الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 22nd September,2003 العدد : 29

الأثنين 25 ,رجب 1424

جمعية الثقافة في غرفة الإنعاش منذ ولادتها..
ونادٍ أدبي يلطش فكرة ندوة، وكتاب!!
علي محمد العمير

عاقتني بعض الظروف عن مواصلة حلقات مقالي عن «الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون» حيث كتبت ثلاث حلقات عن «الأندية الأدبية» فحسب، ولم أقل عنها رغم الأربع حلقات كل، أو أهم ما عندي.. بل ما زال في جعبتي الكثير.. الكثير.. حيث (نادي جازان) وحده يحتاج الحديث عنه إلى صفحات، وليس مجرد حلقات، ومن ثم لا بد لي من الكتابة عنه وحده لاحقاً إن شاء الله.
وغير نادي جازان.. هناك موضوعات كثيرة مهمة تتعلق بالأندية.. لم أقل عنها بعد، ما يشفي، أو يكفي!!
أما ما يسمى ب«جمعية الثقافة والفنون» فلم يأت دورها بعد، رغم أن كل ما يمكن أن يقال عنها هو من قبيل «الخطأ 100% لا يناقش» ولا أدري كيف سأكتب عنها، ولا عن رئيسها بخاصة؟!
***
فدعوني إذن أكمل أهم ما بقي من حديثي عن «الأندية الأدبية» وبخاصة في أهم مجال، وهو مجال المطبوعات، رغم كوني قد ألمحت إليه، ولكن كانت مجرد لمحة عابرة.
ومن ذلك على سبيل المثال ما سبق أن أشرت إليه من أن رئيس أحد الأندية قد جعل من ناديه «دار نشر تجارية» فاحشة الاستغلال، والغش الكبير في الأسعار غير المعقولة على الإطلاق، ولا بأي حال من الأحوال.. فضلا عن كونه جعل مطبوعات النادي عملية تجارية كبرى بإنفاق حكومي من ميزانية النادي المدفوعة من وزارة المالية!!
وبين يدي الآن أحد كتب هذا النادي، وهو من الحجم الصغير (12x 16) وعدد صفحاته (254 صفحة) من بينها صفحات بيضاء تماماً!!
***
وبما أنني صاحب خبرة بتكاليف طباعة الكتب بصفتي ناشراً منذ أكثر من عشرين عاما فقد خطر في بالي دون سوء نية أن أقوم بعملية حسابية على أساس ما أقوم به حالياً من طباعة عدد من الكتب من نفس المقاس، والمواصفات، وعلى أساس طباعة خمسة آلاف نسخة رغم علمي بكون الحد الأعلى لكميات مطبوعات الأندية لا تزيد عن ثلاثة آلاف نسخة.. بل إن أحد الأندية، وهو (نادي أبها) لا يطبع أكثر من ألف نسخة فقط!!.. فكانت النتيجة أن تكلفة النسخة الواحدة (87 ،1 ريال) أي أقل كثيراً من ريالين.
فهل تعلمون كم قيمة بيعه في الأسواق؟!
***
لقد اشتريت شخصياً نسخة من الكتاب المذكور آنفاً بمبلغ (15 ريالاً) وهو السعر الموجود على غلافه الخلفي مع اسم المكتبة التي اشتريته منها، والنسخة موجودة عندي، ومعنى ذلك أنني دفعت بزيادة أكثر من (13) ريالاً بالنسبة لتكلفة النسخة الواحدة أي بزيادة حوالي سبعة أضعاف ولا تذهبوا إلى الظن البعيد، وهو أنني لم أشتر نسخة منه بهذا السعر الفاحش لا لأهمية الكتاب، أو نفاسته، أو ندرته، أو حاجتي إليه، أو أي شيء من هذا القبيل!!
***
أبداً.. أبداً فهو أي الكتاب، لا يساوي من ناحية موضوعه قيمة الورق الذي طبع عليه.. بل عنوانه فحسب هو الذي خدعني، واضطرني لشرائه اضطراراً حيث عنوانه هو في الواقع هو عنوان كتاب ضخم فخم على غاية كبرى من الأهمية، أصدرته الجامعة الأمريكية في بيروت منذ حوالي (42) عاماً واشترك في تأليفه عشرة مؤلفين من أكبر مشاهير العلماء الأكاديميين، وبلغت صفحاته (482) صفحة من القطع الكبير بحروف (بنط) صغيرة، وليس من الحروف الضخمة التي طبع بها كتاب النادي إياه، والذي لو طبع بحروف كتاب الجامعة الأمريكية لما وصل إلى ثلث حجمه.
وقد عجبت من التطابق الشديد بين عنوان كتاب النادي، وكتاب الجامعة الأمريكية مع الفارق الضخم بينهما فلما تصفحته بعد أي كتاب النادي لم أعجب فحسب.. بل ذهلت للغاية عندما وجدت فكرة كتاب النادي مأخوذة بكاملها من فكرة كتاب الجامعة الأمريكية، ولكن شتان ما بينهما «بعد ما بين المشرق والمغرب»!!
***
لا أقول ذلك جزافاً كما ربما يتصور البعض .. بل أقول ذلك عن علم، وتمكن.. حيث سبق أن قرأت كتاب الجامعة الأمريكية فور صدوره، قراءة متأنية فاحصة، هدفها الحصول على أقصى فائدة ممكنة، وبخاصة أنني كنت حينئذ في بداية تثقيفي الذاتي!!
ثم قرأته ثانية، وراجعته عدة مرات عندما كتبت عنه بعد ذلك دراسة موسعة، نشرت على مدى صفحة كاملة تماما في جريدة البلاد التي كنت أعمل بها حينذاك، ثم نشرت بعد ذلك في أحد كتبي في النقد الأدبي.
***
ومن المصادفات العجيبة حقاً أن اطلع أحد مؤلفي كتاب الجامعة الأمريكية صدفة لا شك على دراستي المتواضعة، ومن ثم اطلع عليها بقية زملائه.. بل وصلت الدراسة إلى رئيس الجامعة نفسه!!.. وذلك لأنها أي دراستي قد حملت من بين ما حملت ملاحظة قوية.. بل عجيبة، وغريبة للغاية.. تتعلق بمنهج الكتاب نفسه، وهو كونه يتفق اتفاقاً كاملاً.. بل تطابقاً شديداً للغاية مع «منهج ابن النديم» في كتابه الشهير «الفهرست»؟!!
وذلك بالذات ما أثار كثيراً، فطاحلة الأساتيذ في الجامعة الأمريكية.. بل أثار رئيسها نفسه إذ كيف يحدث ذلك، وعمر الفرق بين منهج ابن النديم، وبين منهج الجامعة حوالي ألف عام؟!
وكان مدهشاً جداً بالنسبة لأولئك الأساتيذ الكبار جداً.. أن يكتشف ذلك مجرد شاب صغير جداً من شباب الجزيرة العربية التي كانت، وما زالت، توصف بالجهل، والتخلف، وبخاصة في الناحية الثقافية؟!!
***
وهكذا فوجئت حقاً بما لم تسعني الفرحة به، وهو عبارة عن استلامي لخطاب من صفحتين مطبوعتين يحمل توقيع رئيس الجامعة ذاته، يشيد فيها بي، وبدراستي مع إشارة لبقة إلى صغر سني حينذاك، إضافة إلى عدم حملي لأدنى مؤهل دراسي جامعي يمكنني من الخبرة الدقيقة بالمناهج الأكاديمية!!
ولم يشر قط إلى أي تبرير لملاحظة التطابق المنهجي بين ابن النديم قبل ألف عام حين لم تكن المناهج العلمية معروفة قط حينذاك وبين أساتذة مناهج على أعلى مستوى!!
ولكن بعد أن أشار إلى بعض أشياء من ناحية المنهجية، والدقة، والنزاهة في دراستي ختم خطابه، أو رسالته بتوجيه دعوة لي لزيارة الجامعة!!
كما تلقيت في الوقت نفسه رسالة مطولة أيضاً من أستاذنا الكبير (الدكتور عمر فروخ) مشابهة تقريباً في موضوعها لما جاء في رسالة رئيس الجامعة.. بل مشابهة أيضاً في ختامها بطلبه استضافتي في بيروت، والحلول ضيفاً عليه في منزله المتواضع كما وصفه!!
وقد سعدت بكل ذلك، وبما حصل بعده، سعادة بالغة.. لا أدري كيف سلمت معها من غرور فاحش كما هو المحتمل حتما في مثل هذه الحالة!!
***
معذرة لهذا الاستطراد المعتاد عندي، ولم أذكر ما ذكرته عن نفسي، أو عن حكايتي مع الجامعة الأمريكية، أو الدكتور (عمر فروخ) من قبيل المفاخرة، أو المباهاة حيث لو شئت ذلك لكنت كتبت عن هذه الحكاية منذ زمن بعيد، ولا ضير لو كنت فعلت!!
أما الحديث عن ذلك الآن بالذات فسببه ما أشرت إليه آنفاً عن الكتاب الصغير، الحقير الذي هو عبارة عن محتوى شريط كامل لندوة أقيمت في النادي إياه تحت عنوان بذاته، كانت الجامعة الأمريكية قد أقامت ندوة ضخمة تحت العنوان نفسه (عام 1961م) ثم أصدرت كتاباً ضخماً بذات العنوان، ولكن ليس نقلاً من مسجل كما فعل النادي «بتاعنا».. بل كلفت أي الجامعة الأمريكية عشرة من كبار فطاحلتها ليؤلفوا كتاباً ضخماً، شديد العمق، بالغ الروعة بعنوان الندوة نفسها، وليس عن وقائعها المسجلة!!
***
ولا شك أن أحد المسؤولين عن نادينا المحترم قد صادف الحصول على نسخة من كتاب الجامعة فأعجب بالعنوان، وبهرته فكرته، وعرف أن قد مضت مدة زمنية طويلة، كافية للنسيان الكامل، فلطش العنوان بجرأة فاضحة، وجعله عنوانا لندوة أيضاً، ولكن شديدة التواضع، هزيلة، عجفاء.. ثم جمع كل ما قيل في الندوة بما في ذلك التعليقات العابرة، وأسئلة الحضور، وحتى همساتهم، وجعله في كتيب صغير مطبوع بحروف كبيرة جداً في محاولة يائسة، بائسة لتضخيم حجم الكتيب.. ولو كان طبعه بحروف كتاب الجامعة الأمريكية لما جاء في ثلث حجمه الضئيل أصلاً كما أسلفت!!
***
أفلا ترون معي أن هذه الحكاية التي اختصرتها بشدة، لا بد أن تدلنا دلالة مؤذية على مدى عقم الأفكار عند رؤساء أنديتنا، وأتباعهم حتى ليرجعوا من أجل إيجاد فكرة ندوة مجرد فكرتها إلى لطش فكرة كبيرة فعلاً، ولكن قد عفا عليها الزمن الذي لا يرحم؟!
وكل ما ذكرته عن ذلك إنما هو مجرد مثال على ما هي عليه أنديتنا المبجلة من سقم، وعقم، وضآلة، وضحالة!!
أما لو شئت بعض الحصر، وليس كله طبعا.. لشاركت في وجود أزمة أوراق، وأقلام، فضلاً عن نهب مساحات واسعة، شاسعة من صفحات صحفنا، أو مجلاتنا أولى بها ما هو أجل، وأهم من حصر فضائح، ومفارقات، وجهالات إلخ.. إلخ.
***
أما ما تسمى «جمعية الثقافة والفنون» أو رئيسها العظيم فقد أسفت حقاً، وندمت كثيرا على ذكرها في العنوان الرئيسي.. ثم لما جاء دورها في موضوعي هذا، فوجئت مفاجأة كبيرة حيث لم أعرف حقاً من أين أبدأ، ولا كيف سأنتهي؟!
ذلك لأنها أي الجمعية قد ولدت، ونقلت فوراً لغرفة الإنعاش، وليس «الحضانة» وما تزال مكانها منذ حوالي (30) عاما لم تنجح كل المحاولات لأدنى إنعاش.. بل تزداد حالتها تدهوراً، يوما بعد يوم!!
ولو كانت ما يسمونها «رصاصة الرحمة» جائزة شرعاً لكانت حتما من نصيبها!!
ولكن إذا كان لا بد من الحديث عنها.. فإنني أعلن عجزي.. وعدم استطاعتي في كتابة ما لا يكتب، ولا ينشر، ولا يقرأ!!
***
ويكفي أن يعلم القارئ أنها أي الموجودة في غرفة الإنعاش قد أعلنت منذ مدة عن تكريمي، والحفاوة بي ضمن غيري ممن ضحكت على ذقونهم.. فلم أحضر بالطبع حفلها، وجاءني «درعها» فرفضته بكل اعتزاز، وكتبت رفضي القاطع لتكريمها.. كتبته بخطي لرئيسها الكريم، وأرسلت «الدرع» في «طرد» عن طريق «النقل الجماعي»!!
ولا شك أنهم قد استفادوا منه بكتابة اسم آخر عليه!!
***
وأما بعد: فإن المثل الشعبي يقول:
«الضرب في الميت حرام» وقد عملت بمعنى المثل تماما.. فلم أكتب مقالاً واحداً، ولا حتى كلمة واحدة بما يقوم به «الإنعاش» من دور كبير في محاولات حثيثة، مضنية لإطالة مدى حياتها، رغم عدم الجدوى، وهدر الوقت، والطاقات، والجهود، والإمكانات!!
***
ولكني بعد كتابة مقالتي المتواضعة هذه، فوجئت بمقالة صغيرة جداً عن ناحية واحدة فقط من صفات «الموجودة في غرفة الإنعاش» وهي أنها رغم وضعها الصعب، المثير للعطف، والشفقة ذات وعود كاذبة، وكثرة تصريحات وهمية للغاية.. لا تكاد تخلو منها جريدة واحدة مع صورة (سعادة الرئيس) طبعا بصفة مستمرة، شديدة الضرورة!!


ص.ب: 8952 جدة 21492
فاكس: 6208571
alomaeer@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved