الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 22nd December,2003 العدد : 40

الأثنين 28 ,شوال 1424

ثقافة البيئة..
«ثقافة البيئة» هي العلاقة المُتلازمة بين الإنسان والثقافة، وعلاقة الثقافة بالمُحيط الخارجي ذلك الحيز المكاني الذي يأخذ وجوده في «القصة والرواية» بل هو أحد الشروط الأساسية التي يتم فيها تفاعل الشخوص مع الواقع والمكان فها هي الصحراء المترامية الأطراف ينبجس من بين فتات رملها برعم أخضر يتسامق يتغذى على مفردات الحبر، لتتحصن الحدود الرملية بأعين ثاقبة متفحصة لما تحمله هذه «الصحراء» من معان عدة، تلك هي الركائز الأساسية التي يستند إليها الكاتب أثناء الكتابة لتنثال المعاني ويترقرق جدول العطاء وان لم يكن دون ماء، ولكن حب الأرض الإحساس بروعة الانتماء، كل هذا يجعل الحبر يتدفق بين أروقة الذات فيغمر «ثقافة البيئة» بالمعاني الحية، نستشف ذلك عندما تلتصق حبيبات الرمل بالأيدي هذا هو المعنى الأصيل الذي يتغلغل من خلال روح الكاتب وما تمليه عليه حرية الأفكار.
ومن خلال قراءتي عدة كتب ومجموعة من الأسماء في هذا الوطن شعرت بالزهو وبقيمة الانتماء لأننا نعيش في بيئة معينة نمت بداخلنا منذ الطفولة فهي فطرة يستحيل أن تنتزع من القلب..
فهناك الحب للقرية وما فيها من هدوء يتسرب من شروق الشمس إلى غروبها، حركة عسيب النخل، حفيف الأشجار، حركة الطيور، كل هذا نحتضنه في صورة بيئة رائعة تتثق بحبل أفكارنا، وتجعلنا مشدودين بالفعل للحديث عن ذلك الماضي الذي لا يزال يبني قبة بداخل قلوبنا..
***
من هنا اختار مقتطفات بيئة، إنسانية متجذرة في الفطرة وذلك لدى عدد من الكتاب.
فكما أن للمفردة فضاء واسعاً كذلك هي الصحراء أرض واسعة الكل يضع فيها أطناب فكرة ويشدها بحبل الانتماء والتشبث بالأرض..
فالأستاذ عبدالله الناصر نجد في أسلوبه روعة العبارة وذلك الجدول المنساب في حقول البيئة ما بين الصحراء، القرية، المدينة وما يصاحبه من مفردات حسية تقرع أبواب الذاكرة لتصدر رنيناً جميلاً نشعر به أثناء القراءة بل ونعيش هذا الجو البيئي الصادق «مئذنة تنبت في ذهنه.. تنشق عن غسق الفجر(1) أو عن أصيل راعش يتشبث بعسب النخيل وبيوت القرية.. مئذنة يلتف حولها التاريخ وأجنحة الطيور، وعبق الزهور. والشموخ الذي لا يشيخ».
وللصحراء أيضاً امتدادها وملامحها..(2)
لله هذه الصحراء! كم هي واضحة وغامضة وقاسية، وصلبة، ولكنها أعظم أكاديمية تعلم الفروسية والصدق، والعشق والحب المطلق.
أما القاص الأستاذ عبدالحفيظ الشمري فنجد أن الذاكرة تستند إلى ذكريات الطين وتتفيأ ظل الماضي لتبرق معه جوهرة الصدق بروعة الانتماء والعطاء.. (3)
لا أزعم معرفة الجو تحديداً.. حراً وقرّاً، إذ لو كان بارداً ما تفيأت وأبي ظل الجدار.. شيء مؤكد أخرجه كجوهرة هي معرفتي بوضوح أنني أشفي قمم سرب من أشجار الأثل دون عناء. لقصره.. ونضارته باخضرار..
وعندما يتشبث حب الأرض بالقلب فإنه ينشق بنيان شامخ من العهد، الإخلاص، العطاء الذي لا ينضب كما لدى القاص حسن النعيمي(4).
ولكن لا، لست الجنوي إن لم أنتصر لأرضي.. سأقول لمن يعنيه قولي: إن بيني وبينها عهداً ألا نفترق.
عندما ينقضي وجه الليل، يأتي صباح أبيض، أبلج، من مفرقيه ينسكب ضوء آخر.
نعم الصحراء عالم مليء بالمفردات نستقي منها «ثقافة البيئة» نبذر فيها بذور أحلامنا ونسقيها بكل ما نملك من أجل تقديم ما نستطيع أن نعبر عنه وإن كان «قلم وورق».
القاص «خالد اليوسف» يذكر لنا عوالم الصحراء التي تمتزج بكل ما فيها من جفاف وعبق(5).
«اكتشفت أشياء في علم المعادن وعالمه ومن صحراء الملأ بكل جميل لهيبها.. وشذى رمالها.. وعبق الجفاف، كلها سكنت جسدي ودمائي.
ليس هذا فحسب بل نجد أن الصحراء هي «الأرض الأم» هي «واحة الحلم» بما فيها من قمرها الفضي، لهيب الشمس، حرارة الصيف، زمهرير الشتاء.
إن ثقافتنا المحلية هي ذات تفاعل وانسجام صادق مع «البيئة» ليأتي دور «الفن التشكيلي» في إبراز صورة مُعبرة ذات حس إنساني شفيف لا يصوغ مفرداته إلا «ريشة وألوان».
***
إن ألوان الذوات تتراكم في صميم لغة التعبير ويبقى الدافع الوحيد للعطاء هو ما نحمله من «قدرة» نستطيع أن نتوج على عليائها «ثقافة البيئة، المحلية الإنسانية».


هيفاء الربيع
1 أشباح السراب ص18.
2 حصار الثلج ص 16.
3 دفائن الأوهن تنمو ص23
4 حدث كثيب قال ص26
5 أزمنة الحلم الزجاجي ص 50.

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
وراقيات
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved