الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 22nd November,2004 العدد : 84

الأثنين 9 ,شوال 1425

عسى أن يعود الشعر إلى رشده
الشاعر عبد الله الزيد علامة مميزة في جبين الأدب والإبداع في بلادنا.. بل لا أبالغ إن قلت إنه صاحب تجربة شعرية تميَّزت وعرفت في البلاد العربية.. توَّج الزيد مسيرته اللاهجة بصوت الفجيعة مما آلت إليه حالنا، بما فيها الشعر الذي لم يعد (قافلة) كما أشرت إنما أصبح طابوراً مترنحاً لكثرة المنشدين، ولكثرة من يعبوا هواء الشاعرية بافتتان كذوب.. أنت يا عبد الله واضمامة معك من عشب الشعر العاطر خارج هذا النسق (الطابوري) الذي تتصارع قبيلة الشعراء على حالة من يقف الأول فيه..؟!
الشاعر الزيد يرى في مداخلته قبل إجابة السؤال في (المجلة الثقافية) أن السرد وأهله (الساردين) في ضيرٍ مما يروا في الشعر تاريخاً وخطاباً يأسرنا إليه.
أقول أبا عبد الرحمن: الشعر كان، ولك أن تقول وسيظل، لكن الرواية غواية باذخة، وفن عريق ينهض من رماد الذاكرة مخلوقاً نارياً لا يرضى القولبة، أو يهيم بالطابور.. زد على ذلك أن الرواية فن أدبي لم يسبق أن تكسَّب به أحد ولم تمسح رواية نابهة أحذية ما، بغية نفح أو نوال.. أصدقك القول يا شاعرنا الرائع أن في الرواية من يتوقف إلى ترويضها لكي تصبح على هيئة قصيدة ما مجازاً تستجدي سبل الرغبة، وتفر واقعاً حينما تكشف زيفها، أليس هذا ما يجعلك تقتنع بأن جملة من رواية خير من ديوان شعر يغرق في الإنشاد، ويوغل في السطحية ويدلج في متاهات التردي، فبودي أن يعود مثل هذا الشعر إلى رشده إن كتب له عمر جديد.
نقبل يا شاعرنا بحكم ينصف، وبذائقة تعيد الرأي إلى أصله عن أمر الشعر الآن.. لقد آن لكم ليس بوصفي سارداً أن تؤكِّدوا للقارئ أنكم تقبلتم العزاء في شيخكم.. هذا الشعر الهرم.. ولنا أن نرثيه برواية، ونعدد خصاله، ومواقفه بنثر لاعج.. فلم يبق في الشعر ورود غير ما تقطفه لنا.
لمَ غضبت يا شاعرنا حينما قلنا إن للشعر قوافل محملة بالشعر، فوالله العظيم أننا لم نجرؤ أن نعرف ما بها.. بل إننا في شبه يقين أن الشعر يسير نحو الماضي.. فاقبل صراحتنا.. لأننا في الوقت الذي ننتظر فيه عودة الشعر، طوى سوق عكاظ خيامه وهدمت صومعة المفوّه البارع، فلم يبق في مضارب (بنو شعر) غير منشد ألكن يقدح زناد فكره فلا يجد غير مفازات الخسران ترسم فضاء الخواء.
ولنا أن نبتهج بتحولات الشاعرين الدكتور غازي القصيبي وعلي الدميني للرواية حينما سئما فيما يبدو الاصطفاف في طابور الشعر ردحاً من الزمان.. وهاك مفكراً وأديباً بارعاً تحوَّل إلى فن الرواية؛ أعني الدكتور تركي الحمد في ثلاثية ناجزت المسكوت عنه، وفي القائمة آخرون تغويهم جماليات السرد مثلما كان الشعر يفعل.
شيء أخير نذكره يا شاعرنا أن في العمل السردي والرواية على وجه الخصوص مزيَّة خُصَّتْ بها، وهي أن لكل مبدع روائي منطقته الإبداعية التي يشتغل في تكويناتها بصبر ودربة متقنة.
أعيذك سيِّدي الشاعر الكريم من شر قصائد هذا الزمان، وفتنة روايات تشط عن نسق العمل الإبداعي الرائد، ولنا فيما يُقال وما يُقرأ عبرة وعظة.. أبقاك الله للشعر وأبقاه لك، ولنا منك دعوة تقيل عثرة الساردين إن مروا بمأزق الشعر كما نرى.. دمت أبا عبد الرحمن ودام شعورك الرائع للشعرية والسردية على حد سواء.


عبد الحفيظ الشمري

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved