الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 23rd January,2006 العدد : 137

الأثنين 23 ,ذو الحجة 1426

استراحة داخل صومعة الفكر
جراح الأمس

*سعد البواردي
جراح الأمس ذكريات.. وجراح اليوم معاناة.. وجراح الغد مفاجآت ومواجهات.. كلها جراح.. دموع.. وألم وعذابات..
الثبيتي عاد إلى ذكريات أمسه يسترجعها بكل ما تحمل من مرارة وقسوة.. ربما ليأخذ منها الدرس لنفسه.. ربما ليسردها على غيره ممن يعانون ويكابدون جراحهم من أجل المواساة.. ربما ليخاطب جراحه نفسها أملاً ألاَّ تستضيفه ذات يوم وقد شبع من مطبخها.. وقد شرب من كأسها الدهاق.. أما وقد عاد بمجموعته الشعرية إلى الوراء استرجاعاً لجرح الماضي فإنه أيضاً يسير بنا إلى الوراء في مقطوعته:
وماتت على شفتي الكلمات
وكنت الرياء وكنت النفاق
وصرّح حبي الذي لم تعد
تعانقه أمسيات العناق
وران الضباب على مقلة
لها في الرؤى الحالمات نطاق
لأن الأماني تردَّت به
فعزَّ التداني وحلَّ الفراق
كلماتك لم تنم على شفتيك، ولم تمت.. وإنما طرحتها شعراً نابض الكلمات.. عرَّيت بها الذين يقتاتون بأفواههم وأقلامهم دون خجل.. ألست العازف عن الملهاة إلى ما هو أسمى، الباحث عن الدرب المضيء، وعن صوت شعره الذي لا يكذب أهله؟ هذا ما قاله قلمك:
أخاف من الوتر المستغيث يغني ويشدو فأشدو معه
لِمَ الخوف.. الخشية لا تصنع لحناً جمالياً للحب.. والفأل والأمل.. الذين يشدون بأنغام الحياة يشيدون صروحها.. احذر يا صديقي تعب القلب وزراية الأدب.. وضبابية الحركة.. سطورك تذكر بغير هذا حتى ولو قلت:
أحنُّ إلى موكب السائرين
وفي الدرب سد صفيق لعين
وفي العين بحر أكفكفه
فيحجب عني الرؤى كل حين
وأحكم قيدي بزخاته
فليس على ظلمه من معين
تجاوز السد بالصد.. أمطره بدموع فرحك حتى يتدفق الماء من فوقه.. وحطم قيدك أنت بنفسك، لا أحد في عالمنا البائس يحطم قيد غيره. لست وحدك الذي طرح رسالة الشكوى.. حمامتك أيضاً شاكية:
أحمامتي لا تحزني
إني دفعت الحزن عني
غنِّي مع الأسحار لل
حب وفي الحب تهنِّي
لا تقتلي زهر الشب
اب فرب يوم لم تحنِّي
غريب عالمنا الجائع يغني للحمامة ثم يضعها مضغة بين فكيه يزدردها في شهية وهي في زهر شبابها.. نحن نغني لأنفسنا ونضحك عليها أليست رمز السلام.. أين هو سلامها الذي ينتهي بدم؟ خصومنا يقتلون السلام بالسلاح من أجل أن نستسلم لإرادة مطامعهم.. تماماً كما هي الحال في رمزه المسالم الضحية.. لندع الحمام الشهي في بطوننا، ونهرع مع شاعرنا الثبيتي نحو الحقيقة المرة:
ظهرتَ لي في النور ما أروعك
لأن طير الحب يشدو معك
تهفو إلى الدنيا وإمتاعها
ولا ترى في الحب من ودَّعك
والحضن منه سقطت دمعة
وأنت منقاد لمن روَّعك
تبكي على درب وقد سرته
لأن فيه خادع روعك
المرتاعون والملتاعون كثرة في دروبهم إما خديعة وغدراً.. وإما فجيعة وضعفاً.. الحياة غابة يطال فيها القوي الضعيف، والماكر البريء. هذه المرة لا يشتكي الوجع.. وإنما يطلب ناراً مشتعلة تحرقه لا لتدفئه من لسع خريف الحياة.. لماذا؟
اشتعلي يا نار في أضلعي
وجفِّفي ما سال من أدمعي
كوني على درب الهوى جمرة
أضواؤها كالقبس الألمعي
كوني دواء لفؤادي الذي
يقودني قسراً إلى مصرعي
غضبة ما بعدها غضبة تحرق بخور الوهن في داخله وتذر رماده في بحور أمواجها لا تعرف الرحمة.. بهذه الثقة القوية في النفس يمكن لمد الألم الكبير أن ينحسر.. شريطة ألاَّ تتراجع الإرادة القوية عن قرارها.. أن تحتضن الضلوعُ اشتعالَ نار القبس..
لا أميل كثيراً إلى بكائيات الفكر؛ لأنها خطاب ضعْف على رغم أني أستعذب عذابه من باب الشفقة والرحمة.. وشاعرنا طرح بكائيته.. ومن حقه علينا أن نكفكف دموع الباكي.. وجرح الشاكي.. الشعر يستوعب في محيطه الأشياء كل الأشياء حتى تلك التي تنال من خاطرك.
تألَّقي بين أتراب وعشاق
ثم اتركيني لتفكيري وأطراقي
مفردة (أطراقي) يُستحسن أن تكون الهمزة تحت الألف (إطراقي).
ولا لهوينى على طرف يؤرقه
بؤسي وفقري وتقتيري وإملاقي
قد أزجر القلب حتى لا يحطمه
سحر يشع له من مقلة الساقي
كنا هنا ونجوم الدرب تجمعنا
والآن بنا، وما في الدرب من باق
يمتد به لحنه الحزائني التائه كذلك الزورق التائه في عباب البحر الواسع.. الذي أفضى إلى غياب حلم:
واليوم غبنا، وغاب الحلم وانقطعت
أواصر الشمل فلنبكيك (يا....)
لم يكمل شطره الأخير، بل تركه للتخمين والحدس.. لم يبق من مفردات خطابه بدائل غير (راقي) أو (واقي) أو (شاقي) من الشقاوة.. الحكم له.. (قلوب تحت القدم) مسكينة تلك القلوب التي تدوسها أقدام العاشقين الذين يرون الحب ملهاة أو إذلالاً أو تشفِّياً أو ضعفاً.. وهم لسوء حظنا متواجدون.
كم من قلوب في هواك تعذبت
فوضعتها عقداً على ساقيك
العقد لا يرتفع إلى الأسفل كما يقول الشاعر الساخر:
فيا له من عمل صالح يرفعه الله إلى أسفل
وإنما إلى أعلى إلى الصدر.. حين يشد ويعلق على الساقين يتعفر بالتراب والمذلة.. والحب الكبير لا يرضى صاحبه الانحدار إلى الأسفل، وخصوصاً مع طيف أو ضيف لا يقدس الحب، ولا يستحق القلادة حتى على الساقين.. ما دمت يا صديقي باعتراف قلمك وعلمك تهوى الحياة رخيصة دون أن تجد الحياة؛ لأن الحياة أكبر من أن تتعفر بالدنو، لماذا رميت بقلبك تحت قدميها.. احتفظ لنفسك بكبرياء حبك.. وأسدل ستارة النسيان على من تنكر.. ولم يتذكر.. (لا تلومي الهوى) درس يسوقه لمن يهوى:
لا تلومي الهوى، لماذا الملامة؟
فالهوى شعة ليوم القيامة
كل أيامنا شقاء.. وحب..
جروح ومحبة وسلامة
وددتُ لو جاء ترتيب الشطر الأخير على النحو التالي كي يستقيم جداره أكثر:
وجروح، محبة، وسلامة
إنه ما زال عالقاً بشباكها ينتظر منها الإفراج عنه:
لا تلومي متيماً في هواه
كل يوم يحكي علينا غرامه
يطلب منها أن تضحك عند شروق الفجر كما لو أنها حمامة تنتفض من وكرها مستقبلة بداية ضوء النهار.. كي يضحك لضحكتها وينفك من تبعات الملامة التي تعشعش في ظنه.. ومن اللوم إلى القبلة انفراجة تبعث على الرضى.. حتى لو جاءت حزينة كما وصفها وعَنْونها:
قبلة الحزن أحرقت شفتيا
ثم طارت بنا مكاناً قصيا
شعلة تحرق الجمال رؤاها
بعد أن كان بالمفاتن ريا..
وفؤاد رميته في لظاها
ليته شعري هل كان للآن حيا؟!
سؤال أنت أدرى بالإجابة عنه.. أليس فؤادك يا شاعرنا الذي توسَّد الجمر.. نار الحب حين تحرق لا يبقى من الحب إلا الدخان والرماد. بين تموجات الشِّعر - بتشديد حرف الشين وكسره - وبين تموجات الشَّعر - بتشديد حرف الشين وفتحه - نقطة لقاء تضبط الحركة إيقاع تموجاتها..
الشِّعر عدسة لاقطة.. والشَّعر صورة كثيفة متحركة كلاهما يفضيان إلى تكثيف الصورة وألوانها.. وعنوانها، ماذا قال شاعرنا؟
فيكِ يحلو الشَّعر، والشعر شهاب من جهنم
لست أعلم!
غير أني شاعر في كل ضوء يترنَّم
كل ما في الكون من حسن، وحب، وجمال
وشهامات الرجال..
أين الشَّعر الذي رسمه شعراً؟!
تحت ذاك الشَّعر من غير حراب تتحطم..
لست أعلم..
كثير يا صديقي الثبيتي أن يتحطم الكون بجماليته وعاطفته من خصلات شعرها الكستنائي أو الذهبي أو الكحلي.. أليس في هذا الكثير من الإسراف؟!
إنما في شعركِ الكحلي نور يتوهج..
الكحلي والنور مسألة فيها نظر.. الكحلي والنار أيضاً مسألة فيها نظر.. الليل في تموجاته أقرب إلى الذهن، أليس كذلك؟!
يمضي في توصيفه وتوظيفه لمفرداته شأواً بعيداً الحب يتدرج في حنايا نفسه أو ضلوعه دون مخرج، سفينة هيامه أبحرت في عينيها.. إلى هنا وتصمت قيثارة الشِّعر عن معزوفة الشعر.. وهي طويلة ذات مقاطع كثيرة يطول سردها..
(ساعة انتظار).. والانتظار غالباً أشد من القتل؛ لأنه مسحة غيبية بنتائجها ومفاجآتها:
اتركيني في انتظار الوعد مسجوناً رهينا
اتركيني وامرحي ما شئت بين المعجبين..
رغبة يمزجها الهراء والسخرية الواضحة:
أهمليني إنني غر، وأحرقت السنينا
لا تلامي إن طعنتيني برمح لن يلينا
لا تراعي إنني فيكم غريب أجمعينا
الغرابة أنك غريب.. والغريب طبعه أديب يدع الغرباء لشأنهم ويبحث عن الأقرباء الذين يعرفهم ويعرفونه ويقدرونه حق قدره..
ولكن الحب أحياناً أعمى، إنه يجتاز حدود المعرفة ويفرض نفسه قسراً دون مبالاة.. وهذا ما صنعه مع شاعرنا الذي بدا في تعلقه بها أشبه بالعصفور السجين الذي ينتظر خروجه من القفص:
إنني أهواك حباً ملأ الروح حنينا
فلماذا تجعلين الحب عصفوراً سجينا
(عربي مرهق) و(ليلة من ليالي الراق) و(الداء والدواء) و(القيد) أستميح شاعرنا عذراً إذا ما تجاوزتها لضيق مساحة الاستراحة. ونقف معاً أمام مناجاته لحمامته:
حمامتي لا تحزني إني كثير الشجن
إني سئمت من تصاريف الهوى والمحن
يرغب إلى حمامته أن تغني كي تبدد وحشته وصمت الأشياء من حوله:
حمامتي غنِّي وهاتيها بصوت محزن
لو أنني في صوتك الدافي وعن حبي غني
ما تهت في دربي ولا فارقت يوماً وطني
نترك لشاعرنا لحظة انتظاره الثانية مكتفين بساعة انتظاره الأولى، ونمتطي معه سفينته وهي تمخر عباب البحر بعد أن ضاق باليابسة وأحرق في سلاتها أوراقه وأحلامه وأخيلته:
أسير في هذه الدنيا بمركبة
تسوؤني عند إرعادي وإبراقي
سيرتها وزئير الموج يرعبها
فأجهشت بين تأنيبي وإشفاقي
أليس هدير الموج أقرب إلى الوصف من الزئير؟! المركبة العائمة الهائمة بعيداً عن أحضان الشط ترقبه في شوق العودة:
نرجو من الشاطئ الولهان يحضنها
وكنت أحضنها ما بين أعماقي
يا ساري البرق، والذكرى تؤرقني
هل بعود إلى فقري وإملاقي
يبدو أنه استدرك خطأ سيره، شعر أنه يستجير من الرمضاء بالنار، فمتى العودة لأخف الضررين.. تمنى لو أن الحب شراب يرتشف قطراته العذبة من كأس، ولكن الحب لا يُشرب - بضم الياء - وإنما يَشرب - بفتحها - وأحياناً يشرق شاربه:
اشرب الحب فما الحب سوى
دفقة من همِّ قلب محرق
واستلب من مشرق النور سنا
من غلالات الصباح المشرق
فلعلَّ الهم عنا ينجلي
وتغني للفؤاد القلق
إنما الدنيا ومن فيها إلى
أنة حرَّى وشر محدق..
ليس دائما يا صديقي.. أحياناً كأسها حلو.. وأحياناً مرٌّ كالعقلم.. لنا يوم، وعلينا يوم.. لا سعادة مطلقة ولا شقاء مطلق، ربح وخسارة، عافية ومرض.. حياة وموت.. هاأنت عشت يوماً من عمرك فرحاً مرحاً أمام فاتنة أثينا:
لاعبي خصركِ النحيل
واطعني قلبي العليل
يا مجالاً معربداً..
فيه إغفاءة الأصيل
همسكِ الحر دفئه
كان ناراً على الفؤاد
كم أضاء سناؤه
خاطر حالك السواد..
إلى آخر أخبار ذلك المشهد الوصفي لحوراء يونانية.. مطلق الثبيتي مغرم بوجع الحب، ما إن يُشفى من واحدة حتى يشقى بأخرى - طبعاً شعراً، والشعراء يقولون ما لا يفعلون.. هذه المرة أحس بالوحدة والغربة مع أطياف حبه المتراقصة.. التي غابت وتركته لأحزانه يجترها وحده.
عذبي قلبي فما قلبي سوى
لعبة في كف مَن يهوى اللعب
وخذي من خفقة أنشودة
تعزف الحزن على ناي طرب
ثم كوني آية في زهوها
تضحك الكون إذا الكون غضب
وتحدي لاعجاً في أضلعي
ثم قولي: (أنت للحزن السبب)
رسائل ولهة لا تنقضي.. وإنما تتتابع كرخات ريح خريفية تطرق نوافذ دار تسكنها الوحشة.. فمن الشبيهان إلى رسالة من وراء البحر.. إلى الغد المنتظر، إلى همِّ الحب.. إلى شموع ودموع وصولاً إلى تباكٍ كفاية إلى مقطوعته (لا تعصري الشمع)..
لا تعصري الشمع إن الشمع دفق دمي
أنا وأنتِ وهذا الشمع نحترق..
لقد رأيت عيون القلب غافية
ونحن في همنا في بؤسنا أرق
الليل يلبسنا، والخوف يعصرنا
لأننا نلتقي يوماً ونفترق
فليت شعري متى تصفو الحياة لنا
وفي حمانا زهور الروض تعتنق؟
عذوبة الحب في عذاباته.. لولا مرارة الجوع ما استشعرنا لذة الطعام، ولولا الظمأ ما استعذبنا حلاوة الماء، ولولا الفراق ما جاءت فرحة اللقاء.. الحياة رتيبة في إيقاعها.. حتى الزهور المتفتحة في حقلك على لمسات الربيع سوف تذبل وتجف على قبضة الخريف.. (شمعة على الكف) هي الأخرى مشهد موت وحياة..
تموت على راحتينا الشموع
وتسقط من مقلتينا الدموع
ونحيا مع الحب أغنية
وعطراً على كل روض يضوع
ونسرق من كل زهر شذا
ونزرع في كل روض زروع
هذه شمعة حصادها أغنية حب، وعطر، ورياض يانعة.. على رغم موت الشموع وتساقط الدموع.. توازن بين حالتين ووجهين لعملة حياة واحدة.
(عندما قالت تعوج) و(مآسي الحب) و(الصمت الرهيب) و(الدرب الطويل) يغلب عليها الشجن والإجهاد كغيرها نالنا ونال شاعرنا منها الكفاية.. سنبحث معه عن أغنية.. أو أمنية ندغدغ بها حواسنا وتمنحنا جرعة من راحة بال.. وجدتها:
ليت شعري متى تذوب المآسي
ثم نلقى من الهموم استراحة
تغزل الحب للحياة رداء
وتضيق بين القلوب المساحة
والزهور جميعها باسمات
والحياة محبة.. وصراحة
استرحنا قليلاً.. علينا أن نعاود السير فيما تبقى من شعر شاعرنا مطلق حميد الثبيتي المعنون (جراح الأمس).
استوقفت القافلة لافتة (حياة المحيط) عنوان لافت للنظر.. ولعجابة الخبر تسللنا إلى أعماقه كي نشهد عمق أعماقه وعالمه الظاهر والخفي:
لقد سحرتنا مياه المحيط
ففيها من المغريات خليط
نسير على شاطئيه كسالى
وفينا الذكي وفينا العبيط
ونطبع للحب أشرطة
فلم يبق في الحب منها شريط
ولكن للحب أعجوبة
إذا ما انتهى للفؤاد البسيط
بعض ملامح للمشهد.. محيط الماء كمحيط اليابسة حين نعيش ونتحرك، إنه مليء بالخليط المتنافر من الأشياء كل الأشياء الجميلة منها والقبيحة.. لعل أحدها مرض العصر الذي تحدث عنه شاعرنا بقوله:
كل يوم يمر يقطع شيئا
من فؤادي، وقد كرهت فؤادي
ليتني كنت في الحياة بليدا
وتركت مشاكلي في بلادي
لو جعلت الرياء سيفي ودرعي
وتحديت خافقي في عناد
صرت في القوم فارساً أتباهى
برماحي، وعدتي، وجيادي
حسناً إن طرحت الرياح جانباً بكل عدده وعدته.. الرياء لا يكسب معركة.. ولا يحقق نصراً مهما كانت غنائمه.. إنه صوت هزيمة.
وعودة إلى البحر من جديد من خلال منظار جديد ومنظور مختلف:
حياتنا بحر يموج بنا
وحبنا في موجه سمكة
وكل ما نهوى وما نشتهي
طيف فما في حبنا بركة
لو نفقد المال وسلطته
لم يبق في أعضائنا حركة
طلب المال ليس عيباً.. العيب ألاَّ نستثمره قوة تضاف إلى قوتنا.. أعظم دول العالم باقتصادها القوي أمكن لها أن تمد مصالحها عبر المحيطات لصالحها.. بالمال حين يحسن توظيفه تتحقق آمال كثيرة.. وأعمال كثيرة؛ لأنه عصب الحياة وقواعدها الراسية..
وأخيراً نرتاد البحر من جديد ونمتطي الزورق المبحر التائه دون غاية كذلك العمر الضائع بين البداية والنهاية:
زورقي مبحر إلى غير غاية
ضاع عمري وما وصلت النهاية
والمجاديف تطعن الموج حقداً
كلما عربدت بغير غاية
والمصابيح تقتل الليل نوراً
وترى أنها طريق الهداية
لا ترى أنها شعاع حقير
ينتهي سحرها، وقبل النهاية
ونحن بدورنا انتهينا.. امتطينا زورق شاعرنا مطلق الثبيتي وجدفنا بمجاديف شعره.. وألقينا جميعاً شراك صيدنا في أعماق بحر قصيده.. وكان حصاد الرحلة جنياً جمعناه على وقع مزماره الشجي لحوناً تغني للألم بحثاً عن الأمل.. للوجع بحثاً عن السعادة.. وللحرمان بحثاً عن الكفاية.. الصيد في شباكه متماثل وددت لو أن صنوفاً احتوته في تنوع أغراضها الإنسانية وهي كثيرة مثيرة وجديرة بالكسب..
إن شاعرنا بما قدم من عطاء أكد قدرته على ملامسة الجرح ونزيفه.. بقي عليه أن يلامس دواء الجرح وإيقاف دمه في عطاء جديد هو الجدير على صياغته في المستقبل المأمول.. لأنه شاعر يمتلك ناصية الشعر.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved