الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 22nd December,2003 العدد : 40

الأثنين 28 ,شوال 1424

أين كتابات الطفل العربي؟!
لمَ لمْ يستطع نجيب محفوظ الكتابة للطفل؟
* القاهرة مكتب الجزيرة انصاف زكي:
صعب المراس لا تستطيع بسهولة ان تخترق وجدانه أو تعمل على توجيهه. لا تدرك ما يرضيه ويشبع رغباته، لاتعرف ماذا له وأي الافكار والموضوعات التي تجذبه.. انه ليس وحشا خرافيا أو مخلوقا فضائيا.. انه ببساطة.. «الطفل» الذي لا يستطيع كاتب كبير في قامة نجيب محفوظ ان يروضه ويرضيه بكتاباته ولكن يستطيع الاديب الكبير فعل ذلك فقط في حالة واحدة وهي ان ينزل إلى مستوى تفكيره ويعاود طفولته معه أو كما قال برناردشو «لا استطيع الكتابة للطفل لأني فقدت طفولتي منذ زمن».
والكتابة للطفل مهمة شاقة وليست باليسيرة كما يظنها البعض وقليلون هم الذين تخصصوا للكتابة للاطفال منهم كاتبة الأطفال الأديبة والناقدة زينب العسال رئيس تحرير مجلة قطر الندى والتي التقتها الجزيرة في هذا الحوار.
** ما سر صعوبة الكتابة للطفل ولماذا ندرة الكتاب في هذا المجال؟
الكتابة للطفل تثير الحيرة والعديد من التساؤلات في آن واحد فالبعض يرى ان الكتابة للطفل بسيطة وسهلة وهنا تأتي كتابتهم ساذجة لا يستسيغها عقل طفل اليوم الذي يتعامل مع الكمبيوتر والنت، وفاقت معارفه العلمية ما كان يحصل عليه الآباء في مثل سنهم، فنحن نريد أن نقدم لهم ما يشبع ذائقتهم المعرفية ويثري ثروتهم اللغوية.. علينا أن نثري خياله ولا نكبله فالخيال هو اهم ما يميز الطفل.. صحيح أن طفل اليوم يعاني من كسل في ابتكار لعبه كما كنا نفعل في الماضي وفي مساحة اللعب واللهو البريء الذي كنا نتمتع به ونجد الطفل اليوم محاصرا بين أربعة جدران وأمامه التلفزيون والكمبيوتر فيفقد التفاعل الاجتماعي مع الآخرين ويكون عرضة للانكماش عاطفيا ونفسيا فالكل مشغول عنه وهو يلهو وحده بهذه الآلات. صحيح أنها مبهرة ولكنها تفقده الخيال الخصب الذي كنا نتمتع به.
ورغم رئاستي لتحرير مجلة مخصصة للاطفال «قطر الندى» إلا انني أصدرت من خلالها كتابا واحدا مأخوذا من التراث فقد جمعت بعض الأغنيات الشعبية التي كنا نرددها قديما والمخصصة للأطفال واصدرتها في كتاب اسميته «رله برله» وقد أخذت منه أغنيات غنتها عفاف راضي وكذلك كورال الأسكندرية، وقد أتى اهتمامي بالطفل منذ أن عملت مدرسة للغة العربية والاسلامية للمرحلة الاعدادية والثانوية وبدأت بالكتابة عن مشكلات الأطفال النفسية، وبدأت بالتحدث عن طفولتي والكتابة عنها كتجربة شخصية وامتد الاهتمام بالفنون الشعبية والتراث فاهتممت بجمع الحكايات التي كانت تحكيها الجدات وقد قدمتها في سلسلة «حكايات ماما زينب» وصدر من خلالها العديد من الحكايات الشعبية.
** ماهي مشكلات أدب الطفل؟
لدينا كتاب تخصصوا في الكتابة للطفل، يعرفون ماذا يريد الطفل وماذا نريد نحن من الطفل ولكن هناك ايضا من يكتب للطفل لأنه فشل في ان يكتب للكبار وهنا استعين بكلمة برناردشو الكاتب الساخر الذي قال: لقد فقدت الطفل الصغير ولهذا انا لا اكتب للطفل الكتابة للطفل كتابة صعبة جدا لأن الطفل لا يقتنع بسهولة بكل ما يكتب له وعلينا ان نكون في مستوى أطفالنا الآن وهو المستوى المعرفي الذي تجمد لدى بعض كتاب الأطفال منذ زمن ففقد ت كتابتهم المصداقية، واعتقد بأننا لابد أن نهتم بكتابة الخيال العلمي وهي من المواد النادرة لدينا فكتابة الخيال العلمي تعتمد على حقيقة علمية أو نظرية مضفور بها الخيال الخصب الذي يضيف إلى حياة الطفل الكثير.
وهناك ندرة في الكتابة للأطفال بواسطة الشعر فالشعراء الذين يكتبون للطفل في غالبيتهم لا يراعون الذائقة الجميلة في كتابتهم أو انهم يكتبون في موضوعات قتلت بحثا ولم تعد على الطفل في شيء، وهناك ثلاثة اجيال من الكتاب للأطفال الجيل الأول يمثلهم «ماما نعم الباز» و«ماما لبنة» وعبد التواب يوسف والراحل احمد نجيب ويعقوب الشاروني وهناك جيل الوسط وجيل الشباب وللآن لم يحظ ابداع هذه الأجيال الثلاثة بالدراسات النقدية الجادة، ولكن هناك دراسات اكاديمية تربوية في كليات وأقسام الترجمة تعتمد على هذا الابداع من الأجيال الثلاثة ولكن للأسف لا تنشر هذه الدراسات حتى يستفيد منها الكتاب والعاملون في ثقافة الطفل، وهناك ندرة أيضا في مسرح الطفل وأغنيات الاطفال فمازلنا نغني الأغنيات القديمة وهذه إحدى المشكلات التي تعاني منها ثقافة الطفل اضافة إلى قلة المجلات ومطبوعات الأطفال فالوطن العربي بكل ما ينتجه من مطبوعات وكتابات لا يصل إلى ما يصل إليه من اصدارات أي دولة أوروبية من العالم الثاني وليس الأول، فأين ورش الكتابة للطفل وأين توصيات المؤتمرات واين لجان المجالس المتخصصة في ضم جيل من الكتاب الجدد عرفتهم المجلات في الدول العربية ولم يعرفهم الطفل المصرى، ونأمل نشر الكتب الجادة على نطاق الوطن العربي كله والتبادل في الخبرات والتجارب التي تتحدث عن ثقافة الطفل وان تترجم ما يكتب للأطفال في أفريقيا وآسيا ولا نكتفي فقط بما يكتب في اللغة الانجليزية والصينية والفرنسية فعلينا أن نقف أمام تجارب هؤلاء الذين ينتمون إلى عالمنا العالم النامي.
نقد الكبار
** بعيدا عن الأطفال ماذا عن أهم أعمالك النقدية؟
رغم أن ما صدر لي من أعمال نقدية كان لها صدى فكتاب أجيال من الابداع الكتاب الذي قدمني للحياة الثقافية النقدية بشكل جيد كناقدة، وقد تناوله مجموعة من الأدباء من توفيق الحكيم حتى هويدا صالح من الجيل الجديد ويضم مجموعة من المقالات التي كتبتها خلال ال10 سنوات، ثم كان الكتاب الثاني الذي صدر باسم «تقاسيم نقدية» وكان عن مجموعة من الكتاب منهم توفيق الحكيم ونجيب محفوظ واحسان عبدالقدوس وفتحي غانم وسكينة فؤاد ومحمد جبريل ومن الأديبات فاطمة يوسف العلي ونعمات البحيري وتناولت أعمالهم من زاوية نقدية وبحثت عن الملامح المختلفة في الابداعات التي كتبت عن المرأة، حيث تحدث الدكتور عبدالمنعم تليمة عن بحثي عن الإبداعات التي كتبت عن المرأة مما نبهني إلى مناقشة فكرة النقد النسائي في رسالة الدكتوراه، وهذه ستكون أهم دراسة نقدية سوف أقوم بها وأنا في سبيلي للانتهاء من هذه قريبا، وهي تتناول مفهوم النقد النسائي وماذا يعني النقد النسائي، فهناك اقسام للنقد النسائي في جامعات الغرب وتنقسم إلى اربعة اقسام هي المدرسة الاجتماعية في لندن والمدرسة النفسية في فرنسا والمدرسة اللغوية التي تعتمد على ان هناك قاموسا لغويا خاصا بالنساء وهناك المدرسة الثقافية وهي التي تجمع الأربع مدارس، والنقد النسائي في الغرب لا يقتصر على النقد الذي تكتبه المرأة فقد يكون هناك رجال يكتبون من منطلق النقد النسائي، وتعود أهميتها إلى أنها الدراسة الأولى في هذا المجال في مصر وتناقش مشكلات المرأة ومعاناتها اليومية ومدى وعي المرأة بكتاباتها والعلاقة بين المرأة والمجتمع وبالتالي سوف تحاول الدراسة تقديم صورة بانورامية لابداع المرأة المصرية والنقد النسائي كما ستتناول الدراسة الأديبات والناقدات الذين كتبوا عن ناقدات مصريات وكتبوا عن الرجال من منظور نسائي، وسوف يخصص فصل كامل عن النقد النسائي في الوطن العربي، ارجو ان يكون بذرة لكتاب يتناول النقد النسائي في الوطن العربي وذلك من خلال الأربع مدارس النقدية.
** هل هناك نقص في الناقدات أو بمعنى آخر النقد النسائي؟
النقاد قليلون سواء من الرجال أو النساء والكتاب النقدي الجاد بعيد عن متناول الانسان المثقف والعادي لعدم وجود منافذ ثقافية مثل مجلات نقدية متخصصة ومن هنا جاءت القلة، والمقارنات النقدية قليلة للغاية وبالتالي اسهام المرأة في مجال النقد جاء متأخرا بعض الشيء، صحيح أن هناك ارهاصات متمثلة في جهود كل من مي زيادة حيث تحدثت عن عائشة التيمورية وسهير القلماوي التي تناولت الف ليلة وليلة وأنا اعتقد ان هذه بداية النقد النسائي وهناك كاتبات يكتبن النقد والأبداع معا منهم د. لطيفة الزيات وفوزية مهران ورضوى عاشور وسمية رمضان وهناك كاتبات تخصصن في النقد فقط ومنهن شرين أبو النجا ود. منى طلبة ود. هدى الصدا وفريدة النقاش والدكتورة نبيلة إبراهيم وغيرهن، ومن العرب سلمى خضراء الجيوشي وزليخة ابو ريشة ومن أهمهن فريال غزول فالآن أصبح لدينا عدد كبير من الناقدات.
** بصفتك ناقدة ما رأيك في الأدب السعودي وتطوراته؟
الأدب السعودي تطور بشكل كبير وسريع خلال الفترة الأخيرة، وأصبح هناك عدة وجوه للكتابة فتوجد كتابة سردية وكلاسيكية وهناك من يتناول قضايا المجتمع السعودي وأيضا هناك من يعتمد على التقنيات السردية والتي تجعل من كتابتهم كتابة طازجة، يدخل فيها الاسطورة والحكاية ففيها نوع من تداخل الأنواع الأدبية في مجموعات والاستفادة من السيناريو.
وتوجد مراحل مختلفة للأدب السعودي وان كان الانتاج الشعري يفوق كثيرا الانتاج الابداعي القصصي والروائي، فالشعر هو الرائد وقد كتبت كثيرا عن الأديبات السعوديات، وإذا تحدثنا عن الأدب السعودي لا ننسى كتابات عبدالله الغذامي واعتقد انها كتابات تستحق المناقشة والمحاورة.
وكذلك سلسلة كتاب الرياض وكانت لها كتابات نقدية مهمة جدا في النقد والأبداع أثرت بها الوطن العربي.
** وما هي آخر أعمالك؟
انتهيت من كتاب للأطفال عن رفاعة الطهطاوي وأملي ان يكون نواة لسلسلة عن النهضة المصرية وقد انتهيت منه وهو نص مسرحي، وسوف تتناول هذه السلسة المشاهير الذين قابلتهم في حياتي مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وأحمد عبدالمعطي حجازي ومصطفى أمين وشخصيات أخرى عشت معهم لحظة استرجاع طفولتهم وهذه المجموعة سوف تصدر في كتاب بعنوان «كنت طفلا».
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
وراقيات
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved