداخلاً، زمنياً - إدارياً، بين العهدين العثماني (التركي) والهاشمي (الأشراف) في الحجاز، وذلك باستثناء فترة تقارب الثمانية أعوام (1916 - 1924م) استقل فيها الأشراف بحكم مكة المكرمة وجدة والطائف وما جاور تلك المدن.
لقد مارس مهنة الصحافة خلال تلك الحقبة (1326 - 1343هـ) مجموعة من الرواد الذين انقطع نشاطهم قبل بدء العهد السعودي، ومنهم - حسب ما ذكره د. محمد الشامخ - على سبيل المثال: أبوالثريا سامي، وأحمد جمال أفندي وأحمد حقي ومحمود شلهوب ومحمد توفيق مكي وعبدالله قاسم وراغب مصطفى توكل، وأديب هراري وأحمد رأفت الإسكندراني وإبراهيم خطاب وأبوبكر الداغستاني وحسين الصبان وبدرالدين النعساني وعمر شاكر، إلا أننا لم نقف على معلومات وافية عن سيرهم.
وسيتناول المبحث السادس من هذه المحاضرة روّاد الصحافة السعودية المبكرة سواء بدأوا مع العهدين العثماني والهاشمي (من أمثال محمد الطيب الساسي) أو مع العهد السعودي فقط، أما من عمّر حتى ما بعد تأسيس وزارة الإعلام، فإن محل ذكره الجزء الثاني من هذه المحاضرة بإذن الله (ومن بينهم محمد صالح نصيف ومحب الدين الخطيب وحمزة غوث وعبدالسلام عمر وأحمد ملائكة وهاشم زواوي وحسين عرب) كما سبق ذكره.
5- رواد مراقبة المطبوعات
(قلم المطبوعات)
قام على تأسيس هذه المديرية - التي تعد أول نواة للمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر وتحولت عام 1382هـ (1962م) إلى وزارة الإعلام - مجموعة من أبرز رواد الإعلام، ومنهم يوسف ياسين المتوفى سنة 1381هـ (1961م) الذي كان أيضا أول من رأس تحرير جريدة (أم القرى) عند صدورها (وسيتحدث عنه المبحث التالي)، ونائبه عبدالعزيز العتيقي الذي عددته أول مسؤول من أصل سعودي تسنم منصباً إدارياً في مجال الإعلام، لكن تناول سيرته يخرج عن الإطار الزمني لهذه المحاضرة.
وفيما عدا هذين الاسمين لم يكن هناك أسماء لامعة أو مؤثرة، وكانت المديرية قد أنشئت في مطلع عام 1345هـ (1926م)، إلا أنه لا يفوتني عند ذكر هذه المديرية - التي كانت تصدر عنها البلاغات الرسمية عن الشؤون الداخلية والخارجية - اسم جميل داود المسلمي المعاون الأول لوكيل وزارة الخارجية الذي كان قلم المطبوعات يرتبط به، وكان قد توفي في حدود عام 1371هـ (1951م).
فلقد كان المسلمي من أوائل خريجي القانون من مصر، وكان ممن درس في بداية حياته في الهند ثم في الجامعة الأمريكية في القاهرة، وقد أصدر مع فؤاد شاكر في حدود عام 1349هـ (ديسمبر 1930م) كتاباً مشتركاً بعنوان كيف تكون صحفياً؟ وكان فؤاد شاكر في تلك السنة أصدر جريدة باسم الحرم (في القاهرة) لكن ذكره سيرد، بإذن الله في الجزء الثاني من هذه المحاضرة.
6- رواد الصحافة السعودية (الرسمية والأفراد)
صدرت خلال فترة الأربعين عاماً - من عام 1343هـ 1924م، وهو عام صدور أم القرى وحتى عام 1382هـ 1962م، وهو عام تأسيس وزارة الإعلام - (45) مطبوعة صحفية بين حكومية وأهلية، لكن معظم روادها عُمّر حتى بعد هذه الفترة.
يذكر من رواد هذا المبحث على سبيل المثال كل من: يوسف ياسين ومحمد سعيد عبدالمقصود (خوجه) ومحمد الطيب الساسي ومحمد حامد الفقي ورشدي صالح ملحس، وقد سبق ذكر الشيخ يوسف ياسين، الذي كان أول رئيس لتحرير جريدة أم القرى وأول مدير للمطبوعات ورئيس للشعبة السياسية واستمر مستشاراً للملك عبدالعزيز ثم الملك سعود، وأما بالنسبة لمحمد سعيد عبدالمقصود (المتوفى عام 1360هـ) فإنه - صحفي - تولى رئاسة تحرير الجريدة الرسمية أم القرى مدة خمس سنوات (1350 - 1355هـ)، وكان يكتب مقالاته في صحف عصره تحت لقب (ابن عبد المقصود (أو (الغربال)، والمعروف أن عبدالله بالخير شاركه تأليف الكتاب المعروف (وحي الصحراء (الصادر عام 1355هـ (1935م).
