الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 23rd January,2006 العدد : 137

الأثنين 23 ,ذو الحجة 1426

العاشقان..في تقييم الشمري؟!

* أخي الأديب الكاتب الأستاذ عبد الحفيظ الشمري:
تحيات المحب، وتقدير المتابع لخطاك على درب الكلمة.. وبعد:
قرأت (احتفاءك)، الذي أُثمِّن موضوعيتك فيه، بروايتي الجديدة (العاشقان) من خلال رؤيتك للرواية على حلقتين ب(الثقافية).
وفي البدء: تحضرني عبارة كاتب عربي يتساءل فيها: (ما حاجتي إلى القول عندما يكون سواي خير القائلين)؟!
وما كتبته عن الرواية: وجدت فيه خير القول عنها، وعقل النقد الموضوعي لها.. فالكتابة عن (الآخر): إشراقة وليست: إظلامة، ولا ينبغي أن (تنزَّ) من شعور ذاتي خاص من الناقد نحو الكاتب.. وهكذا وجدتك - في البدء - قد ارتقيت بقراءتك للرواية، ونجوت وأنجيتني معك من الأسلوب (الدادائي السوريالي)!!
لقد حرصت أن يكون واقع الحياة في الرواية - كما سميته أنت - مستيقظاً بالمعاناة التي ترمز إلى حضانة الشعور العفوي أو العاشق، وإن جاءت لغة السرد: منخفضة، كما رأيتها، أمام لغة العاطفة، لأن النسيج الذي تكونت منه أحداث هذه الرواية جاء من العاطفة.. وإن رأيت أن: (مقاومة تيار الواقع المادي جاءت بمجالدة واضحة).. فهذه المقاومة لا تحتمل الإسقاطات، وإن كانت تلمس جوانب من الفراغ النفسي أو الإنساني.
* * *
* ولأنني - يا سيدي - أجرُّ ورائي تهمة: كاتب رومانسي، فلابد لي من (اقتفاء حساسية الخطاب الإنساني، وتكريس مفهوم نبل الرومانسية)، ولم أتقوقع عند هذا الدافع، بل لأن واقع الحياة تكاد تجف منه الرومانسية، وحسبت أن دوري - ككاتب رومانسي - أن أخدم دعوتي الدائمة إلى العودة لترطيب المشاعر التي سرقتها الماديات، وأقحلت من الحب، والهمسة، ورعشة يدين تتحاضنان.. من هنا: رأيت بقراءتك الرصينة: أن رواية (العاشقان) تمثل صورة حديثة لعاطفة الإنسان الذي زاد اغتراباً.. وهل هناك لمشاعر الإنسان في واقع الحياة اليوم: أكثر من اندفاعه نحو ما وصفه أحد الشعراء ب(المياه المخصَّبة العدم)؟!
واكتشفت - يا أخي - أن للرواية قضية واحدة هي: (ان الحب يحتاج إلى تضحيات)، ولقد أردت أن أذكِّر القارئ في واقع الحياة المادي اليوم: أن (التضحية) من أجل الحب: باتت خرافة، حتى لو رأيت: أن الرومانسي أمام ذات أخرى واقعية لا يصلح لهذا الزمان! لذلك.. جعلت بطل الرواية: رومانسياً حولت من خلاله (موت كل ما هو تلقائي في العلاقات الإنسانية إلى شواهد حية)، وجعلت بطلة الرواية: صورة تجسد الحيرة والغرق وهي تقاوم سطوة التغريب والتغيير، وعذابها في مراوحتها بين العقل والعاطفة.. ولذلك حرصت أن ترفض (جوهر العلاقة) حتى لا تسقط في هذا الصراع الدائم بين العقل والخفقة.. وهو ما يعني: الهروب بالمشاعر!!
* * *
* وفي شخصية بطل الرواية - صوَّرته هو العاشق وحده - والبطلة هي العاشقة لعشق البطل لها.. كأنه يحتمي (بالحلم) ليقوى في وجدانه حتى لو هزمه إصرار البطلة على هزيمة الحب، وإصراره هو على انتصاره.. فالحلم هنا: مجالدة ومحاولة لاسترجاع العاطفة الإنسانية الطبيعية كما تشكل إنسانياً: ذلك الجمال في الإحساس المُعنَّى والمشرَّب بتجربة حزن عميق!!
لقد كان البطل: رومانسياً، ورومانسيته شكلت عناداً لدى البطلة في معنى من الرفض لهذا الاستغراق في العاطفة الذي لا يتفق مع واقع الحياة.. وكانت البطلة: نرجسية، ونرجسيتها انحصرت في (رؤيتها) لواقع الحياة حتى وإن فقدت عاشقاً صادقاً لها!!
إنني لا أزعم أن فكرة الرواية: تجربة جديدة لفكرة قديمة.. لكنني أردت أن أبعث في شعور إنسان واقع الحياة اليوم: لغة إنسانية ترتقي بمشاعر الإنسان، وتقترب من معاناة النفس الأكثر إحساساً.. حتى وإن اعتبر بعض النقاد: أن رواية رومانسية اليوم: لا أكثر من هواجس لا قاعدة لها!!
* * *
* أما (أدب الرسائل)، فأحسبني وظفته لأحداث الرواية: خلفيات للمواقف، وللحدث، وللعلاقة الإنسانية.. فلابد لقارئ الرواية أن يكتشف أبعاداً من علاقة البطل والبطلة، كل مع نفسه وعاطفته.. وفي هذه الرسائل: اجتياح، وامتقاع، وامتلاء وفيض، مما يشكل رابطاً قوياً لجوهر العلاقة الإنسانية، وكيف يخاطب الإنسان نفسه من خلال مخاطبته كتابياً للحبيب أو للطرف الآخر.. وكأن الرسائل تشكل (نهب المعاناة) لحظة كتابتها.. وهي أيضاً: تنفرد بكلمات وصور تلتحم بذلك الاستدرار لإذابة الأزمة بين كاتب الرسائل ومتلقيها!
* * *
* وبعد... يا أخي عبد الحفيظ
لقد أرغدتني كثيراً رؤيتك النقدية للرواية، وأنت فارس في هذا المجال، والأقدر على الغوص في التفاؤل، وفي الإحباط.. في الحلم وفي الارتطام.. فتلمست في أحداث الرواية: حالات ومواقف الواقع المعاصر، وإنسانهما.
أشكرك كثيراً على عنايتك بالرواية، وشغفك بتحليل مضمونها!!


أخوك عبد الله الجفري

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved