| رَاعَ قَلْبِي مَا رَأَى مِنْ دَهْرِهِ |
| حين أخفى جَهْرَهُ في سِرِّهِ |
| وَبَدا مِيْزَانُهُ مُضْطَرباً |
| مَا عَرَفْنا خَيْرَهُ مِنْ شَرِّهِ |
| كَمْ بِهِ مِنْ مُبْدِعٍ أَقْلامُهُ |
| هَطَلَتْ فيْنَا بِسُقْيَا فِكْرِهِ |
| وَجَرَى الإِبْدَاعُ نَهْراً صَافِياً |
| مَا أُحَيْلَى شَرْبَةً مِنْ نَهْرِهِ |
| فَإذَا بِالكَوْنِ يَغْلِي جَسَداً |
| تَتَلَظَّى نَارُهُ فِي صَدْرِهِ |
| وَإِذَا بِالدَّهْرِ رِيْحٌ تَحْتَوِي |
| رَوْضَهُ تَجْتَثُّ أَنْدَى زَهْرِهِ |
| وَالدُّجَى مَدَّ يَداً تَخْنُقُهُ |
| وَتُوَارِي صَوْتَهُ فِي صَبْرِهِ |
| لَمْ يَنَلْ إِلاَّ سَرَاباً إنَّمَا |
| عَاشَ صَقْراً لَمْ يُنَلْ مِنْ قَدْرِهِ |
| وَإذَا يَوْماً طَوَاهُ المَوْتُ كَمْ |
| أَعْيُنٍ فَاضَتْ أَسًى فِي إِثْرِهِ |
| عَجَباً يَا أيُّهَا المُبْدِعُ مِنْ |
| دَهْرِنَا بَلْ عَجَباً مِنْ أَمْرِهِ |
| لَمْ يُفَرِّق حِيْنَ وَافَاهُ السَّنَا |
| مِنْ تُرَابٍ شَعَّ أَمْ مِنْ تِبْرِهِ؟ |
| وَاسْتَوَى مَنْ رَاحَ يُغْضِي طَرْفَهُ |
| لَكَ فِي إِكْبَارِهِ أَوْ كِبْرِهِ |
| أَيُّهَا المُبْدِعُ لا تَيْأَسْ وَإِنْ |
| نَالَكَ الدَّهْرُ بِدَامِي ظُفْرِهِ |
| وَاحْتَسِبْ إِبْدَاعَكَ السَّامِي رُؤًى |
| عِنْدَ مَنْ يُعْطِيكَ أَوْفَى أَجْرِهِ |
| فَلَكَ اللهُ وَمَنْ لاذَ بِهِ |
| نَالَ مَا يَرْجُوهُ لَوْ فِي قَبْرِهِ |