أما بالنسبة لمحمد الطيب الساسي (المتوفى عام 1378هـ - 1959م)، فإنه أحد رواد الأدب في المملكة، تولى تحرير جريدة (القبلة) الهاشمية، وفي العهد السعودي ترأس تحرير الجريدة الرسمية (أم القرى) فهو من جيل العهدين.
أما محمد حامد الفقي (المتوفى عام 1378هـ - 1958م)، فإنه عالم أزهري قدم إلى المملكة معلماً، وعمل مديراً لشعبة الطبع والنشر في مديرية المعارف، وأصدر مجلة (الإصلاح (عام 1347هـ - 1928م، التي تعد أول مجلة حكومية، واستمرت زهاء عامين، ظهر منها خلالها خمسة وثلاثون عدداً.
وأخيراً، فإن رشدي ملحس هو أديب وجغرافي ومحقق فلسطيني، نال الثقة مستشاراً عند الملك عبدالعزيز، ورأس تحرير جريدة (أم القرى (من عام 1347هـ وحتى عام 1349هـ، وقد نشر فيها أبحاثاً تتعلق بتاريخ الطباعة والنشر في الحجاز.
7- رواد الإعلام الخارجي
قد يفاجأ الكثيرون بأن نشاطاً مكثفاً للإعلام الخارجي قد تم في عهد الملك عبدالعزيز، وهو ما تناولته في محاضرة ألقيتها في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بتاريخ 12-10-1423هـ (16-12- 2002م).
لست بصدد شرح دوافع هذا النشاط، فلقد بسطته في المحاضرة المذكورة، لكنني أذكر من رواده شخصيات مثل المؤرخ الكويتي رائد الصحافة الكويتية عبدالعزيز الرشيد (المتوفى عام 1356هـ - 1938م)، وأمين الريحاني - لبناني - (المتوفى عام 1359هـ - 1940م)، والشيخ محمد رشيد رضا - مصري من أصل عراقي - (المتوفى عام 1354هـ - 1935م)، وأحمد محمد السوركتّي - سوداني - (المتوفى عام 1366هـ - 1944م)، وعبدالحميد الخطيب - سعودي - (المتوفى عام 1381هـ - 1961م)، ثم هناك غيرهم كثيرون، لكن يصعب الاستشهاد بأسمائهم لأنهم أدركوا إنشاء وزارة الإعلام عام 1382هـ (1962م)، ومنهم محمود شوقي الأيوبي (الشاعر الكويتي الكردي الأصل)، ويونس بحري، والشيخ إبراهيم المعمر.
لقد أسهم هؤلاء في جهود التعريف بهذه البلاد، ونهجها السياسي، ومقاصد المؤسس الراحل من كفاحه في لمّ شمل هذه (الجزيرة)، وذلك عبر صحف تولوا إصدارها، أو من خلال المحاضرات، أو بواسطة سلسلة من المقالات.
8- رواد الإذاعة السعودية
بدأت الإذاعة السعودية عام 1368هـ (1949م)، أي قبل أربعة عشر عاماً من تأسيس وزارة الإعلام، شهدت خلالها نخبةً من الرّواد الذين أسهموا في نشأتها وتطورها، ومن بين من حضر تلك السنوات وتوفي قبل نشأة وزارة الإعلام، ذكر لي الأستاذ عبدالكريم الخطيب اسم حمزة بصنوي، وكان شغل منصب نائب مدير عام الإذاعة.
مرة أخرى أن كثيراً ممن يتوقع السامع أن تذكر أسماؤهم فيما يخص التاريخ المبكر للإذاعة السعودية من أمثال عبدالله السليمان ومحمد سرور الصبان وهاشم زواوي وإبراهيم فودة وإبراهيم الشورى وعباس غزاوي وحسن حلمي وحسن قرشي وطاهر زمخشري وعبدالله المنيعي وبكر يونس ويحيى كتوعة ومحمد الشعلان، قد أدركوا فترة تأسيس الوزارة، وسينوّه عنهم بإذن الله في الجزء الثاني.
وبعد:
إنما هذه المحاضرة مجرد تمهيد لبحث أعمق وأشمل، يمكن أن يتصدى لآفاق أوسع وتنقيب أدق، وبخاصة في مجال فنون الطباعة، وعالم المكتبات والنشر، بل وفي كل مبحث مما تطرقت إليه.
وفي عالم الإعلام الواسع هناك أطياف لم تذكر لكنها لم تنس، ومن ذلك نشاط التوزيع، وإعلام أرامكو ومديرية الدعاية للحج، والمذيعون الراصدون للأخبار في الديوان الملكي، وهو ما أرجو أن ينال ما يستحق من الذكر عند متابعة تطوير هذه الصفحات.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